تتعرض شجرة اللوز البجلي في منطقة الباحة إلى حالة أقرب إلى الاندثار , وخلال جولة لنا على عدة مواقع في عدة بلدات في محافظة القرى بالاطاولة , شاهدنا ان الجيل الذي تعايشنا معه من اشجار اللوز قد وصل الى مرحلة الشيخوخة , وحدثني عدد من المواطنين أن حالة من العزوف الكبير تشهدها شجرة اللوز البجلي في معظم ارجاء المنطقة .
وبدت الكثير من اشجار اللوز وقد تحولت الى حطام , في حين كانت قبل حوالي 15 عاما تنتج واحدة من أبرز الثمار التي كانت تشتهر بها منطقة الباحة في بلاد زهران وغامد , بل وتصدرها الى الطائف ومكة المكرمة .
وان كان ثمة من بدأ الاهتمام بهذه الشجرة وزراعتها في مواقع زراعية قريبة من المسكن الحديثة , لكن ذلك ظل حالة استثنائية , لا تقارن بحالة ابتعاد الكثير من الاهالي عن الاحتفاء بهذه الشجرة , التي كانت تنتج ثمارها بشكل غزير في فصل الصيف من كل عام خلال سنوات بعيدة .
ونتيجة منطقية لليباس الذي أصاب الكثير من اشجار اللوز البجلي , بدأ بعض الاهالي في المنطقة الافادة من حطام تلك الاشجار التي شاخت , كحطب للتدفئة حول البيوت في جلسات السمر أو في عملية الشواء , وسط دهشة عارمة ومخاوف من انقراض شبه تام لهذه الشجرة .
واعرب عدد من الاهالي عن دهشتهم من موقف فرع وزارة الزراعة , وكذلك الامانة والبلديات , حيث كان يتوجب على هذه القطاعات الرسمية دعم زراعة اللوزيات , بالتشجيع على زراعتها , سواء للمواطنين في مزارعهم من خلال التسهيلات المطلوبة , او من خلال قيام البلديات بزراعة اللوز في الجزر الوسطية للطرق العامة وعلى جنبات الشوارع , بدلا من قيام بعض البلديات بوضع مجسمات بلاستيكية لشجر اللوز .
ويعد اللوز من الاشجار المعمرة , ويبدأ في انتاج ثماره على هيئة أزهار ذات لون أبيض ثم وردي في فصل الربيع , في مشهد كان يشكل لوحة طبيعية جمالية بديعة تزين المزارع والاودية , ثم تتحول كل زهرة إلى ثمرة لوز طرية , ذات لون اخضر تسمى باللهجة الدارجة ” القضاريم ” حيث يتم جنيها أحياناً وهي بتلك الحالة وتجد اقبالا كبيراً على أكلها .
أما اذا تُركت في الشجرة فإنها تتحول إلى الصلابة ويتحول لونها إلى بني أو أصفر وتتشكل داخلها اللب ” اللباب” الذي يتم استخراجه بالضرب على كل ثمرة بآلة صلبة حتى تنكسر ويظهر اللبّ , وعادة ما يباع اللوز البجلي في هذه الحالة أما ” لبابا ” جاهزاً للأكل أو لوزاً بقشرته الصلبة .
أما سبب تسمية هذه الشجرة باسم اللوز ( البجلي ) فلم نجد مصدرا دقيقا يوضح سبب التسمية , وإن كانت ” بجيلة ” القبيلة المعروفة والتي منهم قبيلة بني مالك جنوبي الطائف , ربما تكون أحد الأماكن التي بدأ فيها زراعة هذه الشجرة , وهذا يحتاج لمصدر موثوق يثبتها , وقال لي المؤرخ قينان الزهراني إن من بين أكثر الاجزاء التي كانت مشهورة بزراعة اللوز البجلي في المنطقة هي ديار بني عمر السراة المعروفة – بقبائلها الخمسة .