جدة- البلاد
تكشفت نوايا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بصورة فاضحة في تعامل المنظمة في عهده مع موضوع اليمن متجاوزة أهدافها ومسؤولياتها وقراراتها بتقديمها 14 مليون دولار إلى ما يسمى بوزارة التعليم اليمنية والكل يعلم أن مليشيات الحوثي وأتباعهم وحلفاءهم يسيطرون على العاصمة صنعاء حيث وزارة التعليم وغيرها وأن الحكومة الشرعية هي التي يمثلها الرئيس عبد ربه منصور هادي باعتراف المجتمع الدولي.
هذه المفاجأة الغريبة حقاً تختلف تماماً عن التقارير المضللة والمسيسة وغير الدقيقة التي صدرت من قبل عن غوتيريس بشأن اليمن الشقيق إذ تخلت المنظمة الدولية بوضوح عن حيادها المفترض ونزاهتها وشفافيتها والتزامها الصارم بالمبادئ والقيم والمثل العليا لتتعامل مباشرة وبدهاء منقطع النظير مع الحوثيين عياناً بياناً وتقدم الدعم لهم بصورة مضللة للآخرين وغير أخلاقية لأنها تمس أهم القطاعات في أية دولة أي تلك المعنية بالتربية والتعليم.
هذا التصرف غير المبرر يعتبر خرقا صريحاً ومتعمداً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الصادر في 14 إبريل، 2015م والذي ينص على فرض عقوبات تمثلت في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج، طالت زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي وأحمد علي عبد الله صالح نجل الرئيس المخلوع، والقائد السابق للحرس الجمهوري اليمني، المتهمين بتقويض السلام والأمن والاستقرار في اليمن.
كما شمل القرار أيضاً حظر توريد الأسلحة والعتاد ووسائل النقل العسكرية لعلي عبد الله صالح ونجله أحمد وعبد الملك الحوثي وعبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم (أبو علي الحاكم) وكافة الأطراف التي تعمل لصالحهم أو تنفيذاً لتعليماتهم في اليمن، وذلك في إشارة إلى أنصار حركة الحوثيين والجنود الموالين لصالح. وطالب القرار الدول المجاورة بتفتيش الشحنات المتجهة إلى اليمن في حال ورود اشتباه بوجود أسلحة فيها، وطالب الحوثيون بوقف القتال وسحب قواتهم من المناطق التي فرضوا سيطرتهم عليها بما في ذلك صنعاء.
وسبق لمجلس الأمن أن أدرج علي عبد الله صالح واثنين من قادة الحوثيين هما عبد الخالق الحوثي وعبد الله يحيى الحكيم على قائمة العقوبات الدولية في نوفمبر 2014م.
وإذا كانت الأمم المتحدة لا تلتزم بالقرارات الصادرة عنها وعن أجهزتها فهذه سابقة خطيرة في تاريخها تتطلب وقفة جادة لتقييم وتقويم هذا التصرف الذي لا يمكن هضمه بأي حال من الأحوال كما لم يعد يخفى على أحد استغلال المليشيات الإنقلابية للمدارس وتحويلها إلى ثكنات ومخازن عسكرية ,وهي التي تتولى الأمر في العاصمة صنعاء وتنازعها جماعة المخلوع صالح فكيف يمكن دعم التعليم في كل مناطق اليمن دون تفرقة؟ ومن يضمن توظيف هذه الأموال فيما خصص لها علماً بأن للمليشيات باع طويل في الفساد والإفساد وتوظيف الأموال في ما يحقق أغراضها ومراميها وأجندتها المرتيطة بدولة وعناصر خارجية؟ .
لاشك أن المنظمة الدولية تعرف الإجابة على هكذا أسئلة ولكنها في غيها استخدمت التعليم كوسيلة لدعم الانقلابيين في صراعهم على السلطة وضد السلطة الشرعية وبالتالي لا يمكن مطلقاً قبول هذا التصرف منها والذي يناقض ميثاقها ومبادئها ويستخدم الأموال الواردة إليها في تأجيج الصراعات والانحياز إلى طرق دون آخر خاصة وأن الطرق الآخر هو الأحق بهذه الأموال والقادر على إدارتها وتوزيعها بشكل عادل.
وإزاء كل هذا فمن الطبيعي أن تستنكر المملكة العربية السعودية في كلمتها الأربعاء الماضي أمام لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة ) حول البند 50 والخاص بالأعمال المتعلقة بالألغام ما ورد في تقرير لجنة معنية في الأمم المتحدة عن قيام المنظمة الدولية بتقديم مبلغ 14 مليون دولار إلى ما يسمى بوزارة التعليم اليمنية وهي الجهة التابعة لميليشيات الحوثي مؤكدة أن دعم الأمم المتحدة للميليشيات الانقلابية الحوثية هو أمر لا يمكن تبريره أو قبوله فلا يمكن إضفاء الشرعية لمن لا شرعية له ولا يمكن تسليم المساعدات الدولية لإزالة الألغام لمن يقومون بزرعها ونشرها ويسهمون في تهديد أمن وسلامة اليمن والمنطقة والعالم أجمع.
إن مكافأة المليشيات الإنقلابية بأموال الأمم المتحدة يعد حافزاً لها لمزيد من التضييق على اليمنيين تحت سيطرتها وفرض إرادتها عليهم والتحكم في مسار حياتهم وهي من اعتادت على سلب المساعدات الإنسانية وتعطيل جهود الإغاثة ونهب أموال الدولة غير ما تقوم به من قتل وتنكيل واعتقال وإساءة للنساء وتجنيد للأطفال وحصار وتجويع للمدن والبلدات في البلد الشقيق واطلاق الصواريخ الباليستية على حدود المملكة ومحاولاتها اليائسة لاختراقها وزرع عشرات الآلاف من الألغام بشكل عشوائي في المدن والقرى اليمنية الآهلة بالسكان راح ضحيتها الآلاف من المدنيين بما فيهم الأطفال والنساء بين قتيل وجريح كما زرعت ما لا يقل عن ألف لغم على الحدود السعودية – اليمنية.
ولم تقتصر انتهاكات ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح على زرع الألغام البرية فحسب، بل إنها قامت بزرع الألغام في البحر الأحمر بالقرب من الحدود السعودية وقبالة سواحل ميدي وجزيرة تواك وفي مناطق متعددة غيرها مهددة أمن وسلامة خطوط البحرية الدولية وللسلم والأمن الإقليمي الدولي مما يشكل انتهاكاً صارخاً لقرارات مجلس الأمن ذات العلاقة.