الأرشيف المنبر

ابن المدينة يعزف سيمفونية حزينة

صحيفة \"البلاد\" السعودية في عددها (20509) الصادر يوم الجمعة (9) جمادى الآخرة 1434هـ نشرت على ظهر صحيفتها مقالاً درامياً تحت عنوان \"ذاكرة المكان لا زالت تعيش في النفوس للأديب المعروف صانع الكلمات المجنحة وصاحب الروايات الرومانسية المتعددة ورئيس تحرير صحيفة \"البلاد\" السعودية الأستاذ (علي الحسون) وبما أنني أحد المولعين والمتابعين لكل ما ينشر من مقالات في هذا النوع بهذه الصحيفة ذات الذائقة الفنية والنكهة الثقافية والأصالة التاريخية فقد أشجاني بل أبكاني سرد هذا الأديب ذي الرتم الدرامي الحزين الذي فاجأ قراءه بسيمفونية تحمل في طياتها صدى ذكريات ماضي المدينة المنورة الجميل على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم، ذاتاً حين عرج هذا الأديب إلى ذكر الأماكن التاريخية الروحانية التي ألفت القلوب على محبتها والعيون على مشاهدتها واصبحت عالقة في الأذهان وراسخة في الوجدان وذلك حين ذكر \"حارة الأغوات\" \"حي باب المجيدي\" \"العنابية\" \"شارع العينية\" \"سويقة\" \"سقيفة الرصاص\" \"المناخة\" \"حوش الجمال\" \"العنبرية\" وغيرها من الأماكن الساكنة في الذاكرة ولم يكتفِ هذا المؤرخ بما ذكره بل راح يعزف سيمفونية أخرى تحمل في ايقاعاتها حزناً حين ذكر بائع الإسكريم التركي بشارع العينية وحجي \"عابد\" بائع اليغمش وبائعات اللبن الرايب الموضوع في جذوع الشجر المنحوت في برحة باب السلام الذين يبهرون العيون بثيابهم وأوانيهم النظيفة وبراقعهم الأنيقة والبانهم اللذيذة الشهية ثم يأخذ الحنين هذا العاشق الذي هو أحد أبناء المدينة المنورة فيعرج مرة أخرى إلى وصف ذلك \"الحمام\" الأثري ذي الطابع الروحاني التاريخي وكيف كان يلبي احتياج المستحمين من أبناء المدينة ولم يكتفِ هذا العاشق المفتون بمآثر المدينة المنورة القديمة بل يأخذنا مرة أخرى إلى مكتبة \"النمنكاني\" مستعرضاً لنا ما تحويه هذه المكتبة من كتب تاريخية وروايات رومانسية وبطولات لفرسان في الجاهلية وروائع شعرية وأخرى لا زالت عالقة في الوجدان مثل \"سيرة بني هلال\" و \"الزير سالم\" و \"حمزة البلهوان\" و \"عنترة بن شداد\" و \"سيف بن ذي يزن\" وروايات احسان عبدالقدوس مثل \"النظارة السوداء\" و \"الوسادة الخالية\" و \"لا أنام\" و \"انا حرة\" و \"في بيتنا رجل\" اضافة إلى روايات يوسف السباعي وروايات نجيب محفوظ مثل \"السكرية\" و \"زقاق المدق\" و\"بين القصرين\" و \"أولاد حارتنا\" و\"ثرثرة فوق النيل\" وروايات محمد عبدالحليم الرائعة مثل \"لقيطة\" و \"الضفيرة السوداء\" و \"الجنة العذراء\" وغيرها اضافة إلى دواوين الشاعر \"نزار قباني\" مثل \"قالت لي السمراء\" وغيرها ثم يختتم مقالته هذا الأديب ذو الأسلوب الدرامي بترديد رائعة فنان العرب \"محمد عبده\" \"الأماكن\" وبذلك هيج الأشجان وأدمع الأعيان مرة أخرى مما حدا بكاتب هذا المقال أن يتفاعل مع هذه السيمفونية الحزينة ويهدي هذا العاشق بعضاً من الأبيات التي ربما تتفق مع إيقاع مقالته البديعة؟

العزف على الجراح

يا عازف الرتم الحزين ترفقاً
ما بال عزفك قد أثار نواحي
أسمعتني شدواً يئن من الجوى
فصبغت جرحك في الهوى بجراحي
يا شادي الأحزان حسبك أنني
أنا قد ثملت بصوتك الصداحي
أنا يا رفيق الشدو مثلك عاشق
بلداً توشح حسنه بوشاح

محمد بن حبيب علوي
عضو النادي الأدبي بجدة
عضو اتحاد كتاب مصر
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *