عدت إلى جدة بعد غيبة قاربت الستة شهور، ورست الباخرة ظهر يوم الثلاثاء 18 محرم 1433ه الموافق 13 ديسمبر 2011م ، بمنياء جدة الإسلامي، بعد رحلة اثني عشر ساعة من \"سواكن\" على الساحل الغربي إلى صنو روحها \"جدة\" بالساحل الشرقي للبحر الأحمر.. الرحلة ليست كلها تعبا وقلقا، بل تخللها كثير من المرح وتبادل الأحاديث الودية مع رفاق \"الكابينة\" .. غير أن الملل كان سائداً رغم وشوشات الموج، واتساع الأفق الممتد بين السماء والماء.
تمت اجراءات دخول ميناء جدة الإسلامي بيسر وسهولة، وقد اعجبني بوجه خاص تعامل أحد منسوبي الجوازات مع المسافرين المنهكين – للأسف لم احتفظ باسمه – .. فهو مع سرعته في الإنجاز إلا أنه كان حريصا على زرع البسمة على شفاه كل من يتناول جواز سفره، دقة مقرونة باللطف والظرف، وتنفيذ التعليمات في جو مفعم بالراحة النفسية، دون تعقديات أو تجهم اعتادهما المسافر العربي في كثير من المنافذ الحدودية براً وبحراً وجواً.. وكأن موظف الجوازات مناط به \"التكشير\" في وجه المسافر ليزيد من غمه، ومعاناته، وتوتر أعصابه.
إنني على ثقة بأن هذا التعامل الحضاري الراقي نتاج دورات تدريبية شاقة، وعمل دؤوب قام به أصحاب الشأن في المديرية العامة للجوازات، وفق توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد وزير الداخلية.. وهي بحمد الله تكللت بالنجاح والتوفيق، وأثمرت خيراً وأمطرت برداً وسلاماً.
والإشادة موصولة لرجالات \"الجمارك\" بالميناء، فهم مثال للخلق الرفيع، والتعامل الطيب، مع النهوض بأعبائهم على الوجه الأكمل.. هذه وجوه مشرقة تعكس الغرس الحميد، والجهد الكبير، والاستثمار المربح، في إنسان هذا الكيان الحبيب.. فهنيئاً لكل من اسهم في تقديم هذه النماذج الإنسانية الرائعة .. سعيداً أن أنقل غليهم عبر هذه الكلمة: أن جهدكم قد أثمر أكثر وأطيب مما توقعنا ولله الحمد، فعلكيم متابعة الجهد وتكثيف العمل وصيانته من التراخي والركود ، فأنتم أهل ذلك والجديرون به .. مؤكداً في ذات الوقت أن سهام النقد التي اعتدنا عليها لا ينبغي أن تحجب عنا جانب الإشراقات الجميلة التي ترصع بعض اوجه حياتنا بين حين وآخر .. فما أحلى أن نقبل اليد التي تبني وتعمر، و\"نرمي بشرر\" تلك التي تعيق وتهدم.
دمتم موفقين لكل خير.
سعد سليمان محمد