متابعات

الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي مشروع سعودي طموح

جدة -عبدالله صقر
كثر الحديث عن مصطلح “الاعتماد الاكاديمي” وعلاقته بالجامعات والكليات وتطوير التعليم وتحقيق الجودة .. اضافة الى ان مفهوم الاعتماد يختلف من دولة لأخرى. فهل مفهوم الاعتماد الاكاديمي يقتصر على الاعتراف بالمؤسسة التعليمية ؟؟
تلخص جين هافتن(( Jeanne Houghton)) في مقالها:
الاعتماد الأكاديمي: من ، ماذا ،متى ، أين ، ولماذا؟ ماهية الاعتماد الأكاديمي وذلك بالإجابة مباشرة عن الأسئلة التي تنقل للباحث أهم ما يجب أن يعرفه عن الاعتماد الأكاديمي،
وقد قامت الكاتبة بالإجابة عن أهم تلك الأسئلة المتعلقة بالموضوع على النحو التالي:

ما الاعتماد؟ هو المكانة أو الصفة العلمية التي تحصل عليها المؤسسة التعليمية أو البرنامج الأكاديمي مقابل استيفاء معايير الجودة المعتمدة لدى مؤسسات التقويم التربوية.
لماذا؟ إن الهدف من إجراءات الاعتماد هو ضمان مستوى من الجودة في البرامج التعليمية التي تقدمها مؤسسات التعليم المتنوعة لزبائنها كما أن من أهدافه أيضاً المساعدة في تحقيق التطور المستمر للبرامج التعليمية التي تقدمها مؤسسات التعليم العام تلبية لاحتياجات المستفيدين المختلفة،وتجدر الإشارة إلى أن البرامج المعتمدة حالياً قد أخضعت خلال فترات زمنية طويلة،لإجراءات تقويمية صارمة وبذلك استوفت بجدارة الشروط اللازمة التي تقتضيها معايير الاعتماد القوية،وأصبح خريجوها مؤهلين تأهيلاً أولياً للدخول ي المهنة.
ما المعايير؟ هي النصوص المعبرة عن المستوى النوعي الذي يجب أن يكون ماثلاً بوضوح في جميع الجوانب الأساسية المكونة لأي برنامج تعليمي، وهذه الجوانب تشمل
الفلسفة التي ينطلق منها البرنامج، والإدارة، والهيئة التعليمية والطلاب، والمصادر التعليمية، الكفايات المهنية التي تنص عليها دساتير الاعتماد التحكمية.
كيف يتم اعتماد البرامج؟ يتم اعتماد البرامج بشكل عام إذا استوفت هذه البرامج شروطاً معينه هي بالتحديد:
أعداد تقرير مفصل يشتمل على نتائج دراسة ذاتية شاملة تقدمها المؤسسة عن البرامج المراد اعتمادها.
استضافة فريق تقويم فني ليقوم بزيارة المؤسسة التعليمية المراد اعتماد برامجها من أجل الإطلاع على نشأتها وأنشطتها التعليمية.
استلام التقرير المكتوب المشتمل على النتائج التي توصل إليها فريق التقويم والإجابة عن البنود التي يتضمنها التقرير.
المثول أمام مجلس الاعتماد في الجلسة المخصصة للنطق النهائي بالقرار المتعلق بمنح الاعتماد أو عدم منحه.
وهذه الإجراءات تتكرر كل خمس سنوات كما يتم تزويد مجلس الاعتماد بالتقارير التي تستجد في حينها لإطلاعه على كافة التطورات،ومن ذلك تحديد التواريخ المتعلقة بإجراء المراجعات السابقة واللاحقة.
مفهوم الاعتماد الأكاديمي:
يعتبر الاعتماد وسيلة من وسائل ضمان الجودة التي تتعدى حدود المألوف في حين أن ضمان الجودة كعملية تقييم تتخطى تحقيق الجودة وتمثل نوعا من التقييم المؤسسي الشامل والموجه , وقد ينظر إلى الاعتماد على أنه نوع من المراجعة الشاملة والتقييم المستمر للبرامج الدراسية (اعتماد البرامج) , أو المؤسسة مثل(الاعتماد المؤسسي).
وفي كلتا الحالتين يؤدي الاعتماد إلى الإجابة بنعم أو لا حول مدى الأحقية في عملية الترخيص .
بالإضافة لذلك يعد الاعتماد أداة وعملية تهدف إلى تقييم البرنامج أو المؤسسة في ضوء قدراتها على تقبل وتدعيم معايير الجودة, في حين أن التقييم يعد أداة لعملية المتابعة على الرغم من أن التمييز بينهما يصبح أقل وضوحاً عندما نراعي إعادة اعتماد البرامج الموجودة, وبصفة أساسية فإن الجوانب المناسبة لتقييم الجودة تعد متشابهة إلى حد كبير مع ما تم تحديده من قبل في ضوء ارتباطها بالتقييم كأسلوب لضمان الجودة, وعلى الرغم من ذلك فيوجد اختلاف واضح بين قياس الجودة ومعاييرها المحددة سلفاً ويمثل التقييم أداة تهدف إلى تحقيق عمليات التحسين المستمرة,ولذا فإنها قد تتطرق إلى عملية الاستحسان في ضوء معايير الجودة. ولا يزال مفهوم الاعتماد يختلف من دولة لأخرى,حيث يتم استخدامه بطرق وسياقات غير واضحة , وحيث يمكن تعريف الاعتماد بأنه بيان رسمي منشور يتضمن بعض معايير الجودة الخاصة بالمؤسسة أو البرامج التعليمية بها, ويتبع عملية التقييم التي تستند على بعض المعايير المتفق عليها.
وقد استخدمت وكالات الاعتماد في أمريكا تعريفين للاعتماد:
أولها:”الاعتماد هو عملية الاعتراف بالمؤسسة التعليمية أو برامج الأداء والتكامل والجودة التي تولد الثقة لدى المجتمع التعليمي وكافة الناس”.
ثانيها:الاعتماد هو عملية تقييم البرامج التعليمية بهدف تحقيق مستوى عال من الأداء في ظل معايير الجودة التي وضعتها بعض الهيئات الخارجية (مثل الحكومة ومجالس ولجان الاعتماد,والوزارة).
ويعد الاعتماد في بعض الدول الأوروبية فرصة لتقوية وتدعيم صورتها عن طريق تحقيق الجودة , ولذلك فإنه أيضا فرصة لتحسين موقفها في سوق العمل على المستوى العالمي , حيث تصبح القيمة المضافة لعملية الاعتماد للمؤسسات على مستوى العالم , وقد يكون الهدف الرئيسي هو حماية الطالب والعملاء, والمساهمة في عملية المحاسبية التعليمية , وتوفير الدعم والمساندة , والاعتراف بجودة المقررات الدراسية.ويشير الاعتماد إلى العملية التي تستطيع المؤسسة,والبرنامج والوحدات التخصصية للتعليم تقييم خدماتها التعليمية,وتحقيق تقييم عادل بواسطة الخبراء , وتحقيق أهدافها في ضوء معايير وكالة ومؤسسة الاعتماد.
وتعرف الموسوعة الدولية للتعليم العالي الاعتماد بأنه :
الاعتراف العلني لمدرسة ما أو معهد أو كلية أو جامعة أو برنامج دراسي متخصص تتوافر فيه مؤهلات ومعايير تعليمية معينة معترف بها رسمياً, ويتضمن الاعتراف تقييما علميا مقبول الجودة لمؤسسات التعليم أو البرامج بهدف التطوير والتشجيع نحو الأفضل لهذه البرامج باستمرار. ويعد ذلك ضروريا لسببين هما:أن تتحمل المؤسسات الأكاديمية المسئولية أمام بعضها لتحقيق أهداف واضحة ومحددة من خلال برامج تعليمية مناسبة والتأكد من مدى التزام هذه المؤسسات ببرامج ذات معايير محددة ومقبولة سلفاً.
الفرق بين الاعتماد والتأهيل والترخيص والاعتراف:
يوجد فرق بين الاعتماد وبعض المصطلحات الأخرى مثل التأهيل, والترخيص والإجازة, وفيما يلي نوضح هذا الفرق.
1- الاعتماد:
هو عملية التقييم التي تحدد جودة المؤسسة أو البرنامج للمعايير السابق استخدامها
وينفذ الاعتماد بشكل عادي كأساس مرجعي واضح لتأهيل المؤسسات غير الحكومية فهو في جوهره نشاط أكاديمي يدار بواسطة المؤسسات التي تنظم بشكل اختياري تطوعي وهي تعد معايير الاعتماد للمؤسسات التعليمية,ومن ثم تطبيقها عند تقييم هذه المؤسسات الساعية للاعتماد.
كما أن الاعتماد يشير إلى العملية المنظمة التي تستخدم من أجل معرفة إلى أي مدى حققت المؤسسة الأهداف التعليمية المتفق عليها,ومعنى ذلك أنه يؤكد على النتائج النهائية التي تتجسد لدى الطلاب,وبناء على ذلك فإن عملية الاعتماد تتضمن مرحلتين متتابعتين تكملان بعضهما, وهما:
– المرحلة الأولى:وهي الاعتماد العام الذي يعني قدرة المؤسسة على تحقيق الهدف العام من وجودها.
المرحلة الثانية:وهي الاعتماد الخاص الذي يعني قدرة المؤسسة على تنفيذ كل برنامج من برامجها.
الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي:
تم إنشاء الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي بناءً على الموافقة السامية الكريمة رقم 7/ب/6024 بتاريخ 9 /2 /1424هـ على قرار مجلس التعليم العالي رقم 3 /28 /1424هـ في جلسته الثامنة والعشرين المنعقدة بتاريخ 15 /1 /1424هـ .
وهذه الهيئة أنشئت تحت إشراف مجلس التعليم العالي ، ويكون لها مجلس إدارة ويكون مقرها مدينة الرياض ويجوز أن تنشئ الهيئة فروعًا لها داخل المملكة إذا اقتضت الضرورة ذلك بقرار من مجلس إدارة الهيئة .
والهدف من إنشائها أن تكون الهيئة إحدى الهيئات الرائدة والمتميزة محلياً وعالمياً في مجال التقويم والاعتماد الأكاديمي لمؤسسات التعليم العالي.
وأن تساهم الهيئة في ضبط جودة التعليم العالي لضمان كفاءة مخرجاته لمقابلة متطلبات سوق العمل.تتمتع هذه الهيئة بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي تحت إشراف مجلس التعليم العالي وهي السلطة المسئولة عن شؤون الاعتماد الأكاديمي في مؤسسات التعليم العالي فوق الثانوي عدا التعليم العسكري لإمكانية الارتقاء بجودة التعليم العالي الخاص والحكومي , وضمان الوضوح والشفافية , وتوفير معايير مقننة للأداء الأكاديمي .
وهي مسئولة عن وضع قواعد ومعايير وشروط التقويم والاعتماد الأكاديمي ، وصياغة الضوابط التي تكفل تطبيقها في المؤسسات الأكاديمية المختلفة بعد الثانوية العامة .
وضع القواعد والمعايير الإطارية المتعلقة بمزاولة العمل الأكاديمي ، مثل التدريس والتدريب ، وصياغة الضوابط التي تكفل تطبيقها في المؤسسات الأكاديمية المختلفة ، وإعداد اللوائح التي تنظيم الإشراف على هذه المهن في تلك المؤسسات .
أهداف هيئة الاعتماد الاكاديمي:
وهذه الهيئة هي السلطة المسئولة عن شؤون الاعتماد الأكاديمي في مؤسسات التعليم فوق الثانوي عدا التعليم العسكري ، وتهدف الهيئة إلى :
1- وضع قواعد ومعايير وشروط التقويم والاعتماد الأكاديمي، وصياغة الضوابط التي تكفل تطبيقها في المؤسسات الأكاديمية المختلفة بعد الثانوية العامة .
2- وضع القواعد والمعايير الإطارية المتعلقة بمزاولة العمل الأكاديمي ، مثل التدريس والتدريب، وصياغة الضوابط التي تكفل تطبيقها في المؤسسات الأكاديمية المختلفة ، وإعداد اللوائح التي تنظم الإشراف على هذه المهن في تلك المؤسسات .
3- الاعتماد العام للمؤسسات الجامعية الجديدة أو ما يعادلها مثل الكليات والمعاهد , واعتماد أقسامها وتخصصاتها وخططها الأكاديمية .
4- المراجعة والتقويم الدوري للأداء الأكاديمي للمؤسسات الجامعية القائمة أو ما يعادلها ، واعتماد أقسامها وخططها الدراسية أكاديميا مثل الكليات والمعاهد وتقويمها بشكل دوري .
5- التنسيق حيال اعتماد برامج وأقسام مؤسسات التعليم العالي في المملكة أكاديميا من جهات الاعتماد العالمية .
6- تقويم واعتماد برامج البكالوريوس ، والدبلوم العالي بعد البكالوريوس والماجستير ، والدكتوراه أو ما يعادلها ، والمراجعة الدورية لمتطلباتها .
7- تقويم واعتماد البرامج التخصصية الأكاديمية ، بعد الثانوية العامة ، مثل برامج الكليات المتوسطة والدبلومات العلمية سواء الحكومية والأهلية .
8- تقويم واعتماد البرامج ذات الصبغة التدريبية والتعليمية في المؤسسات التعليمية الحكومية والأهلية .
9- المشاركة في اقتراح الخطط العامة لإعداد وتطوير الأداء الأكاديمي في المجالات المختلفة , وللهيئة تشكيل لجان أكاديمية دائمة ولجان أخرى مساندة دائمة أو مؤقتة ويكون أعضاء هذه اللجان من بين أعضائها أو من غيرهم .
10- نشر المعلومات والبيانات الخاصة بالاعتماد لأغراض التوعية والإعلام والبحث العلمي وإتاحتها للجهات والأفراد الراغبين للإطلاع عليها .
النشاطات الإضافية للهيئة :
تقوم الهيئة بالإضافة إلى أهدافها الرئيسة بعدة نشاطات ، منها ما يلي:
1- دعم إجراء البحوث والدراسات العلمية في مجالات اختصاصات الهيئة .
2- إصدار المجلات والدوريات العلمية والنشرات في مجال اهتمامها .
3- القيام بالدراسات وتقديم الاستشارات للمؤسسات الجامعية والمهنية المختلفة بما يكفل رفع مستوى الأداء الأكاديمي والمهني في هذه المؤسسات .
4- تبادل الإنتاج العلمي بين الهيئة والمؤسسات أو الهيئات الاعتمادية داخل المملكة وخارجها .
5- الاستفادة من خبرات هيئات ومؤسسات التقويم والاعتماد المماثلة في الخارج .
6- إجراء الدراسات وعمل الإحصاءات المتعلقة بجودة مخرجات التعليم العالي ونشرها
7- عقد الندوات والمؤتمرات والمعارض الأكاديمية والمهنية المحلية والعالمية والاشتراك فيها ، ومناقشة المشكلات ذات العلاقة، واقتراح الحلول ومتابعة تنفيذ التوصيات والقرارات الصادرة بشأنها .
مما سبق عرضه يتضح أن الاعتماد الأكاديمي بشقيه ( المؤسسي , والتخصصي) لم يكن مفهوما جديدا, بل الجديد هو اتجاه مؤسسات التعليم العالي في البلاد العربية في العمل على حصولها عليه , حيث لم يظهر الاهتمام بذلك إلا قريبا.
وكانت البدايات وعلى مستوى جماعي منظم , ما قامت به المنظمة العربية للتنمية الإدارية من عقد مؤتمرها الأول في هذا الشأن في عام 2006م , وكذلك صدور اللوائح والتشريعات بشأن مراقبة أداء الجامعات ولجان وهيئات التقويم والاعتماد الأكاديمي في أغلب البلدان العربية .
هذا وقد تمكنت بعض الكليات والجامعات الخليجية من الحصول على الاعتماد الأكاديمي في تخصصات هندسية لا تقل عن أربعة تخصصات , وتتجه في العمل على استكمال حصولها عليه في بقية التخصصات العلمية الأخرى , وكذلك في تخصص إدارة الأعمال , وهذه بوادر ممتازة لكي تشتمل على كل التخصصات .
وفي هذا الصدد لا يمكن تجاهل أن مفهوم الاعتماد يتداخل مع مفاهيم ومصطلحات أخرى كمفهوم ضمان الجودة , مراقبة الجودة والتقويم المؤسسي والمراجعة الأكاديمية والمسائلة والمحاسبية والتقويم الخارجي , والتي تهدف في مجملها إلى تطوير المؤسسة التربوية ونظام التعليم .
وأما ما تحتاجه الجامعات السعودية في هذا اليوم هو بذل قصارى الجهود من كافة المسئولين فيها على كافة المستويات وحث الأقسام الأكاديمية بالعمل الجاد في سبيل حصولها على الاعتماد في برامجها , ولا سيما أن هناك هيئة رسمية حكومية صدرت من أعلى سلطة في الدولة تدفع بهذا الاتجاه .
في هذا اليوم لا بد أن يرتكز التعليم العالي في المملكة على الجودة ويسعى إلى الاستقلالية والبحث عن معايير عالمية تستخدم في الجامعات الغربية العريقة , والتي لها باع طويل في ذلك.
فترسيخ مفهوم التقويم والاعتماد الأكاديمي في المؤسسات التربوية يؤدي إلى الحصول على تعليم متقدم و مستقل وحر, و كذلك وجود مناخ تتنافس فيه الجامعات السعودية بغية رقيها وتقدمها على أسس الجودة , وبالتالي تكون الجامعة مؤسسة علمية مستقلة بذاتها , ووسط جو يعول على المشاركة الأكاديمية بمفهومها الواسع , وفي ظل إدارة تؤمن بذلك , وهذا يؤكد على أن معايير الاعتماد الأكاديمي ضرورة وليست ترفا من أجل تطوير التعليم العالي ليكون في مصاف الدول الرائدة .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *