كتبه د. هاشم بن عبدالله النمر
وها هي السعودية مرة أخرى تدشن أحد أكبر المشاريع التقنية المستدامة، لتنقل اقتصاد المملكة إلى مرحلة جديدة تعتمد على الطاقة المتجددة بعيدا عن النفط. وقاد دفة المشروع مهندس التجديد سمو ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان. إنه مشروع الطاقة الشمسية 2030، ويهدف المشروع إلى الاستفادة واستثمار كل موارد الدولة الطبيعية لخدمة الأجيال الحالية والقادمة.
بدأ التنفيذ في المشروع في أكتوبر لعام 2017، حيث تم توقيع مذكرة تعاون بين صندوق الاستثمارات العامة وسوفت بانك، لإنشاء خطة الطاقة الشمسية 2030، وكان ذلك على هامش أعمال مبادرة مستقبل الاستثمار FII في الرياض. وخلال زيارة سمو ولي العهد لمدينة نيويورك في أميركا في شهر مارس الماضي، وقع سموه مذكرة تعاون موسعة مع السيد ماسايوشي رئيس مجلس إدارة صندوق سوفت بانك ، لإنشاء خطة الطاقة الشمسية، ومن المتوقع بدء الإنتاج الأولي في عام 2019، على أن يكتمل المشروع نهائيا في عام 2030. وسيكون المشروع الأكبر عالميا حيث تقدر تكلفة المشروع بمقدار 200 مليار دولار. على ان يتم إنشاء شركة جديدة لإنشاء وتصنيع وتطوير ألواح الطاقة الشمسية قريبا، وسيتم توزيع الألواح الشمسية على مساحات شاسعة في مملكتنا الحبيبة قد تفوق حجم بعض الدول العالمية. وقد تصل كمية إنتاج الطاقة الشمسية إلى 200 جيجا وات بحلول عام 2030. والجميل أن المملكة العربية السعودية غنية بخيرات طبيعية وهبها الله لنا، فهناك الأراضي الشاسعة وهناك وفرة في المواد الأولية الطبيعية المستخدمة في صناعة الألواح الشمسية مثل السيلكا والنحاس والمواد المصنعة للبلاستيك، ناهيك عن توفر الطاقة الشمسية الطبيعية على مدار العام، وتغطي كامل مساحة المملكة، وهناك الغاز الطبيعي المتوفر- ولله الحمد -على أرضنا الغالية؛ مما يسهل عملية تصنيع هذه الألواح. علما بأن السعودية تعتبر رائدة عالميا وذات خبرة كبيرة في صناعة المواد البتروكيميائية مما يعطيها قوة تنافسية أخرى كبيرة. كل هذه العوامل وغيرها سيسهل – بإذن الله تعالى- عملية البدء في المشروع وبتكلفة بسيطة جدا مقارنة باستيراد تلك المواد من الخارج، ومن المتوقع أن يكون سعر التكلفة ما مقداره 2.5 سنت لكل كيلوا وات في الساعة والذي يعد أقل سعر لإنتاج الطاقة الشمسية منذ بدأ العمل بهذه التقنية. وللمشروع فوائد اقتصادية كبيرة على الفرد والمجتمع عامة. فهناك آمال كبيرة لتوظيف ما يزيد عن مائة ألف شاب وشابة في المشروع وذلك بحلول عام 2030. ومن المتوقع زيادة الناتج المحلي السعودي ليصل إلى 12 مليار دولار، وتوفير ما يقارب 40 مليار دولار سنويا. وسينشط دور جامعاتنا ومراكزنا البحثية مع البدء في هذا المشروع الوطني الكبير، حيث إن هناك العقول المفكرة المتخصصة في مجال الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية بالتحديد، وهم على أتم الاستعداد لخدمة وطنهم الغالي. وبالتأكيد فإن انطلاقة هذا المشروع ستسهم وبقوة في ترسيخ دور ومكانة المملكة عالميا في كل المجالات وستكون مصدر الأمان العالمي في الطاقة المستدامة التي ستنقلنا إلى عالم يحذوه الأمل والتطلع إلى غد أفضل لنا وللأجيال القادمة، وها هي ملامح الرؤية تظهر جليا للعلن وتقحم كل مشكك في نجاحها، فهي ليست شعارات واهية بل حقيقة ظاهرة نفخر جميعنا بها كمواطنين.. “إنها السعودية الجديدة يا سادة”.