أرشيف صحيفة البلاد

إيران تواصل المكابرة وتتحدى العالم وخامنئي يعترف بأخطاء النظام

 طهران ــ وكالات

في اعتراف رسمي بتأثير المشكلات الداخلية في إيران على اقتصاد البلاد، وليست “شماعة” العقوبات أو المؤامرات الخارجية التي تعلق إيران عليها أخطاءها، اعترف مرشد النظام الإيراني علي خامنئي أن المشكلات المتفاقمة في أسواق النقد الأجنبي والعملات الذهبية وغيرها ترجع إلى “سوء الإدارة” الحكومية.

وفي تحدي صريح للعالم الماضية في طريق الحد من تجارب طهران الصاروخية أعلن نظام الملالي امس عن جيل جديد من صاروخ “فاتح مبين” الباليستي القصير المدى. وقال وزير الدفاع الإيراني، العميد أمير حاتمي: سنزيد بالتأكيد قوتنا الصاروخية في كل يوم”.

هذا فيما أفادت وكالة أنباء “تسنيم”، نقلا عن المرشد الإيراني في خطاب له أمام حشد بحسينية الخميني في طهران، أن “سوء الإدارة الاقتصادية داخليا قد أضر إيران أكثر من العقوبات الأمريكية”، والتي دخلت أولى جولاتها حيز التنفيذ الثلاثاء الماضي، بسبب سياسات طهران العدائية بالمنطقة، في اعتراف رسمي يتناقض مع مزاعم نظام الملالي حول تداعيات عقوبات واشنطن على الاقتصاد المحلي.

وأعلن خامنئي، أن “الخبراء الاقتصاديين والعديد من المسؤولين يعتقدون أن سبب هذه المشكلات ليس خارجيا، بل هو داخلي”، لافتا أن انخفاض قيمة العملة المحلية بات مشكلة اقتصادية راهنة لبلاده قبل أن يشير إلى وجود ضغوط على الإيرانيين بسبب ما وصفه بـ “خطأ فادح” في الإدارة الحكومية بسوق النقد الأجنبي أدى إلى غلاء أسعار المواد الغذائية، والمسكن وغيرها، وفق قوله.

وكانت واشنطن أعادت فرض عقوبات صارمة على إيران الثلاثاء الماضي، وهدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بمعاقبة شركات الدول الأخرى المستمرة في العمل بإيران، بينما فقد الريال الإيراني نحو نصف قيمته منذ أبريل الماضي، تحسبا للعقوبات الأميركية الجديدة، متأثرا في الأساس بالطلب القوي على الدولار من الإيرانيين، الذين يسعون لحماية مدخراتهم.

وتشمل الحزمة الأولى من عقوبات واشنطن حظر التعامل مع طهران من قبل الحكومات والشركات وإيقاف التحويلات المالية بالدولار ومنع شراء العملة الإيرانية أو التعامل بها، وكذلك حظر إقراض إيران.

وتقضي حزمة العقوبات الأولى بمنع طهران من بيع المعادن كالذهب والألومنيوم والحديد، بينما تنص الحزمة الثانية من العقوبات التي تدخل حيز التنفيذ في نوفمبر المقبل على فرض حظر على قطاعات الطاقة والنقل البري والبحري والمنتجات البتروكيماوية.

فحزمة العقوبات الأمريكية المفروضة مؤخرا على إيران لم تثر غضب شعب البلد الأخير ضد الولايات المتحدة، وإنما أججت حنقه ضد طهران.
حالة احتقان وغليان تجلت من خلال رفع محتجين إيرانيين، ابان المظاهرات المستعرة بالبلاد تنديدا بالظروف الاقتصادية السيئة والفساد، لشعارات من قبيل “الموت لخامنئي”.

ولئن لا يعد رفع الشعار سابقة في إيران، إلا أنه كشف هذه المرة، أن الوعي الشعبي بحقيقة أسباب الوهن بالبلاد، تعدّت الرواية النمطية التي يستعرضها النظام كلما ضاق الخناق حوله، والتي غالبا ما تستحضر “نظرية المؤامرة” الغربية.

ففي الماضي، عندما كانت تسوء الأوضاع بشدة داخل البلاد، كان قادة إيران يلقون باللوم على القوى الخارجية، حيث كان “الشيطان الأكبر” هو المسؤول عن كل مشكلة تعصف بشعبهم، طبقًا لصحيفة “تليجراف” البريطانية.

وتعم في إيران حالة استياء متزايدة بشأن كيفية إنفاق أموال النفط المحلي، حيث جعلت إيران نفسها مركزًا للحروب باهظة الثمن في سوريا واليمن، وأنفقت المليارات لدعم وكلائها الشيعة في معركة الهيمنة ضد السعودية.

ويرى الكثيرون الرئيس الإيراني، حسن روحاني، على أنه فشل في الوفاء بوعوده الانتخابية بالإصلاح، وقد حاول تهدئة المتظاهرين هذا الأسبوع بالاعتراف بشكواهم، لكنه تجاهل جميع دعاوى التفاوض على اتفاق جديد مع ترامب.

وحاليًا، يعول الرئيس الإيراني على الأوروبيين للإبقاء على الاتفاق متعدد الأطراف، وهو ما يرى خبراء أنه لن يصمد كثيرا في ظل التحذيرات التي تطلقها واشنطن للشركات الأوروبية في حال تمسكها بالاستثمار في إيران.

موقف قد يجبر تلك الشركات على الانسحاب، كما فعل العديد منها، ما من شأنه أن يغلق أبواب العالم بوجه طهران، ويحشرها في خط تماس مباشر مع تداعيات إرهابها حول العالم. فيما حذر خبراء أمنيون من أن النظام الإيراني يعتزم شن هجمات إلكترونية واسعة للرد على العقوبات الأمريكية التي دخلت حيز التنفيذ قبل أيام.

وذكرت صحيفة “تليجراف” البريطانية، أن خطر الهجمات الإلكترونية أصبح متزايدًا منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي في مايو.

وأشارت الصحيفة إلى أن بريطانيا، إلى جانب دول أخرى، جزء من خطة العمل الشاملة المشتركة، كانت تحاول الإبقاء على الاتفاق، ومع ذلك، حذر خبراء أمن إلكتروني من أن هذا لا يحصنها ضد هجمات القراصنة الإيرانيين. وبحسب الصحيفة فإن لدى إيران تاريخا من استهداف الولايات المتحدة بهجمات إلكترونية، وألقت واشنطن باللوم على النظام في سلسلة من الهجمات وقعت بين عامي 2012 و2014.

وقالت بريسيلا موريوشي، خبيرة بشركة “ريكوردد فيوتشر” العالمية الرائدة في مجال استخبارات التهديد الإلكتروني، إن المؤسسات الأكثر تعرضًا للخطر هي ضمن نفس القطاعات التي كانت ضحية الهجمات الإلكترونية الإيرانية بين عامي 2012 و2014، وتتضمن بنوكا وأنظمة مالية وإدارات حكومية والنفط والطاقة.

وأوضحت أنه لا يوجد تهديد بعينه، لكن كان هناك زيادة في الأحاديث المتعلقة بنشاط التهديد الإيراني على مدار الأسابيع القليلة الماضية.

وجاءت التعليقات بعدما حذر قاسم سليماني، قائد مليشيا فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الشهر الماضي، من قدرات إيران على شن “حرب غير متكافئة”، في إشارة إلى استخدام الهجمات الإلكترونية.

وقالت موريوشي لـ”تليجراف”، إن إيران منذ عام 2009 عملت على تطوير وكلاء داخل النطاق الإلكتروني، جزئيًا من أجل إخفاء بصمات الحكومة من الهجمات الخارجية. وجاء أول هجوم إلكتروني منذ 6 أعوام عندما فرض الرئيس الأمريكي باراك أوباما عقوبات اقتصادية على إيران، من بينها إزاحتها من نظام سويفت المالي.

وقال ديد ميرفي، قائد فريق البحث الأمني في شركة “إنسينيا” في لندن، إن بريطانيا حثت ترامب على البقاء بالاتفاق النووي وكانت تحاول وقف تفكيك الاتفاق، لكن لاتزال بريطانيا هدفًا لطهران.