طهران ــ وكالات
قالت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، إن طهران أعادت فتح محطة نووية متوقفة عن العمل منذ 9 سنوات، وذلك مع استعداد طهران لزيادة طاقة تخصيب اليورانيوم، في خطوة قد تفتح عليها أبواب الجحيم من جانب الولايات المتحدة والقوى الغربية.
وزاد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران منذ انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الاتفاق المبرم عام 2015، واصفا إياه بأنه معيب بشدة. وقلصت إيران بموجب الاتفاق برنامج التخصيب لتهدئة المخاوف من أنها قد تطور أسلحة نووية، في مقابل إعفائها من عقوبات.
وقالت المنظمة، إنه استجابة لأمر خامنئي وردا على انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، فقد أعيد فتح محطة لإنتاج سادس فلوريد اليورانيوم، وهي المادة الخام التي تستخدمها أجهزة الطرد المركزي التي تخصب اليورانيوم، وجرى تسليم برميل من “الكعكة الصفراء” هناك.
ويتم تحويل اليورانيوم الخام، المعروف بـ”الكعكة الصفراء”، إلى غاز يسمى سادس فلوريد اليورانيوم قبل التخصيب.
ويشير بيان منظمة الطاقة الذرية الإيرانية على موقعها الإلكتروني إلى أن محطة سادس فلوريد اليورانيوم، التي كانت متوقفة عن العمل منذ 2009 بسبب نقص “الكعكة الصفراء”، جزء من منشأة تحويل اليورانيوم في أصفهان.
وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة، التي تراقب التزام إيران بالاتفاق النووي، قالت في الخامس من يونيو إن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أبلغتها بخطط “مبدئية” لاستئناف إنتاج سادس فلوريد اليورانيوم.
وستبدأ واشنطن معاودة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران في أغسطس وسوف تفرض مزيدا في نوفمبر.
وعلى صعيدا اخر رفض الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الدعوات التي أطلقها نواب وسياسيون لاستقالة حكومته تحت دواعي احتواء الاحتجاجات الشعبية على خلفية استمرار الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة الوطنية، وتدهور الوضع المعيشي للمواطنين وغلاء الأسعار.
وقال روحاني، في كلمة مباشرة بثت عبر التلفزيون الإيراني الرسمي، إن الحكومة لن تستقيل لأنها فازت بأصوات 24 مليون ناخب، واليوم تمتلك ثقة 81 مليون مواطن إيراني”، حسب تعبيره.
وأضاف أنه “إذا كان البعض يعتقد أن الحكومة خائفة وستتنحى فهو مخطئ، فالحكومة لن تستقيل”.
وعلى غرار خطابات سائر المسؤولين الإيرانيين، عزى الرئيس الإيراني الأزمات المستعصية في البلاد إلى الضغوط الخارجية، قائلا إن “الولايات المتحدة الأميركية زادت من ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية ضد إيران”.
يأتي هذا بينما طالب رئيسا اللجنتين “الاقتصادية” والتخطيط والميزانية” بالبرلمان الإيراني حكومة روحاني بإجراء تغييرات في حكومته وخاصة في الفريق الاقتصادي.
ووفقاً لوكالة “مهر”، فقد دعا رئيس اللجنة البرلمانية الاقتصادية، محمد رضا بورابراهيمي، على هامش الجلسة العلنية للبرلمان، حول الوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، إلى إجراء تعديلات في الحكومة، وقال إن هذا الوضع ناجم عن الأداء غير المناسب للمسؤولين، وإن الفريق الاقتصادي للحكومة ليس قادرا على إيجاد حلول للمشاكل الراهنة، لأنه يفتقد إلى الإدارة المناسبة لحل المشاكل الاقتصادية”.
الى ذلك نشر فريق التواصل الإلكتروني التابع لوزارة الخارجية الأمريكية مقطع فيديو يوضح تعرض التجار الإيرانيين لحملة اعتقالات وقمع من قبل قوات النظام.
وعلق فريق التواصل التابع للخارجية الأمريكية على الفيديو قائلا: “بدلا من السعي لحل المشاكل الاقتصادية في إيران والوضع المعاشي المتردي للشعب، مرشد النظام الإيراني خامنئي يقول إن (على القضاء التصدي لمن يكدرون الأمن الاقتصادي)، ما يعني إعطاء الضوء الأخضر لقمع الاحتجاجات”.
وكشف مقطع الفيديو عن قيام قوات الأمن التابعة لنظام الملالي بحملة مداهمات واعتقالات للتجار، بعد أن قام التجار “البازار الكبير” في العاصمة طهران بإغلاق أبوابه احتجاجا على انهيار العملة الإيرانية وتردي الوضع الاقتصادي.
كما أوضح الفيديو، قيام قوات الأمن بالتعدي على الممتلكات الخاصة للتجار، بالإضافة إلى استخدام القوة والعنف ضد المتظاهرين ضد حملات قوات الأمن التابعة للنظام الإيراني.
وأكد فريق التواصل الإلكتروني التابع للخارجية الأمريكية أن الاحتجاجات في إيران تواصلت لليوم الخامس على التوالي، وامتدت من العاصمة طهران إلى مدن أخرى.
وبعد خمس ايام على اندلاع مظاهرات إيرانية حاشدة جابت شوارع طهران، جراء الأوضاع الاقتصادية المتردية، يرى محللون أن إيران تتجه نحو إسقاط نظام الملالي، وأكدوا أن مليشيا الحرس الثوري مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وذكر موقع “أتلنتيكو” الإخباري الفرنسي أن “سقوط النظام الإيراني في الطريق”، واستندوا إلى “الإضرابات والاحتجاجات التي اندلعت في المدن الكبرى بعد انهيار العملة الإيرانية”.
وتابع الموقع أن “إيران على أبواب حرب أهلية، بعدما تخلف النظام الإيراني عن الالتزام بالاتفاق النووي، ما تسبب في انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وعودة العقوبات وانهيار سعر العملة”.
وأشار إلى أن ذلك التدهور الاقتصادي أدى إلى اندلاع مظاهرات وإضرابات في عدة قطاعات بعدة مدن إيرانية، وتلك المظاهرات الحاشدة، حسبما أشارت وسائل الإعلام الدولية من بينها هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، اندلعت 25 يونيو في طهران، ولم تهدأ بعد، مرجحة أنها يمكن أن تتسبب في إسقاط النظام.
من جانبه، قال المحلل السياسي، أردافان أمير أصلاني، إن الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015 بين الولايات المتحدة والدول الكبرى وإيران، أنهى آخر أمل لدى الإيرانيين لتحسن اقتصادهم، موضحاً أنه خلال السنوات الثلاث التي تم تخفيف العقوبات فيها، لم تشهد إيران أي تحسن على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي؛ بسبب توجيه عوائد اقتصاد الإيراني إلى العمليات العسكرية الخارجية في الشرق الأوسط.
وأضاف المؤرخ الفرنسي- الإيراني أن “مظاهرات بازار طهران، تعكس حالة الاختناق الاقتصادي التي يعيش فيها الإيرانيون، كما تترجم سخطهم من الوضع المتردي للسوق الإيرانية، مع غياب الأمل في إعادة استقرار اقتصاد البلاد، بسبب عجز السلطة عن التعامل مع الوضع”.
وتابع أصلاني أن الوضع الاقتصادي سيزيد سوءاً بداية من الخريف المقبل، بعد توقف مبيعات النفط الإيراني، ما يضع الوضع المالي الإيراني في ورطة”، لافتاً إلى ذعر النظام الإيراني من الفوضى خلال الأيام المقبلة.
وفى السياق قال القيادي بالمقاومة الإيرانية وعضو لجنة العلاقات الخارجية، موسى إفشار، إن المؤتمر السنوي للمقاومة الإيرانية، الذي سينطلق في 29 يونيو الجاري وحتى 1 يوليو المقبل، في العاصمة الفرنسية باريس سيعتمد طرق استكمال الانتفاضة ضد نظام الملالي وآليات التنسيق حول مجالس المقاومة ومعاقل الانتفاضة، وأخذ زمام المبادرة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام الإيراني، وكيفية قيام مجالس المقاومة، بقيادة تلك المناطق والبلدات والمدن، لتكون خارطة طريق للإطاحة بالملالي.
وكشف إفشار، أن هذه الخطة سيتم شرحها وتقديمها للعالم، لاسيما دول الجوار العربي، لتقديم إجابات واضحة حول قيادة الانتفاضة وأهدافها.
وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية بإيران إن المؤتمر هذا العام يحمل تغيرين كبيرين جدًا، يلقيان بظلالهما، أولاً وبشكل أساسي الانتفاضة التي اندلعت في 28 ديسمبر 2017 التي تختلف عن سابقتها، لأن لها أسبابا موضوعية تتعلق بالظروف المعيشية للمواطن الإيراني بعد 40 عاماً من وجود هذا النظام، والنهب الكبير من قبل نظام الملالي، والاحتقان الذي جعل المجتمع الإيراني كبرميل بارود جاهز للانفجار في مختلف القطاعات والشرائح، وهذا التغيير الكبير أدى إلى اندلاع الانتفاضة.
وأشار إفشار إلى أن الانتفاضة متجذرة في مدن كبيرة، ولا تتعلق بالطبقة الوسطى، التي في العادة هي الدينامو للثورات التي شهدتها إيران في الـ110 سنوات الأخيرة، بل انتشرت هذه المرة بين الشرائح الدنيا والعليا بجميع المدن الإيرانية في 31 محافظة، فهي حالة غير مسبوقة، ونحن أمام استحقاق انتفاضة ليس بإمكان نظام الملالي إخمادها خلال 6 أشهر.