كتب – سعد البحيري
رغم أنه مرض كسائر الأمراض إلا أنه أحيط دائماً بالسرية التامة فأصبح هاجساً لا يذكر حتى في الغرف المغلقة .. فالضعف الجنسي ومسبباته من الموضوعات الشائكة التي يتم التحدث فيها بحذر شديد خاصة في مجتمعاتنا الشرقية رغم انتشار المرض بنسب غير قليلة في كثير من الدول العربية مما أدى إلى عدم وجود أرقام دقيقة وإحصائيات حول هذا المرض.
إلا أن بعض الدراسات أشارت إلى ارتفاع هذه نسب المرض في المملكة لأسباب عديدة نظراً لارتفاع نسبة مرض السكري وضغط الدم والكوليسترول وأمراض القلب والشرايين ومشكلات «البروستاتا» والتدخين والسمنة وعدم ممارسة الرياضة بالإضافة إلى العامل النفسي الذي لا يقل تأثيراً. إلا أن عدم الإفصاح عن الحالة المرضية لمن يعانون من الضعف الجنسي واللجوء إلى الطبيب المعالج لأمراض الذكورة تسبب في زيادة أعداد المرضى.
وقد أشارت الإحصائيات إلى أن السوق السعودي أصبح سادس دولة في العالم استهلاكاً لأدوية الضعف الجنسي وهو ما يزيد بعشرة أضعاف على ما يستهلك في روسيا، وذكر في المؤتمر العالمي عن صحة الرجل عام 2010 في مدينة نيس الفرنسية أن السعوديين ينفقون قرابة 1.5 بليون دولار سنوياً على أدوية علاج الضعف الجنسي، كما ذكرت دراسة قام بها باحثون من جامعة الملك عبد العزيز شملت 500 رجل ممن هم فوق الثامنة عشرة خلصت إلى أن 80 في المائة ممن يبحثون عن أدوية الضعف الجنسي كانوا يتعاطونها من دون أي استشارات طبية مطلقاً، وأن فقط 20 في المائة منهم قاموا باستخدام مثل هذه الأدوية بعد استشارة أطبائهم. وهو ما قد يؤدي إلى حدوث أمراض خطيرة نظراً للآثار الجانبية لهذه الأدوية خاصة مع تناولها عشوائيا بدون استشارة الطبيب.
وعن أهم أسباب مرض الضعف الجنسي يقول االدكتور محمد الداخلي أستاذ الذكورة والعقم بكلية الطب جامعة القاهرة: إن مرض الضعف الجنسي أو العجز الجنسي هو عدم القدرة على الحصول على انتصاب كاف للعلاقة الزوجية الكاملة أو عدم القدرة على الاحتفاظ به لفترة كافية لإتمام العلاقة الزوجية، على أن يكون ذلك في الغالبية العظمى من محاولات العلاقة الزوجية وليس استثناءً عابراً، مع الأخذ في الاعتبار أنه من الطبيعي أن تمر بكل رجل بين الحين والآخر فترة من الفتور في العلاقة الزوجية .
نفسية وجسدية
وعن أسباب الضعف الجنسي يؤكد الداخلي أن هناك أسبابا عضوية ونفسية، فإذا كان السبب عضويا فقد ينشأ الضعف الجنسي عن خلل في المخ أو العمود الفقري أو الأعصاب أو العضو الذكري نفسه، وهناك عدة أسباب عضوية قد تؤدي إلى المرض منها تليف العضو الذكري وذلك نتيجة أن تحل الأنسجة الليفية الصلبة محل النسيج المطاطي الطبيعي للعضو الذكري, كما في مرض \"بيروني\"، أو نتيجة التعرض لإشعاع لعلاج الأورام أو انتصاب دائم لأكثر من ستة ساعات وهو ما يؤدي إلى منع الانتصاب،
وقد يؤدي تصلب الشرايين لنفس النتيجة، فالانتصاب يعتمد على تدفق الدم من خلال الشرايين ليملأ العضو الذكري، وضيق أو انسداد الشرايين الخاصة بالعضو الذكري نتيجة تصلب الشرايين يؤدي إلي العجز الجنسي، لذلك فإن الإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم وزيادة الكوليسترول في الدم والتدخين وزيادة الوزن يؤدي لحدوث تصلب الشرايين. وهو تراكم الدهون تحت الخلايا المُبَطِّنة للجدار الداخلي للأوعية الدموية، مما يؤدي إلى ضيقها ثم انسدادها.
ومن بين الأسباب العضوية كذلك التسرب الوريدي أو تسرب الأوردة؛ وهو عدم قدرة الوريد على الانغلاق الكامل مما يؤدي إلى تسرب الدم من العضو الذكري وعدم امتلاء العضو بشكل كاف. فيتراكم الدم في العضو بكميات كبيرة فيتمدد ويتصلب، كما أن بعض حالات التسرب الوريدي أو تسريب الأوردة تحدث نتيجة وجود وريد غير طبيعي منذ الولادة (مرض خلقي)، والبعض الآخر يحدث نتيجة السكري أو نقص هرمون الذكورة.
مرض السكري
ومرض السكري هو ما ينتج عن توقف هرمون الأنسولين عن أداء وظيفته نتيجة تلف غدة البانكرياس أو نتيجة عدم استجابة الجسم للأنسولين رغم وجوده، ورغم كفاءة البنكرياس فيتراكم السكر في أنسجة الجسم. ويؤدي هذا إلى الضعف الجنسي بعدة طرق، منها تراكم السكر في الأعصاب الموصلة للعضو الذكري مما يؤدي إلى تلفها وبالتالي قطع الاتصال بين المخ والعضو الذكري، ومنها تراكم السكر في الغشاء المبطن للحويصلات الدموية الموجودة في العضو الذكري مما يؤدي إلى تلفها وتوقفها عن إفراز مادة النيتريك أوكسايد الضرورية للانتصاب وغيرها من الطرق.
الخمول والكسل
وأكد الداخلي أن طابع الحياة وكينونتها سواء أكانت خاملة أم نشيطة يؤثر في نوعية الأمراض التي تصيب الفرد منا، وممارسة الرياضة بانتظام والأكل الصحي وعدم الإفراط في تناول الدهون والسكريات والامتناع عن التدخين والابتعاد عن الضغط النفسي هو من أهم العوامل التي يمكن بها تفادي أهم أسباب ضعف الانتصاب وعلى رأسها تصلب الشرايين.
الحالة النفسية
وعن أسباب الضعف الجنسي النفسية يؤكد الدكتور الداخلي أن العامل النفسي من أهم العوامل التي قد تتسبب في حدوث العجز الجنسي؛ ومن هذه الأسباب الاكتئاب وعدم الثقة بالنفس، كذلك فإن المفاهيم الخاطئة عن العلاقة الجنسية وعدم استقرار العلاقات الزوجية والقلق العام وخاصة القلق من الأداء من حيث القدرة الجنسية وما يتصل بالأداء الجنسي يؤدي في النهاية إلى الضعف الجنسي النفسي.
وقد خلص الدكتور الداخلي إلى أنه يمكن علاج جميع درجات الضعف مهما بلغت ومهما تعددت أسبابه؛ غير أن وسيلة العلاج الناجعة يجب أن تعتمد على التشخيص الدقيق للحالة.