محليات

استيعاب مليوني مصل مع نهاية المشروع.. التوسعة السعودية تتوج عمارة المسجد النبوي

المدينة المنورة- جازي الشريف

عشر توسعات متعاقبة شهدها المسجد النبوي الشريف, أكبرها جرت في عهد الدولة السعودية، وكان أول مكان جرت إنارته بالمصابيح الكهربائية عام 1327هـ.

فبعد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – كان من اهتماماته الأولية رعاية شئون الحرمين الشريفين وأجريت عدة إصلاحات للمسجد النبوي الشريف وفي سنة 1365هـ لوحظ تصدعاً في بعض العقود الشمالية وتفتت في بعض حجارة الأعمدة في تلك الجهة بشكل ملفت للنظر فصدر أمر الملك عبدالعزيز بعد دراسة المشروع بإجراء العمارة والتوسعة للمسجد وصرف ما يحتاجه المشروع من نفقات دون قيدٍ أو شرط مع توسيع الطرق حوله، إذ أعلن الملك عبدالعزيز في خطاب رسمي سنة 1368هـ عزمه على توسعة المسجد النبوي الشريف والبدء بالمشروع وفي سنة 1370هـ بدأت أعمال الهدم للمباني المجاورة للمسجد النبوي الشريف، وفي ربيع الأول 1374هـ احتفل بوضع حجر الأساس للمشروع بحضور ممثلين عن عدد من الدول الإسلامية, ونظراً لأن عمارة السلطان عبدالمجيد كانت في أحسن حال فضلاً عما تتسم به من جمال وإتقان فقد تقرر الإبقاء على قسم كبير منها واتجهت التوسعة إلى شمال وشرق وغرب المسجد النبوي الشريف.

وفي سنة 1375هـ انتهت العمارة والتوسعة في عهد جلالة الملك سعود بن عبدالعزيز – رحمه الله – وكانت العمارة قوية جميلة رائعة بالأسمنت المسلح, ونتج عن هذه التوسعة أن أضيف إلى مسطح المسجد / 6033 / مترا مربعاً, واحتفظ بالقسم القبلي من العمارة المجيدية كما هو وهو ما كان صالحاً للبقاء, وبذلك أصبح مجمل العمارة السعودية / 12,271 / متراً مربعاً، وأقيمت التوسعة كمبنى هيكلي من الخرسانة المسلحة وهي عبارة عن أعمدة تحمل عقوداً مدببة, كما قسم السقف إلى مسطحات مربعة شكلت على نمط الأسقف الخشبية وزخرفت بأشكال نباتية, وعملت الأعمدة المستديرة تيجان من البرنز وزخرف أيضاً، أما المآذن فقد بلغ ارتفاعها / 72 / مترا تتكون كل واحدة من أربع طوابق تناسقت في شكلها مع المنائر القديمة للمسجد، كما حليت جدران المسجد بنوافذ جميلة وجعل للمسجد صحنان مفصولان برواق بدلاً من واحد وتمت تغطية أرضية المسجد بالرخام وأصبح للمسجد النبوي الشريف عشرة أبواب.

وفي عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – ونظراً لتزايد الأعداد الوافدة للمسجد النبوي خاصة في موسم الحج نتيجة لسـهولة المواصلات والتنقل والراحة التي يلقاها الحاج والزائر في هذه البلاد الطاهرة، حيث وفرت له الحكومة السعودية كل ما يحتاجه من أمن واسـتقرار, وتوفر المتطلبات الأساسية له بما جعل أمر توسعة المسجد النبوي الشريف أمراً ضرورياً حتى يستوعب هذه الأعداد المتزايدة، فأصدر جلالة الملك فيصل – رحمه الله – أمره بتوسعة المسجد النبوي الشريف, وكانت هذه التوسعة من الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف فقط، حيث تمثلت التوسعة التي جرت سنة 1395هـ بإضافة / 35,000 / متر مربع إلى أرض المسجد النبوي الشريف, ولم تتناول عمارة المسجد نفسها, بل جهّزت تلك المساحة لإقامة مصلىً كبير مظلل, يتسع لعدد من المصلين يماثل عددهم داخل المسجد، ثم أضيفت مساحة / 5550 / متراً مربعاً, وظللت كذلك مما أتاح المجال لاسـتيعاب أعداد أكثر من المصلين.

وفي عهد الملك خالد بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – حصل حريق في سوق القماشة سنة 1397هـ وهو في الجهة الجنوبية الغربية للمسجد النبوي الشريف وتمت إزالة المنطقة وتسوية أرضيتها وتعويض أصحاب الدور والعقار وتمت إضافتها لمساحة المسجد حيث بلغت المساحة / 43,000/ متر مربع وهو ميدان فسيح مظلل أضيف إلى أرض المسجد النبوي, ولم تتناول عمارة المسجد وقد تم تخصيص جزء منها مواقف للسـيارات.

وفي عهد الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود, أمر – رحمه الله – بإجراء دراسات لتوسعة كبرى للمسجد النبوي الشريف, وكان دافعه إلى ذلك كله أن يكون للحرمين الشريفين قيمة متوازية كما لهما القيمة الروحية العظمى لدى المسلمين في كل مكان في أرجاء العالم الإسلامي، حيث تم في سنة 1405هـ وضع حجر الأساس لمشروع التوسعة للمسجد النبوي, وتضمن مشروع توسعة المسجد وعمارته إضافة مبنى جديد بجانب مبنى المسجد الحالي يحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها / 82,000/ متر مربع, يستوعب / 167,000/ مصلٍ, وبذلك تصبح المساحة الإجمالية للمسجد النبوي الشريف /98,500 / متر مربع.

كما أن سطح التوسعة تم تغطيته بالرخام والمقدرة مساحته بـ / 67,000 / متر مربع, ليستوعب / 90,000 / مصلٍ, وبذلك يكون استيعاب المسجد النبوي الشريف بعد التوسعة لأكثر من / 257,000 / مصلٍ, ضمن مساحة إجمالية تبلغ / 165,500 / متر مربع, وتضمنت أعمال التوسعة إنشاء دور سفلي (بدروم) بمساحة الدور الأرضي للتوسعة, وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى ويشتمل المشروع كذلك على إحاطة المسجد النبوي الشريف بساحات تبلغ مساحاتها / 23,000 / متر مربع, تغطى أرضيتها بالرخام والجرانيت وفق أشكال هندسية بطرز إسلامية متعددة جميلة خصص منها / 135,000/ متر مربع للصلاة, يستوعب / 250,000/ مصلٍ, ويمكن أن يزيد عدد المصلين إلى / 400,000 / مصلٍ في حالة استخدام كامل مساحة الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف, مما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به تزيد عن / 650,000 / مصلٍ, لتصل إلى مليون مصلٍ في أوقات الذروة, حيث تضم هذه الساحات مداخل للمواضئ, وأماكن لإستراحة الزوار تتصل بمواقف السيارات التي تتواجد في دورين تحت الأرض, وخصصت هذه الساحات للمشاة فقط, وتضاء بوحدات إضاءة خاصة مثبتة على / 120 / عامودا من الرخام.

وفيما يتعلق بالحصوات المكشوفة التي تقع بين المسجد القديم والتوسعة السعودية الأولى فقد تم إقامة اثنتي عشرة مظلة ضخمة بنفس ارتفاع السقف تظلل كل منها مساحة / 306 / أمتار مربعة يتم فتحها وغلقها أوتوماتيكياً, وذلك لحماية المصلين من وهج الشمس ومياه الأمطار والاستفادة من الجو الطبيعي حينما تسمح الظروف المناخية بذلك.

وفي عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – تم تدشين أكبر توسعة للمسجد النبوي الشريف على مدى التاريخ إلى جانب مشروع مظلات المسجد النبوي التي أمر بها وهي من المشاريع العملاقة حيث جاء التوجيه بتصنيعها وتركيبها على أعمدة ساحات المسجد النبوي الشريف التي يصل عددها إلى / 250 / مظلة تغطي هذه المظلات مساحة / 143,000/ متر مربع من الساحات المحيطة بالمسجد من جهاته الأربع يصلي تحت الواحدة منها ما يزيد على / 800 / مصل يضاف إلى ذلك تظليل ستة مسارات في الجهة الجنوبية يسير تحتها الزوار والمصلون وهذه المظلات صنعت خصيصا لساحات المسجد النبوي على أحدث تقنية وبأعلى ما يمكن من الجودة والإتقان، خضعت لتجارب في بلد التصنيع وأُستفيد من التجربة في المظلات التي قبلها التي تعمل بحمد الله بكفاءة جيدة منذ أن انتهت التوسعة ومع ذلك فإن المظلات الجديدة قد طورت ودخل عليها تحسينات في شكلها ومادتها ومساحتها وصممت بارتفاعين مختلفين بحيث تعلو الواحدة الأخرى على شكل مجموعات لتكون متداخلة فيما بينها يبلغ ارتفاع الواحدة منها ( 14 متراً و40 سنتيمتراً ) والأخرى ارتفاع ( 15 مترا و 30 سنتيمتراً ) ويتساوى ارتفاع جميع المظلات في حالة الإغلاق بارتفاع (21 مترا و70 سنتيمتراً)، كما شهدت المدينة المنورة أواخر عام 1433هـ أكبر توسعة في تاريخ المسجد النبوي الشريف, لتصل طاقته الاستيعابية بموجبها إلى مليوني مصلٍ مع نهاية أعمال المشروع بمشيئة الله تعالى.

ويؤدي المصلون صلاتهم تحت هذه المظلات التي تقيهم حرارة الشمس أثناء الصلاة كما تحجب عنهم الماء إذا نزل المطر فيسلمون من مخاطر الانزلاق والسقوط ويحصل لهم الأمان والاطمئنان في ذهابهم وإيابهم إلى المسجد النبوي, كما يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود اليوم, هذه المسيرة العطرة في بناء وعمارة الحرمين الشريفين, وخدمة ضيوف الرحمن، إذ يؤكد ــ أيده الله ــ في كل محفل أهمية المسيرة، والحرص على متابعة العمل في مشروعات التوسعة الكبرى بالحرمين الشريفين التي تصب جميعها في خدمة الإسلام والمسلمين في شتى أرجاء المعمورة، سيما حجاج بيت الله الحرام، زوار مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *