جدة – حمدي سعيد
اسحاق الحلنقي .. شاعر أرض الطيبة والمحنة (كسلا) قام بزيارة خاطفة لفنان الكلمة المعبرة والاحساس المرهف المطرب الأستاذ محمد الأمين وقد وجد الحلنقي الأستاذ (ود اللمين) – كما يحلو لمعجبيه ان يطلقوا عليه- في انتظار محبوبته التي تأخرت عليه.. وكان الموقف الطريف أن يظهر له في غمرة انتظاره وشوقه تلك الشاعر الحلنقي بدلاً عن محبوبته، فأخبره ممازحاً بطرافة الموقف وعبر له عن شدة لوعته واشتياقه لغياب محبوبته وتأخرها عنه، فترجم الحلنقي تلك الأحاسيس وتلك المشاعر لكلمات خالدة من أجمل ما قيل في الغناء السوداني.. هذه الخميرة التي جمعت الصوت الشجي ود اللمين مع سلطان الكلمة والمعنى اسحاق الحلنقي انتجت لنا رائعة من أجمل وأحلى ما طبخ على نار هادئة من الشعر السوداني الأصيل بلغة سلسة سهلة مهضومة للأمي والمتعلم والصغير والكبير والحضري والبدوي.
ود اللمين بكل حضوره الفني الباهر وهو يحمل آلة العود يقف شامخاً في صدر المسرح ويقوم بمصاحبة فرقته بأداء المقدمة الموسيقية ولا تكاد أنامله تبدأ في العزف حتى يتبين للجمهور أنه بصدد غناء (وعد النوار) أو كما يحلو للبعض أن يطلق عليها (شال النوار) فتدوي صرخاتهم العفوية معلنة عن نشوة الاعجاب .. ويبدأ في ترديد كلمة (يا ريت) .. ( يا ريت) بصوته الذي يأخذك إلى مكامن اللواعج والاشواق، والجمهور في شوق شديد لمعرفة يا ريت ماذا؟ .. فيمعن في تشويقهم بتكرارها مراراً ومراراً ثم يكشف لهم عن أشواقهم المدفونة بقوله:
يا ريت من أول وريتنا إنك يمكن تتأخر يوم
كان غايتو اطمنا شوية
وبحرك يا ليل ما طفنا نجومه
ثم يتواصل مد الاتحاف والإبداع وبساطة الكلمات (السهل الممتنع) في السيلان والتدفق لتخالط أشجان وأشواق ومشاعر الجماهير:
بقولوا الغائب عذره معاه
وفي غيابك ياما نشيل اللوم
مرت لحظات وكمان ساعات
طالت وحياتك منتظرين
ثم تصل بالمحبوب شدة الشوق والانتظار لآخر مداه عندما يقول:
لو وشوش صوت الريح في الباب
يسبقنا الشوق قبل العينين
ويقوم المحبوب بعتاب خفيف (عتاب المحبين) لمحبوبته:
العيد الجاب الناس لينا ما جابك يعنى نسيتنا خلاص
مع انك انت الخليتنا نعيش الحب ذكرى واخلاص
صبحت دمعتنا وسادتنا كده حاول اعرف لينا خلاص
شال النوار ظّلل بيتنا
من بهجة وعدك.. وما جيتنا
وفضلنا وحاتك منتظرين
شوف وين روحتنا ودّيتنا.. شوف وين؟
•• رابط الأغنية على اليوتيوب: