مقالات الزملاء

هل تنتعش الجمعيات التعاونية السودانية؟

عرفت المجتمعات السودانية التكافل والتراحم ومن أبرز مظاهر ذلك, التعاون الجماعي المتمثل في النفير والفزع والمشاركة في الأفراح والاتراح وإنشاء المدارس والخلاوى والكتاتيب والمعاهد العلمية الدينية والمدارس والمسيد المخصص لإيواء طلاب القرآن الكريم ومن ثم إنشاء الجمعيات التعاونية متعددة الأغراض.
ونظرة تاريخية للحركة التعاونية السودانية, كما أوضح ذلك الأستاذ محمد الفاتح العتيبي اختصاصي التعاون والتنمية والتدريب وبناء القدرات والتمويل الأصغر وواحد من الخبراء والمتخصصين القلائل في مجال التعاون والتنمية الريفية في السودان والذي شارك في الدورة التثقيفية والتدريبية في أساسيات العمل التعاوني التي عقدت في أمدرمان في 23 أبريل 2012م ، تشير إلى ظهور جمعيات التسليف الزراعي بدلتا طوكر، وبتشجيع من الحكومة البريطانية لحماية المزارعين من استغلال التجار والمرابين الذين يقدمون سلفيات مجحفة لزراعة القطن الذي توسعت فيه الحكومة وفي عام 1937م تكونت أول جمعية تعاونية بمبادرة شعبية سميت بالشركة التعاونية توالت بعدها التعاونيات في المديرية الشمالية ثم ظهرت أول جمعية تعاونية لمشروع الجزيرة بقرية ودسلفاب لطحن الغلال واستجلاب الجرارات والمحاريث وكان ذلك في عام 1944م وفي العام 1948م اتخذت الحركة التعاونية شكلها القانوني اثر المذكرة التي قدمها المستر كامل للإدارة البريطانية معلنة صدور أول قانون للتعاون بالبلاد وشهد ذلك العام تسجيل أول جمعية تعاونية وهي جمعية ودرملي التعاونية الزراعية. ولم يقتصر الأمر على القطاع الزراعي بل شهدت المدن والقرى خاصة قيام العديد من الجمعيات التعاونية الخدمية التي ساهمت على سبيل المثال في توفير طواحين الدقيق ومولدات الكهرباء والسلع الاستهلاكية ,منذ عشرات السنين واتسع نطاقها ليشمل تجمعات العاملين وهيئاتهم ونقاباتهم وكان لهذه الجمعيات أثرها البالغ في تطور المجتمعات وخدمة المواطنين.
لقد اهتمت الحكومات السودانية المتعاقبة بالحركة التعاونية وتمثل ذلك في تسجيل الجمعيات وفق قوانين ولوائح الوزارة المختصة وإنشاء المركز القومي لتدريب التعاونيين في العام 1976م وبنك التنمية التعاوني الإسلامي السوداني في 1982م لخدمة أهداف الحركة التعاونية (إلا أنه غير اسمه وهويته في 2013م إلى بنك النيل) والاتحاد القومي التعاوني وقانون التعاون لسنة 1990م ولسنة 1999م والشركة الوطنية للتأمين في 1991م إلى أن خفت دورها تدريجياً لعوامل كثيرة.
ولأن الحركة التعاونية هي في الأساس حركة شعبية حيادية لا تعرف السياسة فقد واجهت الكثير من المصاعب من أهمها افتقاد التدريب بتصفية المركز القومي وضعف التشريعات ومصادرة الممتلكات وتخبط السياسات وافتقاد الاستقلالية والحرية وتعدد الجهات التي تخضع لها وكثرة تغيير مسميات الوزارة المختصة
وعلى كل فقد عدت وزارة التجارة الخارجية بمعالجة المعوقات التي تعترض سير عمل الحركة التعاونية ودعم بنياتها والاستفادة من علاقاتها المحلية والإقليمية والدولية في صياغة واقع جديد يراعي المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها السودان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *