م. عبد العزيز حنفي
اليوم الوطني ذكرى نفخر بها جميعاً لكيان عظيم أرسى دعائمه وثبت أركانه رجل بذل الغالي والنفيس وهيأه الله تعالى ليجمع شمل أبناء الوطن الواحد ويوحد كلمتهم تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله انه جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (طيب الله ثراه).
لقد قاد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، يرحمه الله، ملحمة توحيد هذا الكيان الذي كان ممزقاً في كيانات متناحرة ولو تأملنا بعمق دلالات هذه الملحمة لوقفنا على عبقرية رائد التوحيد، وكيف أنه استطاع أن يؤسس نظام حكم على مبادئ القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، فهما الأساس الذي تقوم عليه حياة كل مسلم وهما لحمة تماسك المجتمع المسلم.
في مثل هذا اليوم من عام 1351هـ الموافق 1932م سجل التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها الملك المؤسس – طيب الله ثراه – على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م، حيث صدر في 17 جمادى الأولى 1351هـ مرسوم ملكي بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
إن مناسبة اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية من المناسبات الأكثر ثباتاً في الذهن ورسوخاً في الذاكرة بعد مسيرة حافلة سُطرت فيها ملاحم خالدة في توحيد وبناء هذا الوطن الشامخ يوماً شهد تتويجاً لمسيرة جهاد ملك عظيم، وانطلاقاً لمسيرة جهاد أعظم نحو تنمية وبناء الدولة السعودية الحديثة.
حري بكل سعودي أن يقف في ذكرى اليوم الوطني وقفة تأمل يستعيد فيها أبعاد توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك المؤسس (رحمه الله) وانعكاساتها على المجتمع تنمية وتطوراً، لقد غرس توحيد المملكة أول بذور النماء التي تشكل منها عصب الاقتصاد السعودي، إذ أثبتت تجارب الأمم أن الأمن الوطني والاستقرار السياسي شرطان أساسيان للنمو الاقتصادي علينا أن نتذكر أن ما نعيشه من طمأنينة نفسية واقتصادية واجتماعية وأسرية قلما تجتمع في شعب واحد فالشعوب الغربية بترفها واقتصادياتها الكبيرة إلا أنها تنحدر كثيراً في مجال الطلاق الأسري والخواء الروحي وفي الجانب الآخر بلاد غنية بالجانب الروحي والنفسي ولكنها تعاني أزمة اقتصادية لذلك تنعم بلادنا ولله الحمد والمنة بميزة جمعت محاسن الدين والدنيا والفضل يعود لتوفيق الله عز وجل ولقيادتنا الحكيمة التي طبقت شرع الله وبذلك استطاعت أن تجنب البلاد أزمات اقتصادية وفتن كقطع الليل المظلم قال تعالى (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون).
وقد تميزت المملكة بنموها السريع في العديد من المجالات مما شجع رؤوس الأموال المحلية والخارجية على الاستثمار والاستفادة من الفرص والتسهيلات الكبيرة التي تمنحها الدولة مما ساعد في دفع عجلة التنمية.
لقد كانت انطلاقة هذه النهضة منذ اليوم الوطني السعودي الأول .. ولازال عطاء ذلك الغرس المبارك مستمراً، 87 عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة والتي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه تحقيق الإنجازات المتواصلة سياسياً واقتصادياً وتنموياً في مملكتنا الحبيبة لتُجسد مسيرة البناء والرخاء للدولة الفتية وتتواصل مسيرة التنمية والتطوير في أبهى صورها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (حفظهما الله).
فقد شهدت المملكة في العهد الزاهر مشاريع عملاقة في مختلف المجالات التعليمية والصحية والبلدية والعمرانية والطرق والمواصلات بالإضافة إلى المشاريع العملاقة التي شهدتها مكة المكرمة والمشاعر المقدسة والمدينة المنورة خدمة لضيوف الرحمن، إلى جانب الارتقاء بالمستوى المعيشي والتعليمي للمواطن السعودي وغير ذلك من مشروعات التطوير والتحديث التي جعلت المملكة في مصاف الدول المتقدمة.
إن الاحتفال باليوم الوطني يعمل على غرس حب الوطن لدى أبناء الشعب السعودي في تلمس المنجزات والقفزات التنموية والحضارية التي شهدتها المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات والتي تؤكد صلابة التأسيس وقوة البناء لهذه الدولة المباركة والتي بنيت على أسس وثيقة وقواعد متينة هما كتاب الله الكريم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فأثمرت أمناً ورخاء واستقراراً وطمأنينة.
إننا مطالبون اليوم بتجاوز الطابع الاحتفالي إلى ميدان عملي يعبر عن حبنا الحقيقي للوطن من خلال نوافذ أكثر وعياً وإشراقاً تكرّس للوعي بقيمة الوطن، نشحذ فيه الهمم لمواصلة البناء والتطور والتنمية الحضارية ونجسد فيه تلاحم المواطنين مع القيادة الحكيمة ووحدة البلاد، وزرع روح الولاء والانتماء لهذا الوطن.
حفظ الله لهذه البلاد المباركة قيادتها وأدام عزها ورخاءها وأمنها وأن تستمر مسيرة البناء والنماء والعطاء إنه سميع مجيب الدعاء.
*رئيس مجلس إدارة جمعية خيركم
لتحفيظ القرآن الكريم بمحافظة جدة