عند وصوله الى معرض \" العصر الذهبي للعلوم عند العرب \" في المتحف الوطني في دمشق، يقرأ الزائر عبارة قديمة تؤكد ان \" العلم اوله مر مذاقه لكن آخره احلى من العسل \" .
وافتتح المعرض الذي ينظم في اطار احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية ٢٠٠٨، بحضور رسمي رفيع في مقدمته زوجة الرئيس السوري اسماء الاسد ومدير معهد العالم العربي في باريس دومنيك بوديس، ووزراء ودبلوماسيون .
ويحتوي المعرض على مجموعة من المواد السمعية والبصرية يشكل بعضها نماذج ونسخا عن المجموعة الاصلية للقطع الاثرية التي عرض في معرض حمل الاسم نفسه واقامه معهد العالم العربي في باريس سنة . ٢٠٠٥ وكان هذا المعرض جمع مواده من متاحف اربعين دولة .
وقد اضيف في دمشق الى نسخة معهد العالم العربي، حوالي ٨٠ قطعة اثرية في مجال العلوم العربية المختلفة من مقتنيات المتاحف السورية .
وقال مدير معهد العالم العربي في باريس دومينيك بوديس لفرانس برس ان المعرض \" يبين القدرات العظيمة للعصر الذهبي للعلوم العربية \" .
واوضح ان المعرض يأتي نتيجة تعاون مشترك بين فرنسا وسوريا، مشيرا الى ما يميز \" النسخة الحالية \" من المعرض هو انه \" بدون الروائع الاثرية السورية سيبدو اقل جمالا، وبدون اعمال الفيديو والرسوم والكتابة التي حققها معهد العالم العربي سيكون المعرض اقل اهمية \" .
واشارت حنان قصاب حسن الامين العام لاحتفالية دمشق، الى ان كتابا عن هذا المعرض سيصدر في دمشق خلال ايام \" وسيكون مرجعا علميا وتوثيقيا قيما \" .
واكدت في كلمة في الافتتاح دور المعرض في \" التاكيد والاحتفاء بعمق العلاقة التي تربط طرفي المتوسط \" .
ويأتي المعرض بعد دعوة السيدة اسماء الاسد لانتقاله الى دمشق خلال زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى فرنسا، كما اوضح دومينيك بوديس خلال كلمته في الافتتاح، مشيرا الى ان المعرض ياتي \" في اطار العلاقات السورية الفرنسية المتطورة \" .
ويمتد المعرض على مساحة ٦٠٠ مترا مربعا، ويتضمن شروحات وخلاصات تمثل استعراضا لما وصلته العلوم عند العرب المسلمين، في مختلف مجالات الرياضيات والفلك والطب والكيمياء والصيدلة والتنجيم والميكانيك وصولا الى الموسيقا وربطها بالعلم .
ويبدأ هذا العصر \" الذهبي \" للعلوم بفترة النقل والترجمة واستيعاب العلوم القديمة التي امتدت من نهاية القرن الثامن الميلادي وحتى بداية القرن العاشر .
وهو يستمر ليبلغ ذروته مع الانتقال الى مرحلة الانتاج والابداع عبر تطوير العلوم القديمة والابتكار فيها، واختراع الالات العلمية والتقنيات اضافة الى التاليف، وهي معارف وعلوم انتقلت عبر الترجمة او بشكل مباشر \" وشكلت \" . . . \" المادة الاولية لنهضة العلوم في اوروبا \" ، بحسب التقديم للمعرض .
ويبوب المعرض موجوداته في ثلاثة اقسام، الاول منها حول \" السماء والارض \" ويعرض علوما ساعدت على المراقبة والمقاييس والوصف والتكهن، بينما يقدم القسم الثاني العلوم المختصة ب \" الانسان في بيئته \" .
كما يتحدث عن العلوم التطبيقية والعلوم والفنون الذي يكتشف العلاقات ما بين النظريات العلمية والمزاولات الفنية . ويعتمد المعرض على مواد سمعية بصرية قادمة من معهد العالم العربي .
وتنتشر في كل قسم شاشة فيديو صغيرة تعرض مقابلات مع علماء واساتذة في الجامعات الفرنسية وتقدم توضيحات وشروحات حول بعض الآلات القديمة وعملها، ومنها الاسطرلاب وحول طبيعة الانجازات العربية الهامة في بعض العلوم كالرياضيات والطب والفلك .
ويشمل المعرض مجموعة من القطع الاثرية السورية تنتمي الى حقب مختلفة، وتدعم موضوعه منها انواع من الاسطرلابات وادوات جراحية كانت تستخدم قديما وادوات مخابر الكيمياء والصيدلة، ونسخ من مؤلفات لكبار العلماء العرب ومن اهمها نسخة من كتاب \" القانون في الطب \" لابن سينا \" ١٠٣٧ – ٩٨٠ م \" تعود الى القرن السادس عشر .وتنتشر في اقسام العلوم المختلفة تعريفات باهم العلماء العرب الذين برزوا فيها وانجازاتهم، من الخوارزمي \" مبتكر علم الجبر \" الى ابن الهيثم في علم البصريات وابن سينا في الطب والفلسفة وآخرين غيرهم . ويجد الزائر مجموعة من الخرائط القديمة التي رسمها العرب، ويستمع الى شروحات عن كيفية وضعها واستخدامها .
ويقول المدير العلمي في معهد العالم العربي بباريس اريك ديلبون ان الهدف الاساسي من فكرة المعرض واقامته \" في فرنسا \" كان \" توعية الناس باهمية العلماء العرب لانه في الخمسينات والستينات ظن الناس في اوربا ان دور العلماء العرب ينحصر في ترجمة النصوص القديمة بينما هم قدموا اكثر بكثير من ذلك \" .ويضيف \" نحن نعيد للعلماء العرب الاعتبار والشرف الذي يستحقونه \" .
ودفعت اهمية المعرض، وهو الاول من نوعه، بالجزائر الى \" شرائه \" وتنظيم نسخة منه العام الماضي، عندما كانت عاصمة للثقافة العربية، لتتمكن من التجول به في انحاء المدن الجزائرية .
