جدة- حماد العبدلي
في شهر رمضان المبارك تزداد الحالة الشرائية لكافة أنواع الوجبات ويصبح لدى بعض الصائمين نهم كبير في جلب كافة الأطباق والمشهيات خاصة بعض الأكلات الدسمة التي تتصدر الصفرة الرمضانية غير مكترثين مما قد يتسبب في إعياء وخمول.
إلى ذلك نصح استشاري أمراض الباطنة الدكتور أحمد حسن عامة الصائمين بمراعاة صحة البدن في المقام الأول حتى يتسنى لهم أداء الواجبات الدينية من صلاة وقيام ومناسك شرعية خاصة بهذا الشهر المبارك وهو أحد مطالب الشريعة الإسلامية السمحة التي لا يُطالب الله النفس إلا وسعها.
والصيام ليس له تأثير ضار على الجهاز الهضمي السليم، بل مفيدٌ جدًا حيث ان الجسم له القدرة على التكيف والتأقلم حسب الظروف الصحية. فأثناء الصيام يحدث بطء في حركة الأمعاء مع نقص العصارة المعدية والمعوية وافرازات البنكرياس وهذا يؤدي لزيادة فترة راحة الجهاز الهضمي. واضاف:”كلنا نشعر بتحسن الكثير من أعراض الجهاز الهضمي أثناء الصيام ونحس بشعور من الراحة والخفة الجسدية وسبب ذلك هو تحسن أداء الأجزاء المختلفة من الجهاز الهضمي بصورة جيدة إلا ان هناك بعض الحالات التي يمكن ان يتسبب الصيام في سوء الحالة الصحية إن كنت مصابا بأحد الأمراض لا سمح الله.
وانا هنا اريد ان اشد انتباهكم الى أنه عندما يتعرض الإنسان السليم لأي توعك صحي نفسي وظيفي أو عضوي ينعكس ذلك على جهازه الهضمي وقد يشعر بالغثيان أو التقيؤ وقد يصاب بالمغص أو الإسهال وذلك ناتج عن تأثير الجهاز العصبي والإفرازات الهرمونية المختلفة للغدد الصماء على الجهاز الهضمي وهنا يكون العلاج هو الطلب من المريض الامتناع عن الأكل والشرب،
وكثير من الناس يعملون بهذا الإجراء دون استشارة الطبيب بل إنه أصبح من البديهيات المعروفة لدى الكثير فالصيام يريح العديد من الغدد ومن بينها غدة البنكرياس ففي حالة التهاب البنكرياس الحاد والشديد فان الخطوة الأولى التي نقوم بها كأطباء معالجين هو منع المريض من الأكل والشرب لمدة قد تتراوح ما بين اليومين والثلاثة وأحياناً كيفما اتفق مع تحسن حالة المريض من عدمه لكي يستريح البنكرياس. إلا أنه قد تحدث بعد العوارض خلال شهر رمضان وبالذات في الأيام الثلاثة الأُوَل من الشهر والتي تكون ناتجة عن اضطرابات فسيولوجية بسيطة ناتجةً عن التغير المفاجئ في النظام الغذائي من غياب وجبة الإفطار الصباحية واستخلافها بوجبة السحر والنوم بعد طعام السحور مباشرة، والإفراط في الطعام والشراب في وجبة الإفطار المسائية إضافة إلى تنوع غير معتاد (عن بقية أشهر السنة) في الطعام وإضافة المعجنات والحلويات والسكريات وغيرها من أنواع الأطعمة التي تستعمل يومياً في شهر رمضان ومن ثَمَ أداء الصلاة وقيام الليل على معدة مكدسة بالطعام مما يؤدي إلى اضطراب وظيفي يتمثل بوجع في الرأس أو دوخة وما إلى ذلك من أعراض سرعان ما تزول بعد مرور الأيام الأولى من الصيام.”
واشار د. حسن إلى نوبات ألم المرارة ففي شهر الصيام وبسبب الإفراط في وجبة الإفطار الدسمة كماً ونوعاً التي تحتوي على الكثير من المقالي كالسمبوسة واللقيمات تظهر عوارض المرارة الناتجة عن حصيات موجودة سابقاً في المرارة دون علم المريض بها. و من العادات السيئة التي يجب الابتعاد عنها الإكثار من كمية الطعام المتناول عند الإفطار الذي يؤدي عادةً إلى التخمة والإعياء وأحياناً القيء والخمول والتعب الشديدين. واستطرد قائلاً إن تناول أصنافا عديدة من الأطعمة بالذات الدسمة منها ليلاً ظناً منك انها تحميك من جوع النهار اعتقاد غير صحيح وغير صحي البتة، كما أن تناول كميات كبيرة من السوائل ليلاً خوفاً من العطش في النهار مع الأكل النَهِم عند الإفطار يؤديان إلى اضطرابات هضمية ومشاكل بولية. ومن مضار الاعتماد على السكريات والحلويات الخاصة بشهر رمضان المبارك أنها تؤدي إلى زيادة في الوزن خلال شهر الصيام.
والتدخين مع التهام كميات كبيرة من الدهون والبهارات والشطة والمخللات بلا شك تزيد من أعراض مرض الارتجاع المعدي المريئي (أي ارتداد حامض ومحتويات المعدة نحو المريء). فالسبب الرئيسي لهذا المرض الشائع هو ارتخاء صمام المريء السفلي مما يسهل الارتجاع إلى المريء مسبباً بذلك التهاباً حاداً فيه ومع استمرار هذه الحالة المرضية بدون علاج ومع زيادة الممارسات الغذائية وفي رمضان بالذات فإن الأمر سوف ينتهي بالتهابات مزمنة وتقرحات في أسفل المريء قد تؤدي لتليف وضيق في أسفل المريء (الثلث الأخير منه).”
ويرى د. حسن أن عسر الهضم والشعور بالخمول والكسل الذي يحدث لمعظم الصائمين الذين يلتهمون طعام الإفطار دفعة واحدة يتبعها بتناول حساء دافئ (شربة) بعد عودته من الصلاة مع قليل من الشواء أو المسلوق من النعم (اللحم والدجاج) مع الابتعاد ما أمكن عن الأطعمة الدهنية (الإدامات الغنية بالسمن والزيت) أو كثيرة التوابل لأنها ترهق الجهاز الهضمي وتسبب الانتفاخات وعسر الهضم، مع الاعتدال في الكم والنوعية واعتبار وجبة الإفطار وجبة عادية مثل الغداء أو العشاء في الأيام العادية مع عدم الإكثار من تناول السوائل مع أو بعد الإفطار مباشرة ناصحا بالأكل والشرب المعتدل .
فيما لا ينصح د.حسن مريض السكري بالصيام خصوصاً إذا كان معتمداً على الأنسولين حيث تصر نسبة كبيرة من المرضى على الصيام مما دعا إلى التركيز على اهمية استشارة المريض طبيبه قبل الصيام والتنسيق معه لاتباع طرق الصيام بشكل صحي يحميه من المضاعفات التي يمكن التعرض لها كمريض سكري نتيجة صيامه مشدداعلى أهمية توعية مرضى السكري بطرق إدارة مرضهم خلال شهر رمضان المبارك لاعتبارها تشكل تحدياً كبيراً لهم وللأطباء في الوقت نفسه حيث تحصل تغييرات في عملية الأيض خلال الصيام تؤدي إلى مضاعفات حادة لدى مريض السكري مما يستدعي المراقبة المشددة لحمايته من انخفاض معدل السكر في الدم أو ارتفاعه ومن جفاف السوائل في جسمه خصوصاً مع حلول شهر رمضان في فصل الصيف وارتفاع الحموضة الكيتونية. لهذا على الأطباء أن يكونوا في غاية الحرص عند تقديم الإرشادات لمرضاهم لأن ساعات الصيام تكون أطول ويجب على المريض التخطيط لوجباته الغذائية وممارسة الرياضة وكسر الصوم عند الحاجة حفاظاً على صحته وسلامته. ويكمن سر الحفاظ على سلامة مريض السكري بالاعتدال وتجنب تناول كميات زائدة من الطعام عند الإفطار .
كما نبه د.حسن إلى أهمية كسر الصيام في حال انخفاض معدل السكر في الدم إلى ما دون 70 ملغ/ ويجب على المرضى الذين يعانون السكري من الفئة الأولى ويعتمدون على الانسولين أن يفطروا إذا ارتفعت نسبة السكر في الدم إلى أكثر من 350 ملغ.