جدة

أنزل…. شنبك خضر

م.نبيل صالح صابر

أحد أخلاقيات أهل جدة التي نفتخر بها إتباعنا التعاليم الدينية حتى أصبحت عادة من عاداتنا… فنحن نحافظ ونحرص على ستر أعراضنا وعدم تكشف نسائنا وبناتنا للرجال الغرباء… ويزداد ذلك الحرص في تعاملاتنا اليومية. عندما كنا في بيت البلد بسوق البدو… كانت نسائنا عندما تخطط لزيارة أحد العوائل أو البيوت يحتجن أخذ شورة *الزوج(إذنه أو موافقته)… بل شدد الأمر بالإضافة لشورة الزوج تأخذ شورة والد الزوج وكل إخوانه الأكبر منه!!! وقد يحتاج الترتيب للزياره المذكورة فترة أيام قد تصل إلى أسبوع في بعض الأحيان…
الموافقة تكون بمعرفة رجال البيت عن أخلاق وسمعة العائلة أو البيت مراد زيارته.. وأن لايكون لديهم صبي كبير السن وخلافه !!
وقد استطاعت الوالدة حفظها الله بعد زواجها من الوالد أن تبدأ في إلغاء اشتراطات وفرمانات أخذ شور جدي وعماني… واكتفت بأخذ شور الوالد شافاه الله ورعاه.فقد كانت تلك الخطوة ثورة تقدمية تزيد الارتباط بين الزوجين وتزيل تدخل الآخرين بينهما والتي قد تكون غير مستحسنة أو مرغوب فيها في بعض الأحيان. مع العلم أن الوالد كان أصغر أخوانه.
كان يعمل الصبيان الصغار في خدمة البيت… ويتم التخلص من تواجدهم بين أفراد العائلة بإرسالهم للعمل في دكان سيدي طه صابر وذلك بعد سن معين وقبل بلوغهم.
وكان السقا الذي يحمل زفة الماء إلى الأدوار المختلفه من البيت يصيح من الدهليز طريق…طريق… طريق وذلك لتبتعد النساء عن طريقه حتى يفرغ زفته في الزير أو الحنفية المبنية….ويستمر طريق…طريق حتى يصل إلى الدهليز مرة أخرى خارجاً إلى البازان أو البرميل عند الباب ليعبي الزفّة مرة أخرى.
وفي إحدى المرات كنا نلعب كوره في البرحة أمام البيت وتسطحت الكوره فوق دكاكين سوق البدو وكان العرف السائد”إليّ يسطحها يجيبها” وتسلق أحد أولاد الجيران الدكاكين المذكوره …عشان يجيب الكوره. …. وصادف مرور أحد أعمامي وشافه فوق السطح …وزهم عليه “أنزل ياديوس (ياديوث)…تتكشف على عارنا….أنزل… شنبك خضر”
ولد الجيران كان على قرب البلوغ…وقد بدء مكان طلوع شعر الشنب بالإخضرار…. وسمع ما سمع من عمي!!!
وفِي أيام الإختبارات المدرسية يجتهد أولاد وبنات البيت في المذاكرة … ولضيق المطارح الموجودة في البيت… يتوزع البنات والأولاد للمذاكرة في الدرج والسطوح مع قمة الأدب والتعامل الجيد الذي لا أذكر وجود ما يخل به.. فقد بنيت تربيتنا على حسن الخلق … المفعم بالأدب.فقد كان هناك إتفاق بين أحد أعمامي والوالد… أن نتناول الوجبة الرئيسة (الغذاء) على سفرة واحدة نساءً ورجالاً مع جميع العيال أولاد وبنات وطبعاً مع البس المحتشم وتغطية شعر النساء والبنات البالغات….وكانت الوالدة تطبخ يوم وزوجة عمي اليوم الثاني….
نعم هذه أخلاقنا في بيوتنا نحافظ عليها إلى اليوم…..وتلتزم نساءنا وبناتنا خارج البيت وداخله الحشمة والغطاء بدون سفور ولافجور ….ونحمد الله على ذلك.
وما زال الشور مستمراً بدون تشدد محافظين على أخلاق الإسلام التي نفخر بها.
*شورة- أي أخذ موافقة أو الإذن(نشاور) قبل الإقدام على الفعل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *