طهران ــ رويترز
في مناخ اقتصادي خانق، وعملة منهارة، لجأ النظام الإيراني إلى تقديم حوافز تتعلق بالأسعار والضرائب لمستثمري القطاع الخاص لتولي مشروعات الدولة المعطلة بينما تواجه الدولة الراعية للإرهاب عقوبات أميركية وانسحاب الكثير من الشركات الأجنبية، حسبما أفادت رويترز.
وانسحبت الولايات المتحدة في مايو من الاتفاق النووي الذي رفعت بموجبه العقوبات الدولية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي وأبلغت واشنطن الدول بضرورة وقف كل وارداتها من النفط الإيراني ابتداء من الرابع من نوفمبر وإلا واجهت إجراءات مالية أميركية.
وأدت العودة المتوقعة للعقوبات إلى انهيار سريع في قيمة العملة الإيرانية وإلى احتجاجات من التجار الموالين بشكل تقليدي للنظام وإلى غضب عام من مزاعم التربح.
واقر نائب الرئيس إسحق جهانكيري بوجود أزمة حقيقية، قائلا في تصريحات للتليفزيون الرسمي: “على مدى الأشهر القليلة الماضية ذهبت السيولة المتاحة في البلاد إلى الإسكان والصرف الأجنبي والمسكوكات الذهبية مما رفع الأسعار وأثار قلق الناس”.
ويبدأ سريان العقوبات في أغسطس لكن بعض الشركات الأوروبية التي تستثمر في إيران، ولها عمليات كبيرة في الولايات المتحدة أعلنت بالفعل انسحابها من صفقات مع طهران.
وهبط الريال الإيراني إلى مستوى قياسي أمام الدولار في السوق غير الرسمية
ووفقا لموقع “بونباست دوت كوم” لأسعار صرف العملات، فقد بلغ سعر الدولار 97500 ريـال إيراني مقابل 85500 ريـال قبل أسبوع.
وفقدت العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها هذا العام بسبب ضعف الاقتصاد والمشكلات المالية التي تواجهها مصارف محلية والطلب الكبير على الدولار بين الإيرانيين الذين يخشون من تأثير العقوبات.
وذكر التلفزيون الرسمي أن المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي قال إن 18 شخصا اعتقلوا فيما يتعلق بمزاعم عن كسب غير مشروع من تعاملات في مجال الصرف الأجنبي واستيراد غير قانوني لسيارات فارهة.
في غضون ذلك حذر محلل اقتصادي إيراني من مصير معتم ينتظر اقتصاد بلاده جراء السياسات الحكومية المتعثرة، والتي أدت إلى ارتفاع نسب التضخم والبطالة، بالتزامن مع تدني قيمة العملة الإيرانية مقابل الدولار إلى مستويات قياسية .
وقال “فريدون خاوند”، أستاذ الاقتصاد المقيم في العاصمة الفرنسية باريس خلال مقال بموقع “راديو فردا” الناطق بالفارسية، إن شبح “التضخم الجامح” بات يخيم على الاقتصاد الإيراني، مشيرا إلى أن الإيرانيين يواجهون ظروفا معيشية هي الأصعب منذ الحرب العراقية- الإيرانية، على حد قوله.
وأكد أن المستهلك الإيراني يدرك عدم واقعية الأرقام التي يعلنها البنك المركزي في البلاد، بالنسبة لأسعار السلع والبضائع في ظل حمى الغلاء التي تجتاح الأسواق، متوقعا حدوث ما وصفها بـ “عاصفة” في الأسعار بسبب التوترات التضخمية التي يمر بها الاقتصاد المحلي.
وتسود مخاوف عميقة بالأوساط الاقتصادية في طهران، بحسب خاوند، من تجاوز معدل التضخم حاجز 50 %، الأمر الذي سيدفع نحو احتمالية الانهيار الكامل للاقتصاد على غرار فنزويلا، بعد أن حذرت صحيفة “تجارت فردا” الإيرانية قريبة الصلة من دوائر حكومية اقتصادية وأكاديمية من اقتراب هذا السيناريو في ظل الضغوط الخارجية على السيولة النقدية.
واعتبر “خاوند” أن الفوضى تحكم الإدارة الاقتصادية داخل إيران، وسط فجوات متزايدة في الأوضاع الداخلية وتزايد التوترات بالعلاقات الخارجية، الأمر الذي يسرع وتيرة التدهور الاقتصادي، ويحد القدرة الشرائية للمستهلكين.
وألمح المحلل الاقتصادي الإيراني أن السيناريو الأكثر احتمالا في الظروف الراهنة، بسبب عجز الميزانية، هو اتجاه الحكومة نحو الاقتراض من البنك المركزي لسد احتياجتها، موضحا أن طهران تشعر بالقلق من تصاعد السيولة النقدية نتيجة التضخم الجامح.
على صعيد متصل، شهدت أسواق الذهب في إيران أيضا موجة غلاء، بحسب موقع اقتصاد أونلاين، حيث ارتفع سعر جرام الذهب عيار 18 إلى نحو 279 ألف و 230 تومان، في الوقت الذي شهدت العملات الذهبية ارتفاعا مطردا لتتجاوز حاجز 3 ملايين تومان إيراني.
وفي السياق ذاته، أشارت صحيفة “كيهان” اللندنية إلى التضارب في كواليس قرار إقالة ولي الله سيف محافظ البنك المركزي الإيراني السابق، المدرج على لائحة العقوبات الأمريكية، وتعيين عبد الناصر همتي بديلا عنه، رغم توليه منصب دبلوماسي لدى الصين قبل 3 أسابيع من القرار الجديد.
وأكدت الصحيفة الإيرانية المعارضة، أن حالة التخبط في اتخاذ القرار تؤكد عدم وجود خطة محتملة إزاء التغيير الجديد بالبنك المركزي، وسط التواترات التي تشهدها البلاد في أعقاب الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي مايو الماضي، وتوقيع عقوبات اقتصادية ضد طهران.