متابعات

(تحدي التخفي) شبح يخطف أرواح الصغار وسط غفلة الأسر

جدة – إبراهيم المدني

عادت ألعاب الموت تطل من جديد على مجتمعنا عبر مواقع “السوشيال ميديا”، بعد فترة قصيرة توقفت فيها عن حصد أرواح الشباب والأطفال. وهذه المرة ارتدت هذه الألعاب القاتلة، ثوبا أطلق عليه، “تحدي التخفي”، وهو في حقيقته شبح مخيف قد يخطف أرواح الصغار في غفلة من الآباء. وحقيقة فجع المجتمع بمقتل طفل في الثالثة من عمره، وكذلك تعرض طفلين آخرين لتهديد خطير لحياتهما، قبل أن تكتب لهما النجاة بمعجزة، وهذا كله بسبب ممارستهم للتحدي المنتشر حاليا على مواقع التواصل، باعتباره لعبة، تسمى “التخفي”.

اللعبة القاتلة الجديدة، تعتمد على اختباء اللاعب في مكان ما، بعيدا عن أعين الباحثين عنه من أقرانه، بحيث يفوز إذا أعلنوا فشلهم في الوصول إليه، ولتحقيق هذا الهدف يتفنن الأطفال في البحث عن مكان يصعب كشف وجودهم فيه، فيلجأ بعضهم إلى حيل خطيرة، لا يقدرون عواقبها، مما يهدد حياتهم، أو ينهيها في أحيان عدة.

كارثة طفل الثالثة:
وكان طفل في الثالثة من العمر، واحدا من هؤلاء الضحايا الذين خطفهم شبح “تحدي التخفي”، حيث اختفى داخل إحدى غرف المنزل، ووضع شقيقه الذي يعاونه، فوقه كمية من البطانيات، والفرش، لإخفائه عن الآخرين، ونتيجة للرطوبة العالية، ونقص الأوكسجين، فقد الطفل وعيه خلال دقائق قليلة، ولم يتمكن من تحمل مدة بقائه في هذا المكان، فلفظ أنفاسه، ولقي مصرعه، فيما كان باقي أشقاؤه يبحثون عنه، لتفجع الأسرة بعد اكتشاف الواقعة، وينفجر الجدل المجتمعي بعد الإعلان عن هذه الواقعة الرهيبة.

نجاة إعجازية:
القصة الثانية، صافح فيها طفلان الموت، قبل أن تتم نجدتهما بمعجزة، حيث دخل أحدهما في “فريزر” مخصص لتبريد الطعام بالمنزل، ليختفي من باقي أشقائه الذين يلعبون معه “تحدي التخفي”، إلا أن الخادمة عثرت عليه مصادفة، فسارعت لإنقاذه قبل أن يتجمد داخل الفريزر.

وتدخلت المعجزة الإلهية من جديد لتنقذ طفلا أشرف على الموت، داخل خزانة الملابس، مختبئا أثناء اللعبة اللعينة، إلا أن شقيقته عثرت عليه وهو في النزع الأخير، وتمكنت من إنقاذه برحمة الله وحده.

واقعة خطيرة :
وبين أيدينا واقعة خطيرة أخرى، دارت أحداثها داخل مدرسة “سعد بن معاذ”، ويرويها القائد التربوي سعد الزهراني، قائلا: “رصدنا من خلال الكاميرات المنتشرة في أنحاء المدرسة، طالبا يتسلق أحد الجدران، فطلبت من معلم الذهاب إليه وإنزاله فورا، وإحضاره للاستفسار عن سبب ما فعله”.

وأضاف لـ(البلاد): “عند سؤال الطفل عرفنا أنه يمارس لعبة تحدي التخفي، مع خمسة آخرين من زملائه، وكان يبحث عن مكان يختفي فيه، حتى لا يتمكن زملاؤه من العثور عليه، ومعرفة موقعه، إلى أن ينتهي الوقت المحدد للعبة”.

وتابع: “حرصت على تنبيهه لخطورة سلوكه، وجمعت زملاءه وحذرتهم من ممارسة هذه اللعبة، وأوضحت لهم خطورتها، ثم سمحت لهم بممارسة كرة القدم في فناء المدرسة”.

ودعا الزهراني الأسر إلى متابعة الأبناء داخل المنزل، مثلما تجتهد إدارات المدارس لمتابعتهم خلال الدوام الدراسي، مشددا على أن الأسرة مطالبة باتخاذ جميع الإجراءات التي تضمن سلامة الأبناء، خاصة في مراحل الطفولة، والمراهقة.

تشديد الرقابة والتوعية:
خبراء علم النفس والاجتماع، اتفقوا على ضرورة تشديد الرقابة الأسرية، على ما يتابعه الأبناء بمواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك إطلاق حملات للتوعية بمخاطر هذه الألعاب القاتلة، وضرورة وقف انتشارها بين الصغار.

وحذر الخبراء، في التصريحات التي أدلوا بها لـ(البلاد)، من خطورة أن يقدم الأطفال على ممارسة ألعاب غير مناسبة لسنهم، في ظل غفلة الآباء، وانشغالهم بمتطلبات الحياة، مشددين على ضرورة توعية الأسر بخطورة عدم الانتباه لسلوكيات أبنائه، وإلى ضرورة مراقبتهم بدقة شديدة.

ودعا التربوي نايف البركاتي، وزارة الاعلام إلى تشديد الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعي، وحجب الألعاب المسيئة، التي لا تناسب المجتمع مشيراً إلى أن الكثير من هذه الألعاب تسبب مشكلات تربوية ونفسية خطيرة للأطفال والمراهقين، حتى لو لم تنته بالموت.

وقالت الأخصائية الاجتماعية نوال الزهراني:” لعبة “تحدي التخفي”، تلاقي شعبية واسعة في أوساط الأطفال دون سن التاسعة، كلعبة مرحة، إلا أن مخاطرها بالغة في ظل صغر سن ممارسيها”.

ودعت الأسر إلى ضرورة الانتباه، إذا غاب الطفل عن أعينهم، مطالبة بعد السماح بذلك على الإطلاق، لأن اختفاء الطفل في خزانات الملابس، وغيرها من الأماكن الضيقة سيئة التهوية في المنزل، يمكن أن يهدد حياته بالموت، وهو ما يجب الانتباه بشدة إليه، لأنه يحدث خلال وقت قصير. وطالب المختصة، الأمهات والآباء، بضرورة التنبيه على الأطفال بعدم ممارسة مثل هذه اللعبة، وتوضيح مخاطرها للأطفال، وإقناعهم بخيارات أخرى للعب والتسلية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *