أرشيف صحيفة البلاد

إيران .. اقتصاد مأزوم وانتفاضة لا تخمد

طهران ــ وكالات
ماتزال الاحتجاجات الشعبية في طهران تتصاعد يوماً بعد يوم، مع تنامي حالة الاستياء الاجتماعي فى ظل تراجع سعر الريال بعد شهرين، من انتفاضة الإيرانيين على الوضع الاقتصادي والسلطة في عشرات المدن.
وتتحدث الصحف الإيرانية منذ 15 يوما عن إضرابات متكررة لمئات العمال في الأهواز “جنوب غرب” وأراك “غرب”. وظهر في تسجيل فيديو وضع على موقع “تلغرام” متظاهرون في مصنع “هبكو” في أراك يرددون ساخرين: “العامل الفقير يجب أن يشنق، والمفسد الاقتصادي يجب أن يحرر”
ويلمح الهتاف إلى سلسلة من القضايا المدوية لفساد واختلاس أموال، أو جرائم اقتصادية وقعت في السنوات الأخيرة.
وكانت شركة “هبكو” التي تنتج آليات ثقيلة والمعروفة في إيران، قد خضعت للخصخصة قبل نحو 10 سنوات. وقد تعثرت نشاطاتها، ويطالب موظفوها بالحصول على رواتبهم التي لم تدفع منذ 8 أشهر، حسب مطالبهم التي وضعت على مواقع التواصل الاجتماعي
ويتظاهر عمال المجموعة الوطنية للصناعات الفولاذية في الأهواز؛ حيث يعمل نحو 4 آلاف شخص، أيضا للحصول على متأخرات رواتبهم والدفاع عن تقاعدهم في مواجهة إدارة جديدة.
تتحدث وسائل الإعلام باستمرار عن تجمعات لعمال يحتجون على عدم تلقيهم أجورهم أو تراجع قدراتهم الشرائية.
وفي نهاية فبراير الماضي حاول شاب إيراني إحراق نفسه في فرديس بالقرب من طهران عندما جاءت الشرطة لهدم محله المبني بلا ترخيص.
وأثار فيديو الحادثة ضجة كبيرة على الإنترنت. وقد سبقت حوادث عدة في الأشهر الأخيرة عمله اليائس. وكانت عشرات المدن الإيرانية شهدت في فترة رأس السنة اضطرابات أودت بحياة 35 شخصا على هامش تظاهرة لم يسمح بها ضد الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسلطة.
واتخذت السلطات الإيرانية بعض الإجراءات لتهدئة الوضع، لكن دون جدوى أمام الغضب الشعبي من نظام الملالي.وحذر علي أصلاني العضو في مجالس العمل الإسلامية، وهي شكل من أشكال النقابات الرسمية، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العمالية القريبة من الأوساط النقابية الرسمية، من أن “مجتمع العمال يشعر بخيبة أمل”.
وقال أصلاني: إن “الرقم الذي أعلن عن التضخم هو 9% ، لكن ليس هذا ما يشعر به المجتمع”.
وبينما يضاعف الرئيس حسن روحاني التصريحات المطمئنة عن وضع الاقتصاد، يغذي تراجع سعر الريال الإيراني الذي فقد نحو ربع قيمته في مواجهة الدولار خلال ستة أشهر.
وفي منتصف فبراير الماضي، اتخذ البنك المركزي الإيراني إجراءات للحد من تدهور سعر العملة الوطنية. لكن تأثيرها كان قصير الأمد واستأنفت انخفاضها.
وقال برويز فتاح رئيس لجنة الإمام الخميني للمساعدة هيئة الإغاثة الشعبية العامة\: إن المساعدات الاجتماعية التي تقدم إلى 11 مليون إيراني، أي نحو 14% من السكان، تمت زيادتها بشكل كبير (بنسبة 75% لعائلة من 5 أفراد).
ويأتي هذا التوتر الاجتماعي بينما لم يشعر الإيرانيون بعد بآثار تعليق جزء من العقوبات الدولية المفروضة على إيران، نتيجة إبرام الاتفاق النووي في 2015.
وكما يفترض أن يسمح رفع العقوبات بإنعاش اقتصاد مخنوق، لكن في مواجهة التقدم الطفيف للاستثمارات الأجنبية في إيران لم يحدث ذلك.
وما زال معدل البطالة مرتفعا جدا. وتفيد الأرقام الرسمية الأخيرة بأنه يبلغ 11,9%، ووصل إلى 28,4% للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما. وفى السياق عقدت في الأمم المتحدة على هامش أعمال الدورة الـ 37 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف ندوة تناقش التدخلات الخارجية في الصراعات.
وتناول المشاركون في الندوة المشروع الإيراني في الدول العربية والميليشيات التي جندتها إيران لتحقيق هذا المشروع بالوكالة، مشيرين إلى أن إيران تمول 60 ميليشيا مختلفة لإسقاط الدول العربية وتهديد استقرارها.
وتطرقوا إلى ما تقوم به إيران من تدخلات سافرة في مختلف دول العالم ودعمها للإرهاب وسعيها لزعزعة الاستقرار، وتمزيق المجتمعات من خلال أذرعها الإرهابية والمتطرفة التي قامت بتأسيسها ورعايتها في عدد من الدول، واصفين ذلك بالخطر الذي يتعين مواجهته، لا سيما أن هذه المنظمات أصبحت تتحدى الحكومات الشرعية وتخطف منها القرار والسيادة وأصبحت تقتل وتشرد وترتكب الجرائم.