الأرشيف النادي

أبجدية بلا روح !

[ALIGN=LEFT][COLOR=red]غازي الدليمي[/COLOR][/ALIGN]

هل يختلف الزمان، أم الناس هي التي تختلف طبائعها وتتغير عاداتها ..وينقلب سلوكها من طريقة الى اخرى؟ ! هل كان زمان جدي وجدتي غير زمان ابي وامي ..وهل زماني \" انا \" – معاذ الله من كلمة انا – سيختلف عن زمان أبنائي ثم سيختلف عن زمان الأحفاد؟ !..أظن الزمان هو الثابت، نحن الذين نتحول في دوائر الوقت، ميناء الساعة ثابت جداً، العقربان يتحركان في تواصل محموم وكلما توقفا استمر الزمن، لكنهما وحدهما يسجلان عن العام الغياب الفادح ! قبل خمسين من السنوات ..كانت البساطة تحكم الناس، بساطة في الحياة تقابلها بساطة في المعيشة والسلوك، كانت صلة الرحم اكثر متانة ..علاقة الناس بالتراب اشد اواصر ..يبدو أن \" البيوت \" كلما ارتفعت عمودياً نحو الاعالي كلما قلّ الارتباط بالارض، فيغدو الانسان محلقاً في الفراغ بلا اجنحة وبلا لهفة تعيده الى الجذور ! كنا نتزاور كل ليلة، البيت الصغير يحُمل افراده لزيارة البيت الكبير ..نتسامر وتعلو الضحكات ..
لم تكن الشاشات سيدات المجالس كما اليوم، كانت الحكايات ذات قيمة \" انا \" شخصياً استفدت من حكايات جدتي الكثير الكثير ..من خلالها عرفت المقدرة على استخدام المخيلة، وعرفت شخصيات لا تزال في ذاكرتي، توجهني كلما اقتربت من الزلل .
\" الشاطر حسن \" صورته اردتها لاولادي ..\" ليلى والذئب \" كم جعلتني احذر الذئاب التي تمشي على قدمين ..\" اليس في بلاد العجائب \" علتني متعة ان احلم ..\" رحلة حول العالم في ٤٠ يوما \" علمتني المثابرة والفضول ..\" مغامرات هاني \" و \" عقلة الاصبع \" ، وآخرون وآخرون ..كلهم كانوا رفاق طفولتي ..خبأتهم في ثنايا النفس ويوم استنجدت بهم كانوا ملبين .
الزمن لم يتغير ..الشمس ذاتها تشرق وتغيب ..القمر ذاته انيس العشاق، كم عشاق اليوم لا يشبهون عشاق البارحة ..وما قبل البارحة ..لا يزال الدفتر العتيق الذي دونت على صفحاته مذكراتي اليومية موجوداً في مكتبي ..احياناً اشعر ان في سطوره يكمن أجمل ما كتبت من نبض واحاسيس ..وقتها كنت مجرد عصفور حالم ..الايام حولتني الى رجل آخر، احياناً حين اجالسه في المرآة استنكر غربته عني ! كان العاشق يرتدي لو لمح معشوقته من نافذة البيت ولو التقت عيناهما يمتلك العالم .. وحين يشتعل به الوجد يُشعل الصفحات ليطير نحوها رسالة اشتياق !!
اليوم ..لا عشاق فيه ..لا رسائل ولا وجد ..من خلال من اعرف من الشباب، اكتشفت ان الحب الحديث يشبه القصيدة الحديثة لا موسيقى فيه ولا وزن ولا قافية ..ابجدية بلا روح !..
اين العذريون؟ !..أما الآن، وانا اليوم على مشارف \" الاربعين \" ، ما زلت اتمتع باحلامي الصغيرة ..وأمارس الانتظار .
٭فاصلة
كل الناس دائماً يبحثون عن مناطق الائتلاف بينهم وبين غيرهم، خاصة في العلاقات الانسانية الخاصة ويتجنبون بقدر المستطاع مناطق الاختلاف لان ذلك في نظرهم مدعاة للسلبية والمشاكل ووجع الرأس ومن الأفضل غض الطرف عن ذلك فقد تفقد من تحب !!على عكس ما يفكر الكثيرون يتراءى لي ان الله سبحانه وتعالى خلق الاختلاف لدرجة » معقولة « لكي تستمر الحياة وبالذات في العلاقات ذات الخصوصية .
[ALIGN=LEFT][email protected][/ALIGN]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *