طهران ــ وكالات
في ظل العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران، بسبب عدم التزامها ببنود الاتفاق النووي وسياساتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة، أتى الاعتراف بالمعاناة من داخل إيران، ومن قمة هرم السلطة.فقد أقر المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي في خطاب بثه التلفزيون الرسمي، امس “الخميس”، أن إيران “تواجه فترة حساسة بسبب التهديدات الأميركية والمصاعب الاقتصادية”.
وأدلى خامنئي بالخطاب أمام ميليشيا الباسيج، وكبار قادة الحرس الثوري، ذراع إيران العسكرية الأهم للتدخل في شؤون دول المنطقة.
وأضاف “اجتماعنا يأتي في مرحلة حساسة تعيشها بلادنا والمنطقة وخصوصا بالنسبة للشعب الإيراني”.
وفي تلميح إلى استجداء الشعب الإيراني لتحمل المزيد من الضغوط الاقتصادية والمعيشية، وجه خامنئي رسالة مبطنة إلى الإيرانيين وقال: “شعبنا لا يقبل الانكسار أبدا وهو ليس شعارا فقط”.
وتعيش إيران خلال الأشهر الماضية على وقع احتجاجات شعبية عارمة ضد سياسات الحكومة، التي استنزفت موارد البلاد في حروب خارج الحدود، بدلا من استخدامها في التنمية داخليا.
ويعاني قطاع كبير من الشعب الإيراني من تردي الأوضاع المعيشية، مع تراجع العملة المحلية إلى مستويات غير مسبوقة، فضلا عن تفشي الفساد وانتشار البطالة بين الشباب.
وتصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع طهران، وأعاد فرض العقوبات عليها. وتنوي الولايات المتحدة تمديد العقوبات لتشمل القطاعين النفطي والمصرفي، في شهر نوفمبر المقبل، وتسعى واشنطن إلى إيصال صادرات طهران من النفط إلى الصفر.
في غضون ذلك حمل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، السلطات الإيرانية مسؤولية التهديدات التي تواجهها بعثات الولايات المتحدة في العراق، مؤكدا أن إيران هي مصدر التهديد الحالي للأميركيين في العراق.
وكانت واشنطن قد أعلنت الجمعة الماضي، إغلاق قنصليتها في البصرة ونقل الموظفين الدبلوماسيين المعينين هناك، في أعقاب تهديدات متزايدة من إيران ومن ميليشيا تدعمها إيران تتضمن احتمال إطلاق صواريخ.
وفى سياق منفصل تحتضن العاصمة البلجيكية بروكسل، اليوم الجمعة مؤتمرا حول موجة جديدة من إرهاب النظام الإيراني في أوروبا بمشاركة عدد كبير من الشخصيات السياسية البارزة.
وينظم المؤتمر في وقت تم فيه فضح آخر الممارسات الإرهابية للنظام الإيراني في أوروبا، وذلك بعد تحميل فرنسا الاستخبارات الإيرانية مسؤولية التخطيط لمشروع اعتداء ضد تجمع منظمة “مجاهدي خلق” في فيلبنت، قرب باريس.
وقد تم توجيه هذا الاتهام بعد تحقيق دام عدة أشهر، والتوصل من دون لبس إلى ضلوع النظام الإيراني في التخطيط لهذا العمل الإرهابي، ما ترتب عليه تجميد أصول مركز الزهراء الشيعي في فرنسا، إضافة إلى أصول إيرانيين اثنين؛ أحدهما سعيد هاشمي مقدم، نائب وزير الاستخبارات المكلف بالعمليات، والثاني أسد الله أسدي، الدبلوماسي الإيراني المعتمد في فيينا، الذي اعتقل في ألمانيا في إطار التحقيق في مخطط الاعتداء.
وكانت المحكمة العليا في مدينة بامبرج الألمانية، قد وافقت على تسليم أسد الله أسدي إلى السلطات البلجيكية، حيث أكد بيان المحكمة أن كل شروط التسليم متوفرة وليس هناك أي عائق أمام التسليم، حيث يصعب على المتهم بعد الدلائل الواضحة، “الاستناد إلى الحصانة الدبلوماسية”، وأن استمرار إجراءات التسليم بات مسؤولية الادعاء العام في بامبرج.
ويشارك في مؤتمر بروكسل، الذي يحمل عنوان (موجة جديدة من إرهاب نظام الملالي في أوروبا) كل من: أليخو فيدال كوادراس رئيس اللجنة الدولية للبحث عن العدالة نائب رئيس البرلمان الأوروبي (1999-2014)، واللورد كارلايل من بيريو مرجع مستقل في بريطانيا بشأن أول تشريع للإرهاب (2001-2011) مؤلف كتاب “منع الإرهاب والتطرف العنيف”، والنائب ديفيد جونز عضو البرلمان البريطاني وزير الدولة لشؤون ويلز (2012-2014) وزير الدولة للخروج من الاتحاد الأوروبي (2016-2017).
كما يشارك أيضا جوليو تيرتزي، وزير خارجية إيطاليا (2011-2013)، سفير لدى الأمم المتحدة (2008-2009)، سفير لدى الولايات المتحدة (2009-2011)، وروبرت توريسلي، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي (1997-2003)، عضو مجلس النواب (1983-1997)، ومحمد محدثين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI).
الى ذلك طالب برلمانيون أوروبيون الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات عقابية فعالة لمواجهة مخططات إيران الإرهابية.
جاء ذلك خلال اجتماع عقدته مجموعة أصدقاء إيران حرّة في البرلمان الأوروبي، في ستراسبورج، بمشاركة عشرات من أعضاء البرلمان الأوروبي من مختلف المجموعات السياسية.
وشهد الاجتماع تبادل الآراء حول حالة حقوق الإنسان، والاحتجاجات والإضرابات الجارية في إيران، والتهديدات الإرهابية الأخيرة، وسياسة الاتحاد الأوروبي المتعلقة بإيران.
واعتبر البرلمانيون الأوروبيون أن إعلان فرنسا في الثاني من أكتوبر الجاري والخاص بتجميد أصول النظام الإيراني، أمر مشجع للغاية وينبغي اعتباره نموذجا يحتذى به من قبل الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية الأخرى.
وشارك في الاجتماع بصفة شرفية كل من أليخو فيدال كوادراس، نائب رئيس البرلمان الأوروبي سابقا ورئيس اللجنة الدولية للبحث عن العدالة (ISJ) ، ومحمد محدثين رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية.
وقام رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بالحديث عن العديد من التطورات الرئيسية في الأسابيع الأخيرة، مشيرا إلى استمرار الاحتجاجات والإضرابات، لا سيما الإضراب العام المستمر لسائقي الشاحنات، وإعدام أكثر من 30 سجيناً، بمن فيهم السجناء السياسيون الأكراد، وقرار المحكمة الألمانية بتسليم أسد الله أسدي، الدبلوماسي الإرهابي الإيراني الذي خطط لتفجير تجمع إيران الحرة في باريس في يونيو، كما تحدث عن القرار الفرنسي بفرض عقوبات على وزارة المخابرات الإيرانية واثنين من مسؤوليها الرسميين.
وبعد مناقشات مطولة تم الاتفاق على تحديد نقاط بعينها من قبل أعضاء البرلمان الأوروبي باعتبارها ذات أهمية خاصة؛ منها الحالة المأساوية للشعب الإيراني في ظل القمع السائد وانتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما العدد المرتفع لعمليات الإعدام، كما تم الاتفاق على أنه في ظل حكومة ما يسمى الرئيس المعتدل روحاني، فإن إيران تحمل الرقم القياسي في العالم في عدد حالات الإعدام بالقياس لكل فرد، وتعدم “أحداثا” أكثر من أي بلد آخر.
وأسفرت النقاشات أيضا عن أن استمرار وانتشار الانتفاضات الشعبية والإضرابات والاحتجاجات على مدى الأشهر التسعة الماضية، والأزمة الاقتصادية المتصاعدة، والهبوط المستمر للعملة الإيرانية، وفساد الدولة الواسع، يشير بوضوح إلى أن إيران غير قادرة على حل أبسط مقومات الحياة في قضايا المجتمع، موجهين الدعوة إلى الشعب الإيراني لتغيير النظام الحالي.