جدة ــ إيمان حنا
في سعيهم لاستمرار جذوة المعارك الدائرة في اليمن ولتعويض نقص المليشيا من المقاتلين المدربين على وقع الخسائر التى منيت بها مؤخراً، تزج مليشيا الحوثيين في اليمن بالأطفال إلى ساحات القتال، بعد أن تركوهم فريسة لسوء التغذية وقلة الرعاية وانتشار الأوبئة.
هذا فيما أطلقت منظمة سلام بلا حدود التى تتخذ من فرنسا ومانشستر مقرا لها ـ حملات لتبصير المجتمع الدولى بجريمة تجنيد الأطفال لدى الحوثيين فى اليمن، وحثهم على التحرك لإيقافها حيث كشفت الحكومة اليمنية عن أرقام مخيفة لتجنيد ميليشيات الحوثيين لأطفال يمنيين، للزجّ بهم في المعارك التي يخوضونها، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية الخاصة بحقوق الطفل وتفاقم أعداد المجندين بشكل غير مسبوق .
وقالت نائبة رئيس المنظمة ذكرى محمد نادر، إن المنظمة منذ إنشائها فى 2012 تعمل بشكل تطوعى لخدمة السلام وبمحاولات جادة للحد من الحروب من خلال نشر فكر تقبل الآخر وإرساء احترام حرية التعبير.
وقالت ذكرى إن الإعلام الغربى يركز على الأزمة الإنسانية باليمن بزوايا تخضع للأهواء السياسية أكثر من الاهتمام بالأهداف الإنسانية والوضع الإنسانى المذرى هناك.
وأشارت إلي أن المنظمة لديها ممثلين فى أكثر من أربعين دولة بالعالم موضحة أنها قامت بحملات متعددة منها حملة ضد زراعة الألغام، لأن الحوثيين يزرعون مئات الآلاف منها ليواجهون بها الجيش وللأسف المدنيين هم من يدفعون الثمن، وقالت إن الجرائم التي ترتكب بحق الأطفال الذين يساقون إلي الجبهات ويحملون السلاح بدلاً عن القلم قد دفعتهم إلى إطلاق حملات مكثة لمكافحة تجنيد الأطفال في اليمن
توثيق الانتهاكات :
ونوهت ذكرى إلي أن التقارير القادمة من داخل اليمن أشارت الى ارتفاع أعداد الأطفال ممن يجبرون على حمل السلاح، حيث يقدر عددهم بأربعين ألف طفل، واحيانا تكون أعمارهم أقل من السنة السابعة، موضحة أن الحوثيين يستغلون الأطفال باتجاهين أولاً تعويض نقص الجنود لديهم، وثانيا استغلالهم إعلامياً.
وأضافت أن آليات عمل الحملة تعتمد على نشر البيانات بشكل مستمر وتوثيق الجرائم فى حق الإنسانية بالأفلام وشهادات حية إلى جانب أنشطة أخرى مثل إقامة الندوات والتوعية من خلال تواصل ممثلينا بعوائل اليمنيين لشرح مخاطر انخراط أطفالهم بالحرب، وأيضا التواصل مع جهات حكومية يمنية لتنظيم عملية إعادة الأطفال لحياتهم الطبيعية بعد استرجاعهم من يد الحوثي ومحاولات الضغط على الجهات التي تجند الأطفال، والسعي إلى وضع قانون رسمي يمنع تجنيدهم، والضغط على المنظمات الدولية و الأمم المتحدة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لحماية الأطفال.
تعدد الانتهاكات:
وكشفت ذكرى عن تعدد انتهاكات الحوثيين بحق الأطفال في اليمن حيث تمثلت ما بين تفجير الألغام والتهجير والاختطاف وصولاً إلى القتل، أو التجنيد عنوة فى صفوف الميليشيا فى خرق واضح لكل مواثيق ومعاهدات وقوانين حماية الطفل وحقوق الإنسان، مشيرة إلي أنها تعد الجريمة الأشد خطورة والتى لجأت لها تلك الميليشيات بكثافة مؤخرا بعد قتل عدد كبير من عناصرها على جبهات القتال من ناحية ورفض اليمنيين الانصياع لتهديداتهم والانضمام لصفوفهم من ناحية أخرى، الأمر الذي دعاها إلي اللجوء إلى أحط الأساليب بخطف الأطفال عنوة من الشوارع والمدارس والمنازل وإجبارهم على حمل السلاح والانضمام لصفوف الميليشيا، وقالت إن تلك الخطوة دفعت آلاف الأسر إلى اختيار النزوح طواعية حماية لأبنائهم من المصير المجهول على جبهات القتال.
تفعيل القوانين:
ومن جانبها ناشدت ممثلة منظمة سلام بلا حدود فى اليمن عايدة العبسى ، بتفعيل قانون واضح يمنع تجنيد الأطفال والتحرك باتجاه إنقاذ أطفال اليمن لأن تداعيات وجودهم كأدوات للحرب تؤثر ليست فقط على الطفل ولكن على مستقبل اليمن وعلى أجياله وتعرضهم وتعرض اليمن لمخاطر نفسية وسلوكية واجتماعية وأخلاقية يصعب تجنبها.
حرمان من التعليم:
ومن جانب آخر أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ابتهاج الكمال، إن الحوثيين قاموا بتجنيد ما يزيد عن 23 ألف طفل، بصورة مخالفة للاتفاقيات الدولية، وقوانين حماية حقوق الطفل، منهم ألفان و500 طفل منذ بداية العام الحالي 2018.
وأضافت: “إن استمرار مليشيا الحوثي بتجنيد الأطفال والزج بهم في المعارك، واختطافهم من المدارس والضغط على الأسر وأولياء الأمور لإرسالهم إلى المعارك تمثل جرائم حرب، ومخالفة لكل القوانين الدولية الخاصة بالطفل“.
وأشارت إلى أن الميليشيات الموالية لإيران “حرمت أكثر من 4.5 مليون طفل من التعليم، منهم مليون و600 ألف طفل، حرموا من الالتحاق بالمدارس خلال العامين الماضيين“.
واتهمت الوزيرة الحوثيين “بقصف وتدمير ألفين و372 مدرسة جزئيا وكليا، واستخدام أكثر من 1500 مدرسة أخرى كسجون وثكنات عسكرية“.
40 % فتيات :
وكانت منظمات حقوقية قد عرضت أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف 4 تقارير عن انتهاكات ميليشياتِ الحوثي حقوق الإنسان في اليمن، وهي عن التعذيب حتى الموت والصحة وانتشار الإرهاب وتجنيد الأطفال، حيث تعمل ميليشيات الحوثي على استدراج الأطفال من المدارسِ و تجندهم قسرا وتزج بهم في ساحات القتال دون تدريب.
وقدمت الخبيرة الدولية في الأمم المتحدة د.أستريد ستوكيلبيرغر عرضاً عن تجنيد الأطفال في اليمن والمخاطر، وقالت: “إن مشكلة الأطفال المجندين في اليمن و40% منهم من الفتيات لا يعرفون أنهم ذاهبون إلى القتال، ومهمتنا صعبة لإعادة هؤلاء إلى أحضان عائلاتهم والعودة إلى مدارسهم لأن تجنيدهم يأتي إجباريا”.
هذا وطالت جرائم التعذيب حتى الموت التي ارتكبتها ميليشيات الحوثي الانقلابية في السجون وأماكن الاحتجاز 28 شخصا توفوا تحت التعذيب العام الماضي، وأشار التقرير أيضا إلى أن جميعَ الضحايا لم يشاركوا في أيِ نشاط عسكري.
وقال عضو التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان براء شيبان:” إن حالات القتل تحت التعذيب في سجون الحوثي تضاعفت العام الماضي وبلغت أكثر من 22 حالة ونحن هنا قدمنا ملفا كاملا عن هذه الجرائم وبانتظار لجنة تحقيق مستقلة لكشف تفاصيل حالات التعذيب في السجون الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي”.
بدوره،عبر البرلمان العربى عن استنكاره لارتفاع وتيرة تجنيد جماعة الحوثى الانقلابية المدعومة من النظام الإيرانى للأطفال فى اليمن، وتدريبهم على استخدام كافة أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، وتوزيعهم على خطوط التماس فى الجبهات للمشاركة المباشرة فى العمليات القتالية واستخدامهم كوقود للحرب العبثية”.
وقال البرلمان العربى، إن “ما تقوم به ميليشيا الحوثى الانقلابية، بحق الأطفال فى اليمن تمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتهديدا للأمن والسلم إقليميا ودوليا تستوجب ملاحقة مرتكبيها وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية”.
وتابع “قيام ميليشيا الحوثى بخطف الأطفال من المدارس والزج بهم للحرب على جبهات القتال يمثل جريمة ضد الأطفال حيث حرمتهم من حقهم فى التعليم، وعرضتهم لأسوأ أشكال عمل الأطفال التى اعتمدتها منظمة العمل الدولية عام 1999″، وأشار البرلمان العربى، إلى توثيق الأمم المتحدة فى مطلع عام 2018، تجنيد ما يقارب 2500 حالة من المجندين الأطفال وأن 67% منهم ضمن صفوف ميليشيا الحوثى يقومون بأدوار قتالية وتسيير الإشراف على نقاط التفتيش التابعة لها.
ومن جانبها وجهت الحكومة اليمنية من خلال وزير إعلامها الدكتور معمر الأريانى، نداء عاجلا إلى المبعوث الأممى لليمن والمنظمات الدولية، وطالبهم بالتدخل العاجل بشأن تجنيد الحوثيين للأطفال.
وقال وزير الإعلام إن أكثر من 200 طفل من المقيمين فى دار الأيتام بصنعاء لقوا مصرعهم بعد قيام الحوثيين بالزج بهم فى جبهات القتال.
ومن جانبه، اتهم وكيل محافظة إب محمد الدعام مليشيات الحوثى بتجنيد الأطفال والشباب فى المحافظة، والزج بهم للقتال، لافتًا إلى أن تجنيد الأطفال ارتفع بشكل كبير، وحذر الدعام من أن مثل هذه الجرائم لن تمر دون عقاب، وستتم محاسبة كل من يشارك فيها، كما طالب منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة بتسجيل وحصر هذه الجرائم التى تقوم بها المليشيات لاستهداف شريحة الأطفال والزج بهم فى الحرب.