تقرير- محمود العوضي
بات من المألوف كل يوم، أن يصدر الفيفا، أو إحدى لجانه قرارًا ضد ناد سعودي، مشمولا بالتهديد بخصم نقاط ، والهبوط للدرجة الأدنى، إذا لم يتم تسديد مستحقات مدرب ما، أو لاعب مجهول. وحالات أندية الاتحاد والنصر والشباب.. خير شاهد على ذلك.
وقد أثار تعرض أنديتنا الكروية، وصناعة كرة القدم في المملكة، لخسائر مالية حفيظة خبراء اقتصاديين، ورياضيين، ما دفعهم لطرح تساؤلات عن أسبابها؛ رغم المقومات الضخمة الموجودة في المملكة، والكفيلة بإنجاح هذا القطاع. بل والتوسع في الاستثمار فيه. وتفيد تقارير أن الأندية الكروية تعرضت خلال الموسم الماضي، لخسائر بلغ متوسطها حوالي 1.2 مليار ريال (حوالي 320 مليون دولار).
وقد عبر المتابعون للشأن الرياضي، عن امتعاضهم لما تتعرض له الأندية من خسائر، رغم ما تمثله الرياضة من كونها “ذروة برامج الترفيه الاجتماعي..إذ ليست ثمة قيود تذكر على ممارستها، إذا ما قيست بالسياحة، أو الفنون العامة؛ كالسينما والمسرح وغيرها”.
،
ويجد كثير من الشباب السعودي ضالتهم في كرة القدم، ومتابعة مباريات الدوري الممتاز، الذي بات الشغل الشاغل لمئات الآلاف منهم.
فالاقتصاد السعودي يدخل “ضمن دول العشرين، وتجارتنا هي الأكبر في الشرق الأوسط، ونحن الأكثر سماكة في شريحة الطبقة الاجتماعية الأولى في المنطقة، وكرة القدم هي الوجهة الأولى في كل برامج الاستقطاب الترفيهي والرياضي والاجتماعي عامة في البلاد، فلماذا تخسر هذه الصناعة، في ظل توفر كل هذه الأسس والمقومات، التي لا تتوفر لدول أخرى، لا تتكبد مثل هذه الخسائر؟
لاشك أن الخسائر تعود “لجملة من الأسباب، والتي لها شق اجتماعي ومالي وتنظيمي وهيكلي”.
وعلى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرياضة، معالي تركي آل الشيخ، “ الإسراع بتفكيك هذه النتائج المالية، وتشريح أسبابها؛ لإنقاذ اقتصاديات هذه الصناعة المهمة”.
وبالفعل.. عقب تسلم تركي آل الشيخ منصبه الجديد كرئيس للهيئة العامة للرياضة، منذ مطلع سبتمبر الماضي، بدأت الهيئة بالفعل بمحاسبة مجالس إدارات أندية سعودية، ومنها نادي الاتحاد، صاحب أكبر مديونية في المملكة. وتم فتح أكثر من ملف للفساد المرتبط بالرياضة، أو اللجان العاملة تحت مظلة اتحاد كرة القدم.
فساد مالي
تثير الآلية المعمول بها في إدارة أندية المملكة حفيظة مختصين بالشأن الرياضي، ممن يطالبون بتفعيل نظام محاسبة دقيق لمكافحة الفساد المالي فيها، وتنادي بعض النخب، بمحاسبة جميع الأندية التي تعاني؛ مهما بلغت قيمة ديونها، والوقوف على أسباب تراكمها.
فعملية المحاسبة ينبغي ألا تكون مرتبطة بحجم الدين، بل بالأسباب التي أدت إلى وجوده، فلعله يكون من ضمنها سوء الإدارة، أو الاختلاس، وما في حكمه من كسب غير مشروع، وهو ما ستكشفه عمليات المحاسبة الحازمة الشاملة العادلة”. وقد لاحظنا مرارًا، أن مجالس إدارات بعض الأندية، كان “تتخذ ما يحلو لها من إجراءات، وتوقع ما تشاء من عقود بيع، أو شراء، قد تفوح من بعضها رائحة فساد- كان يُوصف في السابق بأنه من تحت الطاولة- ثم أصبح على عينك يا تاجر، ويتعدى الفساد ويبذر في النفقات؛ سواء في المعسكرات أو رحلات التعاقد، أو الاحتفالات، حتى إذا ما حان وقت الرحيل، تركوا النادي غارقًا في ديونه؛ حتى أُذنيه”؛ لذا فمجلس الإدارة يجب أن يكون “مسؤولًا مسؤولية كاملة عن النادي؛ ماليًا وإداريًا وقانونيًا خلال فترة عمله، ليسلمه فيما بعد للمجلس الجديد بسجل مالي وقانوني نظيف، وأن تكون كل هذه الخطوات تحت رعاية مباشرة ومستمرة من قبل هيئة الرياضة، فلا تترك الحبل على الغارب، ثم تفيق على واقع مزرٍ تعيشه الأندية، يحتاج إلى معالجة تشارك فيها جهة رقابية رسمية”.
كذلك فإن رؤساء بعض الأندية “يغرقون أنديتهم بعقود مليونية، ثم يغادرون كراسيهم، دون أن يتحملوا أي مسؤولية تجاه الديون التي تسببوا بها”.
فلو كان النظام يلزم كل رئيس مستقيل، أو منتهي الولاية بتحمل تبعات قراراته المالية، لفكر مرتين وثلاثًا قبل أن ينثر الملايين على رؤوس أنصاف اللاعبين”.
يذكر أن ديون الأندية السعودية، المشاركة في الدوري السعودي الممتاز، بلغت 1.099 مليار ريال (حوالي 293 مليون دولار)، وفقًا لتقارير محلية.