مركز المعلومات – عبدالله صقر
نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود- حفظه الله – يترأس صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وفد المملكة العربية السعودية المشارك في قمة قادة مجموعة العشرين لعام 2018 ، والتي تنعقد في مدينة بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين غدا الجمعة.
وقد شكّل دخول المملكة العربية السعودية مجموعة العشرين الدولية ، زيادة فاعلة في دورها المملكة المؤثر في الاقتصاد العالمي؛ كونها قائمة على قاعدة اقتصادية – صناعية صلبة، استحقت معها، وعن جدارة الانضمام لأقوى 20 اقتصادا حول العالم.
نشأت مجموعة العشرين عام 1999م بمبادرة من قمة مجموعة السبع، لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة؛ بهدف تعزيز الحوار البناء بين هذه الدول، كما جاء إنشاء المجموعة بسبب الأزمات المالية في التسعينات، فكان من الضروري العمل على تنسيق السياسات المالية والنقدية في أهم الاقتصادات العالمية، والتصدي للتحديات التي تواجه الاقتصاد العالمي، كما كان تأسيسها اعترافاً بتصاعد أهمية وتعاظم أدوار الدول الصاعدة في الاقتصاد والسياسات العالمية، وضرورة إشراكها في صنع القرارات الاقتصادية الدولية.
وتمثل المجموعة (الدول الصناعية وغيرها من الدول المؤثرة والفاعلة في الاقتصاديات العالمية) نحو 90 % من إجمالي الناتج القومي لدول العالم، و80% من حجم التجارة العالمية، إضافة إلى أنها تمثل ثلثي سكان العالم.
ويعد دخول المملكة كعضو في أكبر مجموعة اقتصادية في العالم؛ اعترافاً بأهمية المملكة الاقتصادية، ليس في الوقت الحاضر فقط، إنما في المستقبل أيضاً، وتعطي العضوية في هذه المجموعة للمملكة قوة ونفوذاً سياسيا واقتصادياً ومعنوياً كبيراً، يجعلها طرفاً مؤثراً في صنع السياسات الاقتصادية العالمية، التي تؤثر في اقتصاد المملكة واقتصادات دول المنطقة. وقد جاءت عضوية المملكة في مجموعة العشرين؛ نتيجةً لارتفاع أهميتها كمصدر ومسعر للطاقة العالمية التي تهم جميع دول العالم، ولارتفاع حجم تجارتها الدولية وتأثير ذلك على دول العالم، كما جاءت نتيجة لارتفاع مواردها المالية، التي من المتوقع أن تزداد في المستقبل – بمشيئة الله – وتزيد من أهمية المملكة في الاقتصاد العالمي، ولهذا.. فإنَّ السياسات المالية التي تتخذها المملكة، لا تؤثر في اقتصادها فقط، إنما لها تأثير واضح وواسع في المستوى العالمي، حيث تؤثر في نشاط الاقتصاد العالمي من خلال تأثيرها في التجارة العالمية، ومن خلال التحويلات إلى الخارج وسياسة الاستثمار في الأوراق المالية العالمية.
وتتويجاً لما تملكه من إمكانات اقتصادية عالمية، أنشأت العديد من المدن الاقتصادية، كما أنشأت مشروع مركز الملك عبد الله المالي بمدينة الرياض؛ حيث يعد المركز أحد المراكز المالية الرئيسة في العالم ، لوجوده بأحد أكبر اقتصاديات المنطقة، وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط؛ من حيث الحجم والتنظيم والمواصفات التقنية والتجهيز ، وتتضمن الخطة تحويل مركز الملك عبد الله المالي إلى منطقة اقتصادية خاصة بقواعد تنظيمية متميزة وإعفاءات من التأشيرات، ومركزاً لاستضافة اجتماع قمة مجموعة الدول العشرين في 2020.
وتمتلك المملكة ثاني أكبر صندوق استثمارات سيادية في العالم، والأكبر عربياً، حيث تحتوي مؤسسة النقد العربي السعودي أصولاً للمملكة موزعة على مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك الأسواق الناشئة والأسواق المتقدمة على حد سواء، بما يجعل القرارات الاستثمارية للمملكة ذات أهمية استثنائية. واستطاعت المملكة القيام بدور مهم في الإسهام بضبط وتيرة الاقتصاد العالمي؛ حيث استحوذت خلال مشاركاتها في مجموعة العشرين على أهمية استثنائية.
النموذج السعودي والاستحقاق المميز
كان لنجاح المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – في توجيه سياستها الاقتصادية ودعم الاقتصاد وقطاع الأعمال السعودي، أبلغ الأثر في جعل المملكة دولة فاعلة في رسم سياسة الاقتصاد العالمي وقبلة آمنة للاستثمارات من مختلف دول العالم. وتأكيداً على مكانة المملكة وثقلها المؤثر على الاقتصاد العالمي، ولمواقفها المعتدلة وقراراتها الاقتصادية الرشيدة، التي تبنتها خلال سنوات التنمية الشاملة، إضافة إلى النمو المتوازن للنظام المصرفي السعودي، شاركت المملكة في اجتماعات القمم المختلفة؛ تأكيداً على مكانة السعودية في المحفل الاقتصادي الدولي، والتزامها بالاستمرار في أداء دور فاعل وإيجابي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي العالمي، وعلى دورها في صياغة نظام اقتصادي عالمي، يحقق نمواً اقتصادياً عالمياً متوازناً ومستداماً وبما يحافظ على مصالح جميع الدول المتقدمة والنامية.
وكانت المملكة قد أكدت في قمة “تورنتو” على أهمية أن تكون هذه المجموعة المحفل الرئيس للتعاون الاقتصادي الدولي، بما ينسجم مع التطورات على خريطة الاقتصاد العالمي، ويستجيب للحاجة لوجود مجموعة أكثر تمثيلاً لاقتصادات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء.
وأشارت المملكة إلى نجاح مجموعة العشرين في الاستجابة للأزمة المالية العالمية، بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الوقوع في الكساد؛ واستدركت أن الأوضاع الاقتصادية العالمية الهشة تجعل من إعلان النجاح مؤجلاً ، مؤكدة أهمية أن يكون النمو العالمي أقوى وأكثر توازناً وقدرة على الاستمرار، من خلال تبني إجراءات منسقة من قبل دول المجموعة؛ وفي نفس الوقت مراعاة الاحتياجات والظروف الخاصة بكل دولة.
وفي إطار موقفها الواضح في دعم استقرار ونمو الاقتصاد العالمي ، شددت المملكة على أهمية إصلاح الأنظمة المالية الدولية لتفادي وقوع الاقتصاد العالمي في أزمات مماثلة في المستقبل، مبينة أن تطبيق أنظمة إشرافية ورقابية قوية تعد بديلاً أنسب من فرض ضرائب على المؤسسات المالية، مؤكدة قدرة النظام المالي فيها على الصمود الذي تعزز على مدار السنوات الماضية، بفضل الإجراءات الصارمة والرقابة الاستباقية، مفيدة أن النظام المصرفي احتفظ بسلامة أوضاعه وبمستويات ربحيته ورسملته المرتفعة حتى في أعقاب الأزمة العالمية الأخيرة.
ولأن المملكة تفعل ماتقوله وتسجل الريادة والسبق ، فقد اتخذت عدداً من الإجراءات في مجال السياسة المالية العامة والسياسة النقدية لمواجهة الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، حيث استمرت في مجال المالية العامة في برنامجها الاستثماري في القطاعين الحكومي والنفطي، بإنفاق مبلغ 400 مليار دولار أمريكي على مدى خمس سنوات، وهو إنفاق يعد من أكبر برامج التحفيز التي أعلنتها دول المجموعة؛ كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى زيادة رؤوس أموال مؤسسات التمويل المتخصصة لتتمكن من توفير تمويل إضافي للقطاع الخاص، خصوصاً المشروعات الكبيرة والمؤسسات المتوسطة والصَّغيرة. كما اتخذت عدة إجراءات في مجال السياسة النقدية والقطاع المالي والتجارة، وقد ساعدت هذه الإجراءات في الحد من تأثير الأزمة المالية العالمية وتعزيز أداء الاقتصاد السعودي.
وانطلاقا من دورها وسياستها النفطية المعتدلة لصالح استقرار ونمو الاقتصاد العالمي للمنتجين والمستهلكين على السواء ، حذرت المملكة من أن التقلب الشديد في أسعار النفط الذي شهده العالم في عامي 2008 – 2009 تسبب في الإضرار بالبلدان المنتجة وكذلك البلدان المستهلكة، ورأت أنه ينبغي للبلدان المستهلكة أن تنظم الأسواق المالية وأسواق السلع الأولية بصورة أقوى وأكثر فعالية، حيث استمرت المملكة في تطبيق سياستها البترولية المتوازنة للإسهام في استقرار أسواق النفط، ومن ذلك رفعها لطاقتها الإنتاجية إلى 12.5 مليون برميل يومياً للحد من جموح أسعار النفط الذي يضر بالاقتصاد العالمي وينذر بحدوث ركود اقتصادي ، وطالبت المملكة الدول المستهلكة بالتعاون مع الدول المنتجة لضمان استقرار الأسواق، وأمن الطلب والإمدادات لأهمية ذلك لضمان تدفق الاستثمارات المطلوبة في الطاقة الإنتاجية، والعمل على تعزيز إمكانيات حصول الدول الفقيرة خاصة على الطاقة من خلال تبني سياسات وبرامج عملية لتنفيذ مبادرة الطاقة؛ من أجل الفقراء، حيث إن تعزيز إمكانيات الوصول إلى مصادر طاقة نظيفة ومتنوعة وموثوقة ومعقولة التكلفة يعد أمراً أساسيا لتحقيق النمو والتنمية المستدامة.
أيضا أكدت المملكة على أهمية دعم الدول النامية، خصوصاً الفقيرة التي تضررت جراء الأزمة، مفيدة أنها عملت جهدها على مساعدة تلك الدول لتخفيف وطأة الأزمة العالمية عليها من خلال زيادة مساعداتها التنموية والإِنسانية الثنائية والمتعددة الأطراف، وفي دعم وتعزيز موارد بنوك التنمية الإقليمية والمتعددة الأطراف ، مشددة على أن استمرار انتعاش التجارة العالمية يعد مطلباً ضرورياً للمساهمة في تعجيل وتيرة النمو العالمي، الأمر الذي يتطلب تجنب القيود الحمائية واتخاذ تدابير ملائمة لمساندة التمويل المرتبط بالنشاط التجاري، داعية الدول المتقدمة إلى معالجة دعمها للمنتجات التي تمتلك فيها الدول الفقيرة ميزة نسبية ، وتمشياً مع التزامها بحرية التجارة، فتواصل المملكة القيام بجهودها لدعم مبادرات تحرير التجارة على جميع المستويات، كما تواصل تقديم التمويل لأغراض التجارة من خلال عدد من البرامج والصناديق الوطنية والإقليمية.
شهادات الثقة الدولية
ويعد مناخ وبيئة الاستثمار والشفافية ، مرآة عاكسة لقوة الاقتصاد والتنمية ، وفي هذا الشأن أثنى تقرير البنك الدولي على الإصلاحات التي أجرتها حكومتنا الرشيدة في السنوات الأخيرة في مجالي التنظيم والرقابة على القطاع المصرفي، وصنف التقرير المملكة في المرتبة 12 من بين 183 دولة ، مبيناً أن المملكة ومن خلال عضويتها في مجموعة العشرين، وبالتنسيق مع دول هذه المجموعة تبذل جهوداً كبيرة لتحقيق الاستقرار، ودعم الدول النامية، إضافة لمساهمتها الكبيرة في مؤسسات التنمية الإقليمية والدولية.
وكان الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، يحفظه الله، قد شارك (حينما كان ولياً العهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيرا للدفاع) في قمة العشرين التي عقدت في مدينة بريسبن الأسترالية يومي 22 و23 / 1 / 1436هـ ليجسد – أيَّده الله – حرص المملكة على الحضور القوي والفاعل في هذه المنظومة المهمة، التي تعد المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي بين دولها الأعضاء.
وألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز كلمة المملكة، خلال القمة أكد فيها – حفظه الله – على تحقيقِ الهدف المُشتركِ في نموٍ اقتصادي عالمي قوي ومتوازنٍ ومُستدام ، مشددا على أن ضعفَ وتيرةِ تَعافِي الاقتصاد العالمي، وازديادَ حدِّةِ المخاطرِ يتطلَّبُ مواصلةَ تنفيذِ السياساتِ الاقتصاديةِ والإصلاحاتِ الهيكليَّةِ الداعمةِ للنُموِّ، وإيجاد فُرصِ العمل، واستكمالَ تنفيذِ إصلاحِ التشريعاتِ الماليَّةِ، للحدِّ من المخاطرِ التي قد تُؤثِّرُ على الاستقرارِ المالي العالمي،والاستمرارِ في تعزيزِ أُطُرِ السياساتِ المالية والهيكلية في اقتصاداتِ بعضِ الدُولِ الأعضاء، وأهمية الارتباط الوثيق بين النّموِّ الاقتصادي والسِّلمِ العالمي، حيث لا يُمكنُ تحقيقُ أحدِهما دونَ الآخر،ِ الأمر الذي يتطلَّبُ من الجميع التعاونَ والعملَ لمُعالجةِ القضايَا التي تُمثِّلُ مصدرَ تهديدٍ لِهذا السِّلم.
وأوضح الملك سلمان بن عبد العزيز، أنَّ تعزيزَ إمكانيّاتِ الوصولِ إلى مصادرِ طاقةٍ مُستدامةٍ وموثوقةٍ وبِتكاليفَ معقولةٍ، خاصةً للدولِ الفقيرة، يُعدُّ شرطاً أساسيا لخفضِ الفقرِ وتحقيق التنميةِ، مبيناً أنه وفي هذا الإطارِ بدأت المملكة العربية السعودية في تنفيذ برنامجٍ وطني شاملٍ لترشيدِ ورفعِ كفاءةِ استخدامِ الطاقةِ، معَ الأخذِ بِعيْنِ الاعتبارِ متطلباتِ التنميةِ المحلية.
أما فيما يَخُصُّ أسواق الطاقةِ العالميةِ، فقد شدد خادم الحرمين الشريفين – رعاه الله – على أنَّ المملكةَ مستمرةٌ في سياستها المُتوازنةِ ودورِها الإيجابي والمُؤثِّرِ لتعزيزِ استقرارِ هذهِ الأسواق من خلالِ دوْرها الفاعلِ في السوقِ البتروليةِ العالمية، والأخذَ في الاعتبارِ مصالحَ الدولِ المُنتجةِ والمُستهلكةِ للطاقة.
وختم الملك سلمان بن عبد العزيز كلمة المملكة قائلاً: لقدْ حققَّ اقتصاد المملكةِ خلالَ السنواتِ الأخيرةِ نمواً قوياً خاصةً القطاعَ غيرَ النفطي، ونُعبِّرُ عن الارتياحِ للأوضاع الماليةِ العامةِ الجيدةِ نتيجةً للجهودِ التي بُذلت لتعزيزهِ من خلالِ بناءِ الاحتياطيات وتخفيضِ نسبةِ الديْنِ العام إلى الناتجِ المحلي الإجمالي حتى وصلتْ إلى أقل من ثلاثة في المئة، وبناءِ مؤسساتٍ ماليةٍ وقطاعٍ مصرفي قوي يتمتعُ بالمرونةِ والملاءة الماليةِ القوية، وسوفَ تستمرُ المملكةُ باتِّباعِ السياساتِ الاقتصاديةِ وتنفيذِ الإصلاحات الهيكليةِ التي من شأنها تعزيزُ النموِّ القوي وتشجيعِ التنوُّعِ الاقتصادي، ورفعِ مُعدلات التوظيف والمشاركةِ للمواطنينَ، ودفعِ عجلةِ التنميةِ المُستدامة.
رؤية 2030 وبناء المستقبل
إن العنوان المضيء لمسيرة المملكة في هذا العهد الزاهر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز – حفظهما الله- يتجلى في الطموح الكبير للوطن وازدهاره ، وقد حدد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، عشرة برامج تنفيذية جديدة، من أصل 12 برنامجًا لتحقيق رؤية المملكة 2030، ُدشن منها بعد إطلاق الرؤية، التحول الوطني 2020، وتحقيق التوازن المالي 2020، وصيغت آليات عملها وفق حوكمة الرؤية لتؤدي إلى استحداث مشروعات تنموية ضخمة تواكب ما وصلت إليه دول العالم المتقدم من تطور، بغية تحقيق المنفعة العامة للوطن، وتأمين الحياة الكريمة للمواطنين والمواطنات، فضلا عن حفظ حدود الوطن، وتعزيز متانة الاقتصاد الوطني.
أما ما يتعلق بالبرامج الجديدة المعلنة في 30 أبريل 2017م فقد تم تحديدها من خلال جمع المبادرات القائمة في محافظ متسقّة لتنفيذ برامج متخصصة في: الإسكان، وتحسين نمط الحياة، وخدمة ضيوف الرحمن، وتعزيز الشخصية السعودية، وريادة الشركات الوطنية، وتطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، وصندوق الاستثمارات العامة، والشراكات الاستراتيجية، وتطوير القطاع المالي، والتخصيص، على أن يبدأ العمل بهذه البرامج فور اكتمال خططها التنفيذية.
وبالفعل فقد شهد عام 2018م اعتماد سمو ولي العهد خطة تنفيذ “برنامج التخصيص” الذي يسعى إلى رفع كفاءة أداء الاقتصاد الوطني وتحسين الخدمات المقدمة وإتاحتها لأكبر عدد ممكن، وزيادة فرص العمل للقوى العاملة الوطنية واستقطاب أحدث التقنيات والابتكارات ودعم التنمية الاقتصادية بإشراك منشآت مؤهلة في تقديم هذه الخدمات.
كما اعتمد سموه (برنامج جودة الحياة 2020) بإجمالي إنفاق قدره (130 مليار ريال) ليعمل على تهيئة البيئة اللازمة لتحسين نمط حياة الفرد والأسرة، ودعم واستحداث خيارات جديدة تعزز المشاركة في الأنشطة الثقافية والترفيهية والرياضية والأنماط الأخرى الملائمة التي تسهم في تعزيز جودة الحياة، وإيجاد الوظائف، وتعزيز الفرص الاستثمارية وتنويع النشاط الاقتصادي، وتعزيز مكانة المدن السعودية في ترتيب أفضل المدن العالمية.
الشفافية والكفاءة الاقتصادية
لقد أسهمت رؤية المملكة ونجاح السياسة الاقتصادية في الإعلان في شهر ديسمبر 2017م عن أكبر ميزانية إنفاق في تاريخ المملكة بأسعار نفط متدنية، مقارنة بالسنوات السابقة، وذلك، بفضل الله، تعالى، ثم بفضل رؤية المملكة التي عملت على تنويع القاعدة الاقتصادية للوطن، وتمكين القطاع الخاص من القيام بدور أكبر، مع المحافظة على كفاءة الإنفاق، نتج عنه خفض في عجز الميزانية للعام المالي الحالي بنسبة تجاوزت 25 % مقارنة بالعام المالي الماضي، رغم ارتفاع الإنفاق، ودعم تفعيل برامج الرؤية رئاسة سمو ولي العهد لمجلسي الشؤون الاقتصادية والتنمية، والشؤون السياسية والأمنية، فكان يعمل بكل حيوية على رسم السياسات العامة للدولة في مختلف المجالات دون استثناء، ويتابع من خلال المجلسين تسريع تنفيذ المشروعات الوطنية، التي يقرها مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لتلبي احتياجات أبناء المملكة في الحاضر والمستقبل، ويهنأ الجميع بحياة سعيدة وعيش كريم في بيئة آمنة ومستقرة وسط التقلبات التي عصفت بالمنطقة.
ونفذ سمو ولي العهد من خلال هذين المجلسين العديد من الإصلاحات الشمولية في الدولة التي تطلبت إصدار قرارات تنظيمية سريعة بحسب الأولويات التنموية والسياسية للمملكة، كما أشرف سموه على معالجة أداء ومعوقات بعض أجهزة الدولة التي كانت تعاني من ترهل إداري أثر سلبًا على أدائها واستخدامها للموارد المالية، ليطلق وبتوجيه من الملك المفدى مرحلة حاسمة في مكاقحة الفساد، وإرساء قواعد الشفافية في العمل، وتحسين الأداء، واختيار الكفاءات الوطنية المتميزة في القطاعات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، والخدمية كافة.
وأيقن سمو ولي العهد، أن عملية الإصلاح الحكومي التي يقودها يجب أن تمر عن طريق وضع آليات عمل جديدة وفق رؤى جديدة تقوم على أساس إداري رصين بعيدا عن البيروقراطية الإدارية والتعقيدات والروتين، حيث يعمل سموه بفكر جديد يعتمد على تنظيم العمل الإداري الحكومي وتسهيله من خلال الاستفادة من التطور التكنولوجي في قطاعي المعلومات والاتصالات.
بالتوازي مع ذلك، أنجز سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله -خلال جولاته وزيارته لعدد من دول العالم المتقدم في شرق آسيا، وأوروبا، وأمريكا، عقودا واتفاقيات مشتركة تفتح آفاقاً أرحب للتعاون مع الخبرات الدولية؛ للاستفادة منها في تطوير العمل في المملكة، وإتاحة الفرصة للاستثمار الأجنبي للنهوض بحجم المنافسة في السوق المحلية، ناهيك عن الهدف الرئيس وهو تدريب الكفاءات الوطنية في مختلف التخصصات التي يحتاجها الوطن في هذه المرحلة والمراحل المستقبلية، بعون الله، وتوطين التقنيات التي تواكب مشروعات برامج الرؤية لتنقل المملكة إلى عالم الدول المتقدمة في الخدمات الرقمية.
تصنيف متقدم للمملكة
ونتيجة لهذه السياسة الرشيدة في الإصلاح والتطوير احتلت المملكة المرتبة الأولى في مؤشر “حوكمة المساهمين” عربياً والثانية ضمن العشرين( G20) وحققت منظومة التجارة والاستثمار تقدماً في 7 مؤشرات رئيسية ذات علاقة بالتجارة والاستثمار، ضمن تقرير التنافسية العالمية لعام 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، شملت: حوكمة المساهمين، الشركات التي تحتضن الأفكار المغيرة، السلوك تجاه مخاطر ريادة الأعمال، تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، نمو الشركات الابتكارية، تعاون أصحاب المصلحة المتعددين، قوة معايير المراجعة والمحاسبة.
وأسهم التقدم الملحوظ في مؤشرات تقرير التنافسية العالمية لعام 2018 في تحقيق المملكة لأفضل تقدم منذ 6 سنوات، حيث احتلت المرتبة 39 من أصل 140 دولة مسجلة 67.5 نقطة. وحققت وزارة التجارة والاستثمار بالتعاون مع هيئة السوق المالية تقدماً في مؤشر “حوكمة المساهمين”، حيث صعدت المملكة إلى المرتبة الخامسة عالمياً متقدمة 72 مرتبة بعد أن كانت تحتل 77 عالمياً العام الماضي، وساهم هذا التقدم في مؤشر “حوكمة المساهمين” في احتلال المملكة للمرتبة الأولى عربياً، والثانية ضمن مجموعة العشرين G20 ، وذلك نتيجة الإجراءات التي استهدفت تحسين وتطوير البيئة الاستثمارية ورفع جاذبية السوق المالية.
كما تقدمت المملكة 22 مرتبة في مؤشر الشركات التي تحتضن الأفكار المغيرة، نتيجة التعاون المشترك بين وزارة التجارة والاستثمار والهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وانتقلت من المرتبة 53 عالمياً في 2017 إلى المرتبة 31 في 2018. وأسهمت جهود الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في التقدم في مؤشر “السلوك تجاه مخاطر ريادة الأعمال” من المرتبة 56 عالمياً إلى المرتبة 35 بتقدم 21 مرتبة، وفي “تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة” قفزت المملكة من المرتبة 54 إلى 36 عالمياً، وذلك بالتقدم 18 مرتبة.
كما أثمر التعاون المشترك بين وزارة التجارة والاستثمار، وهيئة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في التقدم في مؤشر “نمو الشركات الابتكارية” من المرتبة 33 إلى المرتبة 21 عالمياً.
ويدعم التقدم الذي حققته المملكة في تقرير التنافسية العالمية الأهداف الطموحة، التي رسمتها رؤية 2030 ذات الأثر على البيئة التنافسية، من خلال تحسين البيئة التجارية والاستثمارية لتكون بيئة جذب واستقطاب للاستثمارات المحلية والخارجية، ورفع نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة من إجمالي الناتج المحلي من 3.8% إلى المعدل العالمي 5.7 % ، والانتقال إلى أحد المراتب العشرة الأولى في مؤشر التنافسية العالمي بحلول 2030.
كذلك حقّقت المملكة العربية السعودية المرتبة الرابعة؛ من حيث عدد الإصلاحات التي ستسهم في تحسين بيئة الأعمال على مستوى مجموعة دول العشرين. وطبقا لتقرير سهولة ممارسة الأعمال 2019م الصادر مؤخرا عن مجموعة البنك الدولي، الذي ينشر في شهر أكتوبر من كل عام؛ حيث تقدمت المملكة هذا العام في 4 مؤشرات مرتبطة بتقرير ممارسة الأعمال، وهي مؤشر حماية أقلية المستثمرين، مؤشر إنفاذ العقود، مؤشر استخراج تراخيص البناء، ومؤشر التجارة عبر الحدود.
وتحقق تقدم المملكة في أربعة مؤشرات في تقرير سهولة ممارسة الأعمال في الترتيب للعام 2019 م مقارنة بالعام الماضي 2018م ؛ حيث شهد مؤشر إنفاذ العقود التحسن الأكبر في ترتيب المملكة مرتفعاً من المرتبة (83) إلى المرتبة (59)، كما تحسن مؤشر حماية أقلية المستثمرين من المرتبة العاشرة إلى السابعة على مستوى العالم حائزاً الترتيب الأول على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، كذلك ارتفع مؤشر التجارة عبر الحدود من المرتبة (161) إلى المرتبة (158)، ومؤشر استخراج تراخيص البناء من المرتبة (38) إلى المرتبة (36).
وحافظت المملكة في تقرير هذا العام على المرتبة (92) من أصل (190) دولة تتنافس سنويًا لتكون من أفضل الدول في سهولة ممارسة الأعمال، حيث قدّمت المملكة (51) إصلاحًا على مستوى جميع المؤشرات التي يقيسها التقرير، وسيكون لهذه الإصلاحات الأثر الإيجابي على ترتيب المملكة خلال الثلاث سنوات القادمة حسب آلية قبول الإصلاحات من البنك الدولي.