مركز المعلومات عبدالله صقر
تزخر أراضي المملكة العربية السعودية بالعديد من الخامات التي تدخل في الكثير من الصناعات بشكل أساسي أو ثانوي.
إن أحد أهم المميزات التي تميز خامات المعادن والصخور الصناعية هي التنوع من حيث الطبيعة، والأصل، والمواقع، والخصائص، وكذلك تطبيقاتها الصناعية، والكميات المنتجة منها، وقيمتها التسويقية.
تنوع البيئات الجيولوجية في المملكة جعلها بيئة مناسبة لمعظم الخامات الصناعية، فالمملكة العربية السعودية تنقسم جيولوجيا الى أربع مناطق متميزة هي (الدرع العربي) و (الغطاء الرسوبي) و (الحرّات الحديثة) و (السهل الساحلي للبحر الأحمر) وجميع هذه النطق تزخر بوجود الخامات الصناعية مثل:
الفوسفات، والبوكسيت، ورمال السيليكا عالية النقاوة، والحجر الجيري والدولوميت، والجبس، والصلصال، والفلسبار، والركام خفيف الوزن (الاسكوريا) وأحجار الزينة بالإضافة إلى بعض الخامات الأخرى التي تتوفر بكميات أقل مثل:
الجارنت، والأوليفين، والتلك، والملح، وعروق المرو عالية النقاوة، وأملاح البوتاش وكلوريد الصوديوم، والباريت، والمغنيزايت وغيرها … وقد بلغ عدد المواقع المعدنية بشقيها الفلزي واللافلزي المكتشفة في المملكة ما يقارب (5076 موقعاً).
تنتشر الرواسب المعدنية في المملكة العربية السعودية في مواقع عديدة من الدرع العربي، حيث توجد أكثر خامات المعادن الفلزية في الصخور التابعة لدهر طلائع الحياة (ما قبل الكمبري) التي يتكون منها الدرع العربي في الجزء الغربي من المملكة. ومن الناحية الميتالوجينية هناك رواسب معدنية تتميز بصحبة صخور معينة، فعلى سبيل المثال رواسب النيكل ومجموعة عناصر البلاتين توجد عادة في صخور البريدوتايت أو السربنتينيت، ورواسب الموليبدينوم والقصدير توجد في صخور الجرانيت، ورواسب معادن الأساس مثل النحاس والزنك في الدرع العربي تكون مصاحبة للصخور البركانية أو الفتاتية بركانية الأصل.
يعود تاريخ التعدين والتنقيب عن المعادن في شبه الجزيرة العربية إلى أكثر من 900 عام قبل الميلاد، وذلك من خلال وجود مناجم الذهب التي تم استغلالها، كما أن النشاط استمر خلال فترة القرنين الثامن والتاسع الميلاديين في عهد الخلافتين الأموية والعباسية لاستغلال مناجم الذهب والفضة.
وقد بدأت أعمال التعدين والمناجم في عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، حيث تم استغلال منجمي مهد الذهب وظلم مابين عام «1939-1954» و«1952-1954م» على التوالي.
وبدأ نشاط التعدين في الستينيات الميلادية من القرن الماضي بغرض تنويع اقتصاد المملكة، كما قامت المملكة قبل أكثر من 40 عاماً بإصدار نظام سعودي خاص بالتعدين، وأنفقت حوالي «8.8» بليون ريال سعودي حتى عام 2002م على المسح والتنقيب والذي شمل رسم الخرائط الجيولوجية والجيوكيميائية والجيوفيزيائية والتنقيب عن المعادن، وأعمال الحفر في كافة مناطق المملكة.
الخامات المعدنية
يمكن تقسيم الخامات أو الرواسب المعدنية إلى فلزية ولا فلزية.
اما الرواسب المعدنية الفلزية فهي تشمل الفلزات النفيسة: مثل الذهب والفضة ومجموعة البلاتين.
والفلزات غير الحديدية: وتشمل النحاس، الزنك، الرصاص، القصدير، الألمنيوم.
الحديد والفلزات الحديدية: وتشمل الحديد، المنجنيز، النيكل، الكروم، التنجستن، المولبدنيوم، الفناديوم، الكوبالت.
الفلزات ضئيلة المصدر واللافلزات المصاحبة: وتشمل التنتالم والنيوبيوم، التيتانيوم، العناصر الأرضية النادرة، اليورانيوم، الزركونيوم، البريليوم، المغنسيوم، الإنتيمون، البزموث، الكادميوم، الزئبق.
رواسب معدنية لافلزية
المواد الخزفية: مثل الصلصال والفلسبار.
أحجار الزينة: الجرانيت والجابرو والرخام والحجر الجيري.
المواد الميتالوجينية والمقاومة للصهر: مثل الفلورايت، الجرافيت، الجير والحجر الجيري، المغنزايت.
معادن الصناعة الكيميائية: مثل الفوسفات، الملح الصخري، الكبريت، أملاح البوتاسيوم.
المواد الصناعية: الميكا، التلك، الأسبستوس، البارايت، الكبريت.
مواد البناء: الجبس والمواد الركامية.
معادن الزينة: مثل الماس والياقوت والفيروز.
وتتميز جيولوجية المملكة بوجود منطقتين من الناحية الجيولوجية:
منطقة الدرع العربي
وهي موازية للبحر الأحمر، وتغطي ثلث مساحة المملكة، وتُعد المنطقة الرئيسة التي توجد فيها معادن الذهب والفضة، ومعادن الأساس مثل النحاس والزنك، إضافة إلى بعض المعادن الصناعية.
شرق الدرع العربي
حيث تظهر فيها الصخور الرسوبية ذات الأعمار الجيولوجية المختلفة، وتحتوي على بعض المعادن الصناعية، وخاصة معادن البوكسايت والفوسفات.
وتنتشر الرواسب المعدنية في المملكة في مواقع كثيرة من الدرع العربي، وغالبية خامات المعادن الفلزية توجد في الصخور التابعة لما قبل الكامبري «Precambrian» التي يتكون منها الدرع العربي في الجزء الغربي من المملكة. ومن الناحية المعدنية نجد أن هناك رواسب معدنية تتميز بصحبة معينة من الصخور، فرواسب الذهب والفضة توجد في عديد من الصخور النارية والمتحولة والرسوبية. وأهم الرواسب هي رواسب الحشو «Fissure–filling deposits» حيث توجد مع الكوارتز في العروق وفي لحام البريشيا وغيرها من الفراغات، كما يوجد الذهب على شكل رواسب المراقد النهرية أو الشاطئية الحديثة «Placer deposits».
وعندما نتتبع مواقع عروق الكوارتز الحاملة للذهب في المملكة، نجد أن تركيز معظمها يكون حول خط يتجه من الجنوب إلى الشمال في منتصف الدرع العربي, مابين نجران وظلم ثم حائل متطبقاً إلى حد ما – مع درز نبيطة «Nabith suture».
وتقطع عروق الكوارتز الحاملة للذهب والفضة مختلف أنواع الصخور المتطبقة والمتداخلة في الدرع العربي. وتُعد مناجم مهد الذهب والأمار والصخيبرات وبلغة والحجار من أهم المواقع الحاملة للذهب في المملكة.
وتوجد رواسب النيكل ومجموعة عناصر البلاتين في صخور البيريدوتايت أو السربنتنايت، ورواسب القصدير والمولبدينوم في صخور الجرانيت. أما رواسب معادن الأساس مثل النحاس والزنك فتكون مصاحبة للصخور البركانية أو الفتاتية بركانية الأصل.
وقد بلغت المواقع أو التواجدات المعدنية الفلزية واللافلزية المكتشفة في المملكة حوالي 5076 موقعاً، حيث بلغ عدد المواقع المعدنية الفلزية حوالي 2424 موقعاً وتشكل مانسبته %47 من مجمل المواقع المتمعدنة.
ويمكن تقسيم النشاط التعديني في المملكة إلى قسمين رئيسين:
النشاط المتعلق باستخراج المعادن الفلزية اللازمة للصناعات التحويلية «المناجم».
النشاط المتعلق بالمحاجر المحتوية على المواد الخام اللازمة للبناء والتشييد، لتلبية احتياجات صناعة البناء والتشييد وبعض الصناعات الأخرى.
استمرت أعمال التنقيب عن المناجم التي تحتوي على الذهب ومعادن الأساس «النحاس والزنك»، والمعادن والصخور الصناعية، بغرض اكتشاف موارد جديدة، وتوفير أهداف ومعلومات جيدة للمستثمرين في مجال التعدين والمناجم في الدرع العربي، بالإضافة إلى البحث عن رواسب اقتصادية واعدة, سواء في الدرع العربي، أو في الغطاء الرسوبي للمملكة.
وقد نتج عن أعمال المسح والتنقيب عن الخامات المعدنية الفلزية في صخور الدرع العربي التعرف إلى عدد كبير من المواقع، منها حوالي 980 موقعاً للذهب، و610 مواقع للفضة، و856 موقعاً للنحاس، و477 موقعاً للزنك، و282 موقعاً للرصاص، و76 موقعاً للنيكل، و117 موقعاً للكروم، و176 موقعاً للعناصر النادرة
خيراتنا من أرضنا
أكد معالي وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد بن عبدالعزيز الفالح أن المملكة تشهد رحلة تطور وتحول عملاقة لتحقيق رؤية المملكة 2030.
وبين معاليه خلال افتتاحه مؤخرآ فعاليات المؤتمر الجيولوجي الدولي الثاني عشر تحت عنوان “خيراتنا من أرضنا” أن أهمية المؤتمر تأتي من أهمية علوم الأرض، التي تتناول جوانب حيوية عديدة لعالمنا كله، مشيراً إلى ان الرؤية تتطلب مضاعفة حجم وتنوع الاقتصاد الوطني، بما في ذلك قطاع التعدين الواعد.
بحيث تلبي الطلب العالمي والمحلي المتزايد على الطاقة، من خلال تنمية وتنويع مزيج الطاقة بما فيها المصادر الهيدروكربونية التقليدية، بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة، والطاقة النووية.
واشار الفالح أن الثروة المعدنية تُعد إحدى أهم نشاطات تحقيق رؤيتنا، بما فيها من فرص هائلة، تُسهم في تنويع مصادر الدخل، وتوليد فرص العمل للمواطنين، وتطوير المناطق الأقل نمواً وبالإضافة لما يحققه التعدين والصناعات المعدنية من تعزيز للاقتصاد، فإنه يدعم الأهداف الأخرى المتعلقة بتطوير الصناعة المحلية، من خلال تقديم المواد الأساسية التي تشكل القاعدة لأي اقتصاد صناعي متقدم، وان الفرص وراء إطلاق الاستراتيجية الشاملة لقطاع التعدين والصناعات المعدنية ( 2018 – 2035)، التي توجت مؤخراً بصدور قرار مجلس الوزراء الموقر بالموافقة عليها.
وكشف الفالح بأن التقديرات الأولية تشير إلى أن القيمة الاجمالية للموارد المعدنية في المملكة تفوق 1.3 ترليون دولار، بالإضافة إلى ما يمكن تحقيقه عبر تحويل هذه الثروات إلى منتجات ذات قيمة مضافة عن طريق الصناعات الوسيطة والتحويلية، مشيراً إلى أن الاستراتيجية تسعى إلى زيادة إنتاج معادن الأساس، والمعادن النفيسة لتصل إلــى عشــــرة أضعاف الإنتاج الحالي، ، وستكون المملكــة – بإذن الله – ضمن أكبر عشرة منتجين للألمنيوم، كما سيتم التوسع في تطوير سلاسل القيمة للتيتانيوم واليورانيوم والمعادن الأرضية النادرة لإنشاء صناعات متقدمة، وستوفر زيادة الإنتاج في المعادن بأنواعــــــــها بما في ذلك الحديد والفولاذ – والتي يتوقع أن تبلغ ضعف ما هي عليه – المواد اللازمة لصناعة السيارات، والصناعات العسكرية، والأجهزة، والمعدات، وستقفز المملكة لتصبح الثالثة عالمياً في إنتاج أسمدة الفوسفات.
وأضاف معاليه أن هيئة المساحة الجيولوجية السعودية ستتولى تنظيم وتنفيذ مشروع المسح الاقليمي الجيولوجي الشامل خلال السنوات الخمس المقبلة، وسيتم وضع نتائج الاستكشاف في قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية، التي سيتم إنشاؤها وفقاً لأعلى المواصفات العالمية.
ولتسريع عمليات الاستكشاف لتحقيق النمو المأمول في مخرجات التعدين وإن الخطة تسعى إلى زيادة مستوى الانفاق على الاستكشاف لكل كيلومتر مربع، من 90 ريـال حالياً إلى 570 ريـال في عام 2030، مضيفاً بأن الدولة تسعى إلى تعزيز دور القطاع الخاص في قطاع التعدين، وذلك من خلال تعديل نظام الاستثمار التعديني، بحيث يزيد من جاذبية الاستثمار في هذا المجال، ويعــــــزز بيئة العمل فيه، وتفعيل دور القطاع الخاص، ويسهل إجراءات الحصول على تراخيص الاستكشاف والتعدين خلال فترة زمنية تقارب أفضل المعايير العالمية.
وتشجيع المستكشفين المبادرين للدخول إلى هذا القطاع، وسيتم تعزيز الجدوى الاقتصادية لمشاريع التعدين والمشاريع الوسيطة والتحويلية التي تقدر حجم الاستثمارات فيها بما يقارب 120 مليار دولار، بتوفير البنية التحتية اللازمة ورفع حجم التمويل الميسر لمثل هذه المشاريع.
ودعا المستثمرين ورواد الأعمال من الجيولوجيين الشباب إلى اغتنام الفرص الضخمة التي تتيحها الرؤية في قطاع التعدين، فالممكنات والحوافز المتاحة غير مسبوقة، وكلنا ثقة في أن طموحهم وامكاناتهم ستضاعف دورهم في تنفيذ هذه المشاريع الرائدة.
ورحب معاليه بالأساتذة والباحثين من مختلف دول العالم، الذين يشاركون في هذا المؤتمر من خلال تقديم أوراقٍ بحثية مهمة، والإسهام في ورش علمية مفيدة للغاية، في مجالات علوم الأرض المختلفة.
وأكد بأن دور الجيولوجيين وعلماء الأرض لم يقتصر على قطاع التعدين، بل كان لهم السبق في اكتشاف الثروات البترولية التي غيرت مسار التنمية ليس فقط في المملكة، بل في العالم باسره حيث انهمك الجيولوجيون في ملحمة بحث وفحص جيولوجي، تم من خلالها إنتاج النفط وتصديره بكميات غير مسبوقة واليوم مازال القائمون على علوم الأرض والمساحة الجيولوجية في المملكة، يعملون لاستكمال هذه الجهود بجدية ومثابرة ومتابعة لتسخير التطورات في هذا المجال وتقنياته الحديثة، وبما يدعم نشاطات الاستكشاف والإنتاج الرشيد لتعزيز احتياطياتنا، وإبقاء المملكة في صدارة منتجي البترول في العالم.