إعداد- محمود العوضي
مازلنا نبحر ونستعرض أهم الغرائب والطرائف والنوادر التي صادفت وحدثت في كأس العالم الممتد تاريخه منذ 1930 حتى اليوم، مقدمين مجموعة من القصص الطريفة التي صاحبت البطولة على مر السنين.
نهائيات السويد “1958”
– كانت السويد تعاني من مشكلة اختيار منتخبها المشارك في المونديال، وكانت حائرة حول ضم لاعبيها المحليين الهواة، أو المحترفين خارج البلاد، واستقر الرأي في النهاية على المحترفين، قبل 15 يوماً من انطلاق البطولة. ولم يخيب هؤلاء الظن بهم، فأوصلوا المنتخب إلى المباراة النهائية.
– نجم المنتخب الفرنسي ونادي ريال مدريد ريمون كوبا، كان يتلقى مكالمات هاتفية يومية من رئيس النادي سانتياغو برنابييه الذي كان يشاهد مبارياته، إضافة إلى برقيات تشجيعية من زملائه في النادي.
– رفضت الباراغواي خوض أي مباراة استعدادية مع المنتخبات الأوروبية قبل النهائيات، حتى لا تكشف خططها أمامهم، ولكن مباراتها الأولى في النهائيات، شهدت خسارتها أمام فرنسا “3-7!”.
– الهدف التي سجله الفرنسي جوست فونتين في مرمى البرازيل في نصف النهائي، كان أول هدف يدخل شباك الحارس جيلمار في البطولة؛ إذ حافظ على نظافة شباكه مدة 368 دقيقة، أمَّا المرة الوحيدة التي كانت فيها البرازيل متأخرة بهدف، فكانت في المباراة النهائية ضد السويد، لكنها فازت في النهاية “5-2”.
نهائيات تشيلي “1962”
– ألحق الزلزال الذي ضرب تشيلي عام 1960 أضراراً كبرى بالمدن والمرافق العامة وكاد أن يمتد خطره للرياضة حيث باتت استضافة الكأس التي أعلن عنها عام 56 مهددة هي الأخرى؛ خاصة بعدما دخلت الأرجنتين على الخط، لكن رئيس البلاد المنكوبة بعث برسالة للاتحاد الدولي يستعطفهم فيها إعطاء البلاد ولو جزءاً بسيطاً من هيبتها الدولية وهذا ما كان، وما كان أيضاً أن البطولة شهدت أحداثاً عنيفة حتى إن مباراة تشيلي وإيطاليا ولكثرة حالات الطرد والإصابات، سميت بمعركة سنتياغو.
– تسببت بعض التشوهات الخلقية التي رافقت عملية ولادة الصبي البرازيلي مانويل فرانشيسكو في إجراء عملية جراحية له لتمكينه من المشي على قدميه، وأسفرت العملية عن اختلاف في طول ساقي فرانشيسكو الذي كان في صباه شبه أعرج ويبدو أن فرانشيسكو أيقن أنه غير مؤهل للمشي، فقرر التحليق عالياً، واستطاع عبر التدريبات المتواصلة تطوير قابلياته التي أهلته لإحراز لقب هداف بطولة كأس العالم، إنه غارنشيا، المعروف بلقب الطائر الصغير.
– في مباراة الدور الثاني بين إيطاليا والتشيلي، أشرك المدرب الإيطالي لاعبي الاحتياط. لكن رهانه كان خاطئاً وفازت التشيلي “2-0” وتأهلت للدور ربع النهائي.
– بين الأهداف الـ 14 التي سجلها البرازيليون، سبعة كانت من تسديدات رأسية، وللمقارنة، فإن جوست فونتين، هداف 1958، سجل 13 هدفا، بينها هدف واحد برأسه!.
– أهمية كرة القدم عند البرازيليين لخصها الرئيس البرازيلي جواو غولات حين قال: “ليس عندنا لا أرز ولا خبز، ولكن يكفينا بيليه وغارينشا واماريلدو وكأس العالم، وهذا هو المهم”، وانطلاقاً من المثل القائل: “حافظوا على قديمكم”، كان الوفد البرازيلي المشارك في مونديال 1962، نسخة مطابقة عن الوفد الذي شارك في مونديال 1958، التشكيلة ذاتها من اللاعبين “باستثناء اللاعب اورلاندو”، المسؤول عيَّنه والمساعدون أنفسهم، إضافة إلى القمصان الرياضية!.
– للمرة الأولى، وبفضل القمر الصناعي “تلستار 3” نقلت المباريات مباشرة إلى مختلف القارات، خلافاً لما كان حاصلاً في مونديال التشيلي 1962، عندما كانت تسجل هذه المباريات وتبث لاحقاً.
– إحدى أهم مباريات المونديال، والتي فازت فيها ألمانيا الغربية على إنكلترا “3-2” في الدور ربع النهائي، أجريت في ظل حرارة بلغت 52 درجة!.
– القميص الذي ارتداه بيليه في المباراة النهائية، لا يزال مفقوداً حتى اليوم، فبعد إطلاق صافرة النهاية، اجتاح الجمهور أرض الملعب، وعند دخوله غرفة اللاعبين، لم يبق على جسم بيليه سوى السروال والحذاء الرياضي.
نهائيات إنكلترا “1966”
– يمكن القول: إن كرة القدم بدأت هنا، الأسماء اللامعة التي حفظناها “بيليه، بكنباور، أوزبيو، ياشين وغيرهم” حيث اخترق عالم كرة القدم الدعاية والإعلام والمعارض، وليس أدل عن ذلك من استحداث ملصق الأسد “ويللي” الذي صار الأب الروحي لكل التعويذات الرياضية.
– معرض خاص للطوابع أقيم في صالات قاعة ويست منسترخمت، في أهم أجزائها عرض كأس العالم المسماة كأس جول ريميه التي سرقها أحد الزوار ليضع إنكلترا في حرج كبير، مما اضطرها لعمل حالة استنفار كبرى بصفوف الشرطة المحلية “السكوتلانديارد” التي جندت أكثر من ثلثي طواقمها للبحث عن الكأس الذي تصدرت أخباره عناوين الجرائد الكبرى لعدة أيام حتى أن الشرطة أعلنت عن جائزة تقارب العشرة آلاف جنيه إسترليني لمن يدلي بمعلومات قيمة تؤدي للعثور على الكأس التي صارت كابوسا؛ حتى فكر البعض بنسخ شكل قريب له.
لكن الأمور تم حلها بشكل نهائي عن طريق الكلب بيكلز العائد للسير ستانلي الذي كان دائم السير مع صاحبه في المجمعات الرئيسة، وفي إحداها وتحديداً في مجمع للمهملات وجد الكلب بيكلز الكأس ملفوفاً بورق جريدة قديمة. ولحسن حظ أفراد اللجنة المنظمة لكأس العالم أن الكأس الذهبية عادت إلى خزانة الاتحاد الإنكليزي قبل بدء منافسات البطولة بفترة وجيزة.
ويذكر أن هذه السرقة لم تكن الأخيرة حيث تكررت مرة ثانية وسرقت من خزانة الاتحاد البرازيلي لكرة القدم وقام السارق بصهر الكأس وتحويلها إلى سبائك ذهبية وحدثت السرقة في منتصف السبعينات ولم يكن بيكلز حينها على قيد الحياة.
– كانت بطولة 1966 المناسبة الخامسة على التوالي التي يظهر فيها المنتخب المكسيكي على مسرح النهائيات، واستطاع حارس المرمى المكسيكي انطونيو كارباخال الظهور في جميع تلك المشاركات حيث مثل بلاده في 12 مباراة كانت آخرها في العام 1966 ضد الأوروغواي.
والمثير في قصة كارباخال أن شباك المرمى المكسيكي لم تنج من الكرات الغازية طوال حراسته للعرين المكسيكي إلا في مباراته الأخيرة التي فشل خلالها مهاجمو الأوروغواي في إكمال كرنفال الأهداف العالمية بالمرمى المكسيكي، يبقى التذكير أن المهاجمين سجلوا 26 هدفاً في مرمى كارباخال.
– لعل من أصعب المباريات التي خاضها المنتخب الإنكليزي في نهائيات بطولة كأس العالم عام 1966 قبل أن يحرز لقب البطولة، تلك التي جرت في الدور شبه النهائي ضد منتخب الأرجنتين الذي تميز معظم لاعبيه بصغر سنهم وقلة خبرتهم على الصعيد الدولي.
وفي الواقع فإن المداخلات التي رافقت المباراة عجلت بشكل أو في آخر في عملية استحداث لغة تخاطب جديدة، ذات مفردات بسيطة، بين حكام مباريات كرة القدم واللاعبين داخل حدود الملعب.
– وقد تغيب على الكثيرين من متابعي لعبة كرة القدم الحقيقة التاريخية المتعلقة بعدم استخدام البطاقة الصفراء أو الحمراء كدلالة على قرار الحكم إنذار اللاعب أو طرده حتى مطلع السبعينات.
وكان يستعاض عن ذلك بقيام الحكم بإنذار اللاعب وتدوين اسمه على دفتر صغير يدسه في جيبه وفي حال تكرار الخطأ من اللاعب نفسه، فإن من صلاحية الحكم طرده وإبلاغه بقراره عبر جملة بسيطة “أنت مطرود” دون استعمال لغة الإشارة أو رفع البطاقة الحمراء كما هو معمول به الآن.
– وخلال مباراة إنكلترا والأرجنتين التي استضافها ملعب ويمبلي في لندن، وحضرها أكثر من خمسين ألف متفرج، وجه الحكم الألماني رودولف كرتلين مطلع الشوط الأول إنذاراً إلى الكابتن الأرجنتيني اوبالدو راتن لعرقلته أحد لاعبي المنتخب الإنكليزي.
ومع اقتراب وقت المباراة من الدقيقة الثلاثين، وقع ما لم يكن في الحسبان، فقد أطلق الحكم صافرته معلناً خطأ في حق المنتخب الأرجنتيني، ويبدو أن القرار لم يرق لكابتن الأرجنتين الذي اندفع نحوه وبدأ يتفوه بعبارات إسبانية علماً بأن الحكم الألماني لم يكن يجيد اللغة، وفجأة قرر الحكم طرد اوبالدو راتن، ومما فاقم من مداخلات القضية عدم وجود لغة تفاهم أو حوار تجمع الحكم الألماني الذي كان يتكلم الإنكليزية من جهة ولاعبي الأرجنتين الذين يتكلمون الإسبانية ولا يجيدون سواها من جهة أخرى.
وأكد راتن عقب انتهاء المباراة أنه طلب من الحكم استقدام مترجم لفك طلاسم قراراته الجائرة، ويبدو أن الحكم الألماني خيل له أن راتن قد تفوه بكلمات نابية احتجاجاً على قراره، فاتخذ قرار الطرد دون أن يفهم كلمة واحدة خرجت من فم اللاعب.
أما الحكم الألماني فقد دافع عن نفسه لاحقاً؛ عندما أكد أن تعابير وجه الكابتن الأرجنتيني كانت مرآة صادقة عن العبارات النابية التي تفوه بها، وبالتالي لم يكن هناك من خيار سوى طرده من المستطيل الأخضر.
أما كابتن الأرجنتين المطرود، فقد قادته تخيلاته إلى حد اتهام الحكم بالتآمر مع اللجنة المنظمة للبطولة؛ بغية ضمان وصول إنكلترا إلى المباراة النهائية لإنجاح البطولة مادياً؛ خصوصاً وأن المباراة النهائية لم تكن منقولة إلى قارات أميركا وآسيا وإفريقيا لعدم توافر وسائل النقل الحديث من أقمار صناعية ومحطات بث وتلقي.
وأكد راتن في مناسبات عدة أن التآمر امتد ليشمل منتخب الأوروغواي الذي طرد اثنان من لاعبيه أثناء مباراة منتخب بلادهم مع ألمانيا الغربية في دور الثمانية التي انتهت نتيجتها لصالح الألمان بأربعة أهداف للاشيء.