مريم الأحمدي
يقول الشاعر:
لقد نُسبتَ أبي للخير في كرم
يا منبعَ النبل فلْتَهْنأ بذا نسبا
نصحْتنا ما أُحيلى النّصْحَ يا أبتي
فأنت مدرسةٌ في النصح لا عَجَبا
حماك ربي من الحُسَّاد يا أبتي
قد ارتقيتَ وكم من حاسدٍ غَضبا
فاحفظ لنا ربَّنا ديناً نَدينُ به
قد شرَّف العُجمَ طولَ الدهرِ والعَربا
لن تجد أحداً مثله ذلك الذي يسعى جاهداً لإسعادك، يبذل الغالي والنفيس في سبيل ارضائك، يقابلك بإبتسامه ان أتيت ويستودعك الله ان ذهبت، يُضيء لك الطريق كشمعة ويحترق حتى تستطيع الوصول، يسامحك ويغفرلك خطأك وان كان خطأً فادحاً، تُسيء له ويحسن اليك، تحسن اليه ويحسن لك اضعاف احسانك له، يخاف عليك من كل شيء،
ويراك طفلاً مهما كبُرت واشتد ساعِدك، وينتظرك مهما طال بك الغياب.. لن تجد أحداً كأبيك.أبيك ذلك الشخص الذي تستند عليه، ويعينك دائماً دون تذمر او تخاذل، وفيٌ ومُخلِص ودائمًا ما يضحي لأجل فلذاتِ كبده.الرابطة المقدسة بين الاباء والابناء رابطة لا تقبل التزعزع والاختلال، علاقة استحالة ان ينفي قُدسيتها وعِظَم قدرها شيء.فالاب ركنٌ من اركان حياة الابن، وفي حال فُقِد هذا الركن، ذهب من حياة المرء الكثير.
كيف هي الحياة بِلا أب، بلا عون، بلا عضيد، بلا سند، لا تساوي شيئاً بدونه، فهو إن ذهب ترك خلفه فراغ لا يمكن أن يمﻷ ابداً.لا يَعرف قيمة الأب إلا من فقده، وعاش الحياة بدونه، ففاقد الشيء اشد الناس ادراكاً وتقديراً لقيمته.ان كان والدك ما يزال موجوداً احسِن اليه، ساعده، وقدم له كل ما تستطيع، ولا تريه فيك ما يجرحه او يحزنه، فالأيام معدودة والعمر يجري اسرع من البرق، فلا تجعله يرحل قبل ان توفيه حقه،
واسأل فاقد الأب عن حياته بدون والده لتعلم انك تمتلك نعمة عظيمة ولا يجبُ التفريط في النِعَم.للأسف البعض يُحسن لوالدته اكثر من والده، ولا اعلم ما مبرر ذلك، فالأب ايضاً بذل الكثير لاجل ابنائه وليست الأم فقط من فعلت ذلك، لا تفرقوا بينهما في التقديرِ والمحبة فهما عينان في رأس، وأحسنوا لهما قبل ان توافيهما المنية، فلا شيء يُعادل ألم فقد احد الوالدين أو كلاهما، فهما أهم شخصين في حياة كل انسان، وهما اللذان وهباه الحياة، وما ابشع الحياة بدونهما.رحم الله من توفي منهم، وأطال في عمر من لازالوا يتقاسمون معنا الحياة بمحبة وود.ولا ننسى الوصية الإلهية التي اوصانا الله بها:
((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24).. )) سورة الإسراء.