(1)
إنني أكبر , ومع ذلك فإن كتابتي هذه ليست عدا لأعوامي ولا إحصاء لها . لقد أدركت – غير متأخرة على ما يبدو – أن قيمة وقتي
فيما عرفته وأعرفه وسأعرفه عني وعن العالم من حولي .
(2)
أحلامي صارت ثقيلة وغريبة ومليئة بالتفاصيل والألوان والحرارة والحروب والملامس المتباينة وبعضها يشبه لوحات فنية ضخمة .
عيناي غائرتان لطول ما قرأت , وأوجعتني المعرفة .
نفسي أبطأ وأبرد مثل نفس حيوان بري في سباته الشتوي !
يدخر طاقته لأيام سيحتاج فيها لكل ما لديه .
صرت أقل حزناً وقلقاً , وأكثر سكينة , ربما لأنني نجوت –كما أظن- من خديعة الأمل
(3)
ليس في وسعي الآن , ولا غداً ولا في أيّ وقت ٍ أن ألج فردوس الأمومة الهش .
بلى الأمومة فردوس هش لأن عقوق أبن قد يجعله ندماً , ومرض أبن قد يصيره عذاباً وموت أبن سيحيله إلى جحيم ,ثم هناك السهر ,والقلق , واستنزاف الروح والجسد , والخوف من الإفراط والتفريط , والقرارات التي ستطلع في منتصف طريق ما.
(4)
صرت خارج أشياء كثيرة ظننت أني لن أصير مرة خارجها ,أولها الانتظار ,وقد ربحت بهذا نفسي ووقتي وطاقة بددتها من قبل على أمور وأناس لا تستحق.
(5)
أني أكبر , وأتورط في سحر الكتب والقراءة أكثر فأكثر . لم تعد القراءة – بالنسبة لي- متعة بل غريزة كالجوع تماما.
(6)
أردت وأريد أن دائما أن أموت تامة ,لا أريد أن أحيا حتى أرذل العمر, ولا أن اذوي شيئا فشيئا ,ترعبني تكاليف الكبر.
(7)
أنني أكبر , ونومي يضطرب أكثر من ذي قبل ,منذ العاشرة ونومي مضطرب , حينها كنت أرفض فكرت النوم , وأعدُها خسارة ,كنت أفكر أن ثمة أشياء ستفوتني أن نمت ,الآن كذلك أتهرب منها أحيانا , وأعدها خسارة أكثر فداحة ! لكن جسدي لم يعد شابا , ومع الوقت سينهكه السهر المتواصل.
في معنى أن أكبر / الروائية ليلى الجهني .