جدة – عبدالهادي المالكي
تحولت فكرة معرض جدة الدولي للكتاب إلى واقع يتحدى كل الصعاب، لتحظى عروس البحر الأحمر بهذا العرس الفكري الثقافي الأدبي، بعد أن وقف خلف هذه المبادرة عاشق جدة وابنها البار صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ محافظة جدة رئيس اللجنة العليا للمعرض ،
حيث كسب سموه الرهان في تنظيم هذا الحدث، واستضافة 30 دولة و450 دار نشر محلية وخليجية وعربية وعالمية على ضفاف كورنيش جدة الساحر، ليتغنى هدير الموج بما يقارب مليون و500 ألف عنوان تحملها كتب المعرض في شتى مناحي المعرفة.
ورسمت محافظة جدة التحدي الآخر في إشراك أكثر من 1000 موظف وفني وعامل من أبنائها من الكوادر الشابة المؤهلة في إدارة الحدث العالمي، الذي أصبح محل متابعة من الأوساط الثقافية والأدبية والفكرية والعلمية ليدلل أن الكتاب ظل برغم كل المتغيرات التقنية الحديثة محتفظاً بمكانته التي احتلها لدى عشاق المعرفة .
وسجلت المحافظة تزايد الإقبال على المعرض في نسخته الثانية، بعد أن أصبح تجمعاً سنوياً لأهل صناعة الكتاب من مؤلفين وناشرين وموزعين بجمهورهم من المثقفين وطلاب العلم وأصدقاء الكتاب من مختلف شرائح المجتمع، مدللة على أن الكتاب وجدة قاسم مشترك للثقافة والأدب بكل معانيها وأشكالها ، وفي هذا الحدث ما يميزه عن غيره من خلال مشاركة واسعة لكبريات دور النشر العربية والدولية، وشموليته التي تتضمن الكتب الأكاديمية والثقافية والعلمية والأدبية والدينية بالإضافة إلى كتب الطفل، والوسائط المعرفية والكتب الإلكترونية.
إن ترؤس صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد بن عبدالعزيز محافظ جدة للجنة العليا للمعرض أعطى دفعة قوية لتطور الثقافة والأدب بجدة، ونهوضها حضارياً، مما مكنها من التربع على مكانة متقدمة في استضافة كبرى الفعاليات، باعتبار أن ما حققه المعرض من نجاحات في العام الماضي، وما سيحصده من نجاحات أخرى في نسخته لهذا العام يعود فيه الفضل بعد توفيق الله لمختلف الجهات العاملة، الذين لم يرضوا إلا بالنجاح وتحدي مختلف الصعاب والتألق في تنظيم المعرض وتجهيزه وتصميمه، ليكون علامة بارزة في سماء الثقافة بالمملكة.
ويتابع سمو محافظ جدة خطوات إخراج هذه التظاهرة للمجتمع والوقوف على أصغر الأمور قبل كبيرها، مقدماً دروس الإنجاز والإبداع في سباق مع الزمن، وحرص سموه على تفادي السلبيات وتعزيز مستوى الإيجابيات وتقديم العمل الجاد للخروج بالمعرض في أبهى حلة تراعي التميز، وتحقق التنوع في الفعاليات؛ بما يلبي تطلعات مختلف شرائح المجتمع باعتبار الكتاب هو وسيلة التعليم الأولى ، وحضّ عليه القرآن الكريم مخاطباً البشرية جمعاء بكلمة “اقرأ” .
ولمس الزائر للمعرض في نسخته الحالية مدى التغيير عن نسخة العام الماضي سواءً بمضاعفة أعداد دور النشر، أوفتح المجال للمزيد من الدول في التنافس بالمشاركة، والانضمام إلى المعرض أو عبر توزيع مختلف للأجنحة وتخصيص أماكن إقامة الفعاليات المصاحبة وزيادة في مداخل المعرض مراعاة لحجم الإقبال الكبير من الزوار الذي سجل العام الماضي أكثر من 800 ألف زائر وحجم مبيعات أكثر من 100 مليون ريال.
وجسد المعرض توجهات محافظة جدة من وراء هذا الحدث كنشر الوعي والمعرفة وتثقيف المجتمع؛ بما ينمي معارفهم ويشجعهم على المزيد من القراءة والاحتفاء بالكتاب والمهتمين به لإثراء الحركة الفكرية والمعرفية، والاهتمام بالأدب والمثقفين وكل شرائح المجتمع، وربطهم بثقافة الكتاب وإثراء للحركة الفكرية والأدبية التي تعد رسالة المعرض الجلية، والتي يشترك فيها الجميع ليزيد من تألق عروس البحر الأحمر في معانقة الثقافة والأدب عبر هذه التظاهرة التي تضاف إلى مخزونها الفكري وشغفها بالكتاب ورعايته نشراً وتأليفاً.
وسجلت الكتب المعروضة في مختلف نواحي المعرفة رضا الجميع الذين تعرفوا خلال زياراتهم للمعرض على شتى مناحي المعرفة، واقتناء ما يروق لهم من تخصصات وعلوم تحملها هذه الكتب، مما دلل على كفاءة الحدث وقدرته على أن يكون نقلة نوعية في صناعة الثقافة وداعماً لحركة النشر والتأليف، وإثراء للحراك المعرفي لفئات المجتمع كأكبر تظاهرة تثري الثقافة والفكر .
ويبقى معرض جدة الدولي للكتاب مشروعاً ثقافياً رائداً على مستوى المنطقة ويعكس الرغبة الجامحة لدى الجميع للإقبال على هذه التظاهرة الثقافية الحضارية، حيث رد هذا المشهد على ما يعتقده الكثيرون أن هناك بعداً عن القراءة ، ليدلل على أن المجتمع السعودي غني بثقافته وفكره وحرصه على التعلم ، لينظر الناس إليه على أنه يوم عيد للمثقفين ، وهو بمثابة التجربة الناجحة التي يبرهن عليها الإقبال الجماهيري الكبير من الكبار والصغار والأطفال الذين ضجت بهم أجنحة وأروقة المعرض المختلفة التي تملؤها الكتب في شتى مناحي المعرفة .
ويحمل المعرض شرف انطلاقته من منطقة مكة المكرمة “مهبط الوحي” ووجود بيت الله الحرام، الذي يعتبر قبلة المسلمين، وهذا ما يكسبه ميزة، ويعكس حجم الزائرين له من داخل جدة وخارجها بالتواجد الكبير من المثقفين في هذا الحدث من كافة أنحاء المملكة، مما زاد من بهائه وإثراء فعالياته، وجعله عرساً ثقافياً أدبياً.