اخذ رجل ابنه الصغير معه الى استراحة الاصدقاء يجتمعون فيها اسبوعياً لغرض ان يتعرف الصغير على اصدقاء ابيه، وجلس الصغير يستمع الى كلام بعض الاصدقاء وكثر ذكر الناس بما لا يحبون ان يسمعوه عنهم يقولون ذاك الرجل لا يصلح في تلك الوظيفة، وذاك الرجل لا يحل ولا يربط، وذاك الرجل ضعيف شخصية، وذاك جاهل، وذاك بخيل، وذاك غبي وذاك الرجل ماكر، وذاك ليس مكانه هنا ولا يصلح لشيء، وذاك الرجل كلامه كثير، وذاك الرجل صموت خواف وذاك سليط اللسان، وذاك كذاب، وذاك منافق، وذاك محتال، وذاك غشاش وذاك دمه ثقيل وذاك الرجل عدمه افضل من وجوده، وقد انتشرت هذه العادة في كثير من التجمعات في الاستراحات والاماكن الخاصة، وهذا الابن الصغير قد سمع وسجل في ذاكرته هذه الخصائص وعندما يعود يقول لوالدته واخوانه ما سمع، ولعمري ان هذا الكلام جميعه يدخل تحت مظلة الغيبة والغيبة محرمة بالاجماع.
قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: (يا ايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب احدكم ان يأكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم) الحجرات 12.
وقال سيد البشر اجمعين رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فان من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته).
ومن اقوال السلف:
من اغتيب عنده اخوه المسلم فاستطاع نصره ولم ينصره خذله الله في الدنيا والآخره.
وقال الحسن البصري رحمه الله ان رجلا قال: ان فلانا قد اغتابك، فبعث اليه طبقا من الرطب، وقال: بلغني انك اهديت الي حسناتك، فاردت ان اكافئك عليها فاعذرني، فاني لا اقدر ان اكافئك بها على التمام.
وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه، انه مر على بغل ميت، فقال لبعض اصحابه (لان يأكل الرجل من هنا حتى يملأ بطنه، خير له من ان يأكل لحم رجل مسلم).
فيا سادة يا كرام ان الغيبة لها اضرار على المجتمع اهمها كشف عورات الاخرين, ونشر عيوبهم والغيبة تنشر الحقد والحسد والكراهية والبغضاء بين افراد المجتمع، وتؤدي الى افساد المودات، وقطع اواصر الاخوة وملء القلوب بالضغائن وتؤدي الى افساد المودات، وقطع اواصر الاخوة وملء القلوب بالضغائن والعداوات، اللهم ارحمنا برحمتك اجمعين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.