أرشيف صحيفة البلاد

الأزمات تحاصر الملالي .. هبوط الريال الإيراني يشعل التظاهرات

طهران ــ وكالات

مع استمرار الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية المنتظمة في جميع أنحاء ايران، غرق نظام الملالي فى الأزمات المستعصية التي تسببها سياته التوسعية فى المنطقة بدعم الارهاب والاستقوي بالمليشيات الطائفية فى سوريا والعراق واليمن، هذا فيما نزل مئات المتظاهرين إلى شوارع العاصمة طهران، احتجاجا على أحدث هبوط للعملة المحلية (الريال) أمام الدولار الأميركي.

وهوى الريال الإيراني إلى مستوى قياسي جديد مقابل الدولار الأميركي، في السوق غير الرسمية، الأحد، مواصلا خسائره وسط مخاوف من عودة العقوبات الأميركية، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران.

وبحسب موقع الصرف الأجنبي (Bonbast.com)، الذي يتابع السوق غير الرسمية، فقد عُرض الدولار بسعر يصل إلى 87 ألف ريال، مقارنة مع حوالي 75 ألفا و500 ريال، الخميس، وهو آخر يوم تداول قبل عطلة نهاية الأسبوع في إيران.

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية، أن الدولار ارتفع إلى 87 ألف ريال، من حوالي 74 ألفا قبل نهاية الأسبوع، في السوق السوداء، ونشرت مواقع إيرانية عدة تقارير مماثلة.

وتتراجع العملة الإيرانية منذ شهور بسبب الأداء الاقتصادي الضعيف والصعوبات المالية في البنوك المحلية والطلب الكثيف على الدولار بين الإيرانيين القلقين من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وتجدد العقوبات الأميركية على طهران، بما قد يقلص صادرات البلاد من النفط وغيره.

وتدخل بعض العقوبات حيز التنفيذي بعد مهلة “تصفية أعمال” تبلغ 90 يوما، وتنتهي في 6 من أغسطس المقبل، وأهمها العقوبات، التي تستهدف قطاع البترول، بعد مهلة 180 يوما تنتهي في الرابع من نوفمبر القادم.

وأفادت وكالة إيرنا الرسمية بإضراب “بازار طهران” الشهير وسط العاصمة الإيرانية بعد أن وصل سعر الدولار والذهب إلى أرقام غير مسبوقة حيث تخطى لأول مرة خلال 40 عاماً، ثمانين ألف ريال إيراني في الوقت الذي عمد فيه الرئيس حسن روحاني بمنع نشر تعليقات المواطنين على صفحته في تويتر وصفه المتابعون بأنه تهرب من أسئلة حول حلول الحكومة للأزمات الحالية.

وأفاد راديو زمانه، نقلا عن مصادر إعلامية أن إضراب بازار طهران، الذي بدأ صباح امس “الاثنين”، يأتي احتجاجا على هبوط العملة الوطنية أمام الدولار، حيث وصل يوم أمس إلى 90 ألف ريال مقابل الدولار الواحد.

وأعلن تجار بسوق طهران الكبير إضرابا مفتوحا عن العمل، وأغلقوا أبواب محالهم التجارية اعتراضا على التدهور الاقتصادي المتلاحق، وسط فشل حكومي في التوصل إلى حلول سريعة

وذكرت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية من بينها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، أن الاحتجاجات اندلعت بعد وصول الدولار إلى أسعار قياسية أمام التومان، الذي تدنى لأسوأ مستوياته التاريخية، في الوقت الذي يضرب كل من الغلاء والكساد هذه الأسواق على مدار الأشهر الأخيرة.

وهتف المحتجون في أسواق مجمع “علاء الدين” التجاري، مهد الاحتجاجات الجديدة والرائج به تجارة الهواتف الخلوية، وسوق الذهب بميدان سبزه، وكذلك سوق طهران الكبير، وسوقي قيصرية، وأمين حضور لتجارة الأجهزة المنزلية ضد دعم نظام الملالي المليشيات الموالية له في كل من اليمن، وسوريا، والعراق وغيرها.

تزامناً مع هذه الاحتجاجات أثارت صور منتشرة للرئيس الإيراني يظهر فيها وهو في نزهة بزي رياضي هجوم واستياء رواد مواقع التواصل الاجتماعي في إيران، حيث انتقد النشطاء الإيرانيون إهمال روحاني للأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تضرب البلاد.

وبعد ساعات من نشر صورة روحاني وهو في نزهة ووصول الدولار إلى 90 ألف ريال إيراني، خرج المئات من أصحاب المحلات والمواطنين الإيرانيين في مظاهرات، رفعوا خلالها شعارات سياسية واقتصادية، مثل: “اخرجوا من سوريا وفكرا في حالنا”.

ونشر ناشطون عبر مواقع التواصل صوراً ومقاطع فيديو، تظهر تجمعات وحشوداً غاضبة من سياسات الحكومة الاقتصادية وإغلاق المحلات التجارية وسط العاصمة الإيرانية.
يذكر أن إضراب بازار طهران عام 1979 وهو نبض الاقتصاد الإيراني كما يطلقون عليه، كان من بين العوامل الرئيسية في سقوط حكم الشاه، حيث أسهم كثيرا في خروجه من البلاد دون عودة.

هذا في حين امتنعت مكاتب الصرافة في العاصمة طهران عن بيع أو شراء العملات الصعبة، لاسيما الدولار خوفاً من تقلبات العملة الشديدة.
ويروي بعض المواطنون الإيرانيون عبر شبكات التواصل الاجتماعي أن انهيار العملة الوطنية بات يؤثر مباشرة على الحياة اليومية، حيث ارتفعت الأسعار الغذائية بشكل مطرد، يقول بعضهم إنهم يقومون بشراء وتخزين المواد الغذائية لمدة أسبوع خوفاً من ارتفاعها خلال هذه المدة.

فيما تسعى مليشيات نظام الملالي بشتي السبل لإنقاذ هيكل نظام ولاية الفقيه القمعي من السقوط المدوي، غير أن التحرك يبدو أنه جاء في الوقت الضائع.
ويأتي التحرك بعد فوات الأوان لا سيما في ظل ارتفاع وتيرة الغضب الشعبي مؤخرا لأسباب عدة بينها سياسي، واقتصادي، واجتماعي منذ احتجاجات يناير ، إضافة إلى معطى جديد في المعادلة فرض نفسه وهو العقوبات الأمريكية المنتظرة، على إثر انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي المبرم بين طهران وقوي عالمية قبل 3 سنوات.

وتشير تقارير رسمية، بحسب شبكة إيران واير، إلى انخراط كل من مليشيات الحرس الثوري والباسيج (التعبئة العامة) في خطط ومشروعات زراعية تشمل نحو 9000 موقع في قري إيرانية صغيرة منذ عام 2013، لدعم المزارعين بزعم تأمين الاحتياجات الغذائية من الحاصلات الزراعية للمواطنين الإيرانيين، قبل أن تُعلن المليشيات نفسها عن طرح خطة جديدة تحمل اسم “إنقاذ الزراعة”، في ظل تفاقم الأزمات البيئية التي يأتي على قمتها الجفاف، وشح المياه العذبة.

واعترف قائد مليشيات الثوري الإيراني محمد علي جعفري، في أبريل الماضي، في كلمة بمناسبة احتفالية للإعلان عن تلك الخطة الخاصة بالزراعة والتي تشرف عليها مليشيا الباسيج، أن أهدافها تتمثل في نقل الخبرات الزراعية، وتحسين جودة المحاصيل، إضافة إلى اجراء اختبارات على بعض المحاصيل.

وأضاف جعفري، أن تلك الخطط تستهدف سد الاحتياجات المحلية من القمح، والشعير، والذرة، والشلجم الذي تستخدم بذوره في استخراج الزيوت، قبل أن يصف تلك المشروعات بـ “القومية”؛ فيما اعتبر غلام حسين برور رئيس منظمة التعبئة العامة “الباسيج” أن الخطط المذكورة تستهدف مواجهة آثار العقوبات الدولية المفروضة على إيران بسبب سياساتها العدائية، وتقليل اعتماد البلاد على استيراد المحاصيل الاستراتيجية.

ويتعاون مع تلك المليشيات في تنفيذ هذه الخطط منظمة الدفاع المدني الإيراني التي تخضع لسيطرة المرشد الإيراني علي خامنئي، والتي يتولى رئاستها الجنرال البارز غلام رضا جلالي، أحد قادة الحرس الثوري السابقين، حيث تضطلع تلك المؤسسة بدور غير عسكري يعتمد على آليات الحرب الناعمة، والحشد الجماهيري، إضافة إلى تأمين مصادر المياه، والغذاء، والتجهيزات اللوجيستية اللازمة.

ولفتت شبكة “إيران واير” إلى زيادة نشاط تلك المليشيات بشكل ملحوظ بالقرى الإيرانية في الآونة الأخيرة مع تفاقم أزمة الجفاف بالبلاد إلى حد خروج احتجاجات شعبية من المزارعين اعتراضا على تدهور أوضاع محاصليهم، حيث ينتشر نحو 6000 شخص داخل أكثر من 40 ألف قرية على اعتبارهم مرشدين ومدربين زراعيين، في الوقت الذي وصلت الأمور إلى وضع مزر للغاية، بسبب المشاكل البيئية.

وتتغلغل قوات الباسيج، المعروفة باسم قوات التعبئة العامة، بشكل واضح داخل كافة المؤسسات الإيرانية الرسمية لحماية نظام الملالي بالدرجة الأولى، وقمع أي اضطرابات شعبية، إضافة إلى انخراطها في مشروعات اقتصادية تدر عوائد ضخمة على عناصرها دون خضوعها لمراقبة حكومية، حيث يستخدم جزء منها في دعم مليشيات عسكرية موالية لإيران خارج الحدود.