باريس ــ ناصر الشهري
طهران ــ وكالات
في الوقت الذي تنتظم فيه الاحتجاجات الشعبية المناهضة لسياسات نظام الملالي، ضد انفاقه المليارات في سبيل تحقيق أحلامه التوسعية في المنطقة، في مختلف المدن الإيرانية، سيما العاصمة طهران، تجددت المظاهرات في منطقة الاحواز جنوب غربي ايران احتجاجا على شح مياه الشرب وتدني الخدمات العامة.
وانطلقت مظاهرات شعبية الجمعة في مدينة المحمرة، وأظهرت مقاطع مصورة حشود كبيرة من المتظاهرين في المدينة.
وعلت هتافات ضد النظام الإيراني الحاكم بالقول “حرامية”، بينما رفع متظاهرون أوعية مياه فارغة.
وتدخلت قوات من الأمن لقمع المتظاهرين، لكن لا تزال الاحتجاجات مستمرة.
وقال مدير مركز الأحواز للإعلام والدراسات الاستراتيجية، حسن راضي إن المظاهرات المستمرة في مدينتي عبادان والمحمرة في الأحواز، احتجاجا على عدم توفر مياه الشرب، تشير إلى “انكسار حاجز الخوف أمام القمع الأمني”.
وأضاف أن “الوضع وصل إلى درجة لا تحتمل ولا تطاق، لذلك فإن المظاهرات والاحتجاجات مستمرة وتنتقل من مكان إلى آخر”.
واندلعت موجة جديدة وواسعة من الاحتجاجات في طهران ومدن أخرى يوم الأحد عندما أغلق مئات من تجار البازار، مركز التجار الذين أيدوا الثورة عام 1979 التي أطاحت بالحكم الملكي، متاجرهم للتعبير عن غضبهم من تراجع قيمة العملة.
وخسر الريال الإيراني 40 في المئة من قيمته منذ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الثامن من مايو أيار الانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 بين طهران والقوى العالمية ومعاودة فرض عقوبات اقتصادية صارمة على الجمهورية الإسلامية.
وخرج الآلاف وبينهم تجار إلى الشوارع يوم الأحد في مسيرة إلى مبنى البرلمان حيث رددوا شعارات ضد السلطات الإيرانية.
وأعادت هذه الاحتجاجات إلى الأذهان ذكرى المظاهرات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد في يناير الماضي والتي تفجرت بسبب المصاعب الاقتصادية، لكنها اتخذت بعدا سياسيا بعد ذلك.
فيما لا تزال إيران تراوح مكانها على قائمة سوداء، تدفع بعض المستثمرين الأجانب إلى عدم التعامل معها، بسبب تقاعسها عن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بحسب ما أعلنت الهيئة الدولية لمكافحة غسل الأموال.
وقالت تلك الهيئة الدولية التي تراقب عمليات غسل الأموال على مستوى العالم، إنها أمهلت إيران حتى أكتوبر لاستكمال إصلاحات تجعلها تتماشى مع المعايير العالمية وإلا ستواجه عواقب قد تزيد عزوف المستثمرين عنها.
وسعت إيران إلى جذب المستثمرين الأجانب بعد إبرام اتفاق عام 2015 مع الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبريطانيا رفع بموجبه عدد من العقوبات مقابل موافقة طهران على تقييد برنامجها النووي.
كما قالت الهيئة في بيان بعد أسبوع من المداولات في باريس “تشعر مجموعة العمل المالي بخيبة أمل بسبب تقاعس إيران عن تنفيذ خطة عملها لمعالجة أوجه القصور الكبيرة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
وفى السياق انطلق، في العاصمة الفرنسية باريس، امس “السبت” المؤتمر السنوي للمعارضة الإيرانية، ومؤشر بوصلته يتجه لإسقاط نظام ولاية الفقيه في طهران.
وتأتي أعمال المؤتمر السنوي الأهم للمعارضة الإيرانية من أجل التضامن مع الشعب الإيراني والمقاومة الإيرانية؛ لتحقيق الحرية والديمقراطية في إيران واستتباب السلام والاستقرار وعلاقات الأخوة في المنطقة.
ويحظى المؤتمر السنوي بمشاركة شعبية وسياسية أوسع هذا العام، بسبب الظروف التي تمر بها إيران داخلياً، إقليمياً ودولياً.
وقال القائمون على الفعالية، إن المؤتمر العام يكتسب أهمية لا يمكن مقارنتها بسابقاتها، حيث تقف إيران أمام منعطف تاريخي، وسيكون ملتقى لمزيد من جموع الإيرانيين والشخصيات السياسية من خمس قارات بالعالم.
ويلقي عدد من كبار الشخصيات من مختلف دول العالم، كلمات خلال فعاليات المؤتمر الذي تتخلله برامج فنية وغنائية وشعبية.
بدورها أكدت مريم رجوي، زعيمة المعارضة الإيرانية في الخارج، على ضرورة منع نظام الملالي من دعم الإرهاب و تصديره.
ودعت لدى مخاطبتها، المؤتمر، دول العالم لوقف التعاملات التجارية مع نظام الملالي ومحاصرته.
وقالت” التجارب النووية والتدخل في شؤون الأخرين ودعم الإرهاب أسباب كافية لمعاقبة النظام الإيراني”.
وشددت رجوي على أهمية وقف تدخل النظام الإيراني في شؤون دول الشرق الأوسط.
وأوضحت زعيمة المعارضة الإيرانية، أن شعبها تضرر كثيراً من السياسة التوسعية لنظام الملالي.
الى ذلك انتقد سياسيون أوروبيون وأمريكيون، السياسات الأوروبية الداعمة لنظام الملالي، في ظل الموقف الأمريكي الصريح بمعاقبة هذا النظام القمعي.
وأكدوا خلال منصة “الاحتجاجات في إيران ودور المعارضة”، ضمن الجلسات التحضيرية للمؤتمر السنوي للمعارضة الإيرانية في باريس، أن البركان الشعبي الذي سيبتلع نظام ولاية الفقيه أصبح قريبا للغاية.
وقال وزير العدل الأمريكي السابق، مايكل موكيسي، إن المظاهرات منتشرة في كل أرجاء إيران، وسقوط هذا النظام بات قريبا، منتقدا سياسة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، التي قال عنها إنها دعمت وأغنت الحكومة الإيرانية بمئات المليارات من الدولارات، في حين أن هذه الأموال لم تذهب إلى الشعب بل إلى دعم الإرهاب، مشددا على ضرورة توصيل صوت الشعب الإيراني إلى العالم أجمع.
وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية الكندي السابق، جون بيرد، أن هناك حتمية للوقوف مع الشعب الإيراني ضد نظام الملالي، ومساندة أطياف المعارضة، سواء من يسعون للتغيير السياسي أو الذين يعانون من الأوضاع الاقتصادية، لافتا إلى أن التغيير بات قريبا جدا، وأن سقوط النظام سيحدث في فترة مقبلة قريبة.
أما الرئيس السابق للمخابرات الفرنسية، إيف بونه، فقال إن “ترامب” كان محقا في نصيحته للأوروبيين بالتفكير في إعادة النظر بالاتفاق النووي مع طهران، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا ارتكبتا خطأ جسيما عندما انقلبتا على رئيس وزراء إيران السابق، محمد مصدق، منذ أكثر من نصف قرن، لأن هذا الرجل كان ديمقراطيا للغاية.
وأشار منسق التغيير في إيران والرئيس السابق للجنة العلاقات مع العراق في البرلمان الأوروبي، ستروان ستيفنسون، إلى أن الوضع السياسي في إيران حاليا مثل الزلازل والبراكين، فأكثر من نصف سكان إيران مستعدون للتضحية بحياتهم من أجل الحرية، مهاجما موقف الاتحاد الأوروبي بعدم اتخاذ خطوات ضد نظام الملالي، في ظل إعدام 30 ألف سجين مناهضين لنظام ولاية الفقيه، موضحا أن البركان الذي سيبتلع نظام الملالي أصبح قريبا.