** أطرف ما قرأت حتى الآن في شأن معضلة سرقة السيارات عندنا .. ما نشرته ” الوئام ” مؤخرا من قيام مجموعة من اللصوص , في محافظة البكيرية بمنطقة القصيم , بتنفيذ ” وجبة ” من السرقات في ليلة واحدة , شملت محال تجارية ومنازل ، وكاشير كامل من محل محامص , وأجهزة حاسب محمولة .. وكل ذلك ” كوم ” وان يشمل اللصوص بسرقتهم حوض سيارة وانيت فهذا ” كوم آخر ” .. نعم سرقوا حوض الوانيت وتركوه أجرد أمرد , إلا من مقطورة القيادة ” الغمارة ” .
** دعونا نقرأ التفاصيل لتزداد دهشتنا , أو إن شئت لتتسع ابتسامتنا , وكما قيل ” شر البلية ما يضحك ” ..
تقول تفاصيل الخبر : ” …. كما تعرضت سيارة أحد المواطنين من نوع هايلوكس لسرقة حوض السيارة بالكامل أثناء وقوفها أمام منزله , الطريف في الأمر أن عملية فك الصندوق تستغرق وقتاً طويلاً من الجناة بالرغم من كون منزل المواطن قريباً من الشارع العام ” .. انتهى الخبر .
** أحد تعليقات القراء على ذلك الخبر أعجبني كثيرا , يقول التعليق :
” أما حوض السيارة هذا لوحده نكته .. شكل السرقة الجايه الغمارة ” .. وأضيف أنا هنا تعليقا من عندي وهو : ” كيف ستكون الحالة النفسية لصاحب الونيت المنكوب , وهو يسير به في الشوارع بحثا عن ورشة تُركّب له حوضا بديلا , وكيف سيبدو المشهد كوميديا جدا , وكأنه جزء من مسلسل تلفازي على طريقة طاش ما طاش الشهير .
** ونأتي هنا لمربط الفرس , وهو أين الحل ؟ .. أي أننا بصراحة مهمومون للبحث عن الخروج من مأزق السرقات هذا , والذي يبدو أن وتيرتها قد زادت مؤخرا , بما في ذلك سرقة السيارات , أو حتى أجزاء منها كما حدث لوانيت البكيرية هذا .
** استطيع أن أقول أن عوامل كثيرة , أدت وتؤدي إلى السرقات , ومن أبرزها في ظني , ضعف مخرجات التوعية الدينية , فقد طال عهدنا بخطاب ديني في قالب واحد لم يعد مؤثرا , وثانيا فقد ضعفت متابعات البيت للأبناء , وتفلت عدد من أبنائنا من عقلهم , وصار لا أحد يسال عنهم من الآباء والأمهات , فاختلطوا بغير الأسوياء معظم نهارهم أو ليلهم , فنشأت عندهم مثل هذه الانحرافات .
** وأخشى كذلك أن يكون للفقر وللبطالة دور في هذا الشأن , فعندما تُسدّ الطرق في وجوه الشباب , فماذا تنتظر أن يفعلوا , واحدهم في كامل حيويته ولا يجد عملا أو وظيفة تشغله , ومن خلالها يبدأ شق حياته بشكل طبيعي , خصوصا وهو في بلد غني , كان من الطبيعي أن يجد كل احد من الشباب حقه المشروع أن كان في مقعد دراسي جامعي مثلا , أو في وظيفة ذات راتب مجز .
** وقد يكون من الأسباب غياب برامج شبابية اجتماعية ” حقيقية ” في كل حي وكل قرية .. فما نراه الآن إما انه برامج محدود , أو أنها ذات طابع مظهري استعراضي ليقول لنا أصحابها ” نحن هنا ” كتسجيل موقف ليس أكثر .. خصوصا وعدد من الأثرياء قد تخاذلوا عن دعم برامج شبابية عظيمة لمجتمعهم , وكأن الذي منحهم الثراء هو المريخ , وليس هذه الأرض الطيبة وأهلها .. وقد يكون للإعلام الرخيص دور في هذه المعضلة , ببرامجه المسلوقة والتافهة والخالية من تكريس القيم , وبناء الهمم لدى الشباب .
** ومن يدري فقد يكون لعدد من أبناء الجاليات عندنا , وللوافدين وللعمالة المبثوثة بدون حاجة بيننا ضلع محوري في هذه الإشكالية , وبهذا يكون من الحلول العملية , المزيد من الجهد التنظيمي والأمني المكثف , لوضع هذا الأمور في خطها الصحيح .
** أنا في الختام اسأل باستغراب , من هي الجهة التي درست أو ستدرس مشكلة السرقات هذه بشكل علمي , ثم تقدم مشروعها وتوصياتها ؟ .. والاهم هو .. متى تنحسر هذه الإشكالية المزعجة ؟.