شعر: عطاالله ممدوح
رؤية: محمد مهاوش الظفيري
عند قراءتنا لأي نص شعري, إما أن نكون سطحيين في تناولنا للقراءة , وذلك من خلال عكس ما به من مهارات بلاغية , أو منغمسين للنخاع فيه لكشف ما به من جمال فني ورؤى شعرية ملفتة للإعجاب , وما يحتويه من إشارات ودلالات تكشف ما به من تذوق أدبي رفيع الدرجة.
هذا النص الشعري للشاعر عطاالله ممدوح من الصعب المرور عليه بصمت , أو عبوره عبور الكرام . ومع أنه نص مليء بالشعر ومفعم بالشاعرية , لكنني سأقف عند جزئية معينة لفتت انتباهي.
الذي اشعل الدفقة الشعرية والشعورية داحل النص من الوهلة الأولى هو حرف الجر”من”الذي جاء في بداية الجملة الشعرية,مما فرض حالة من الهيمنة الشعرية ليس على مستوى الجملة داخل الشطر الشعري,بل في عموم القصيدة, وكأنه يطل في كل آونة من جديد ليعلن حضوره مرة أخرى في كل مرة.
هذا الوضع جعل الشاعر ومن خلال نقطة اللاوعي الشعرية في تجويف كيانه يستجلب هذا التوظيف,وهو الجار والمجرور في أغلب أبيات القصيدة “من عتمة الليل – من لذّة مباته – من بحور- من كثر- من فتاته “,ناهيك عن أحرف الجر الأخرى,مثل”مع أربع جهاته – في داخلي – عن بناته – في لهاته – بإستماته – في داخله طفل”.
من خلال هذا العرض الوجيز والمختصر جدا , فإنني لن أبالغ أن أصف هذه القصيدة بأنها قصيدة “حروف الجر”بامتياز.
خسرته نعم.. عزّت عليّ نفسي وقفيّت
هدم صبري التهميش و(الصد والجفوة)
من عتمة الليل حتى مولد النور
والجفن محروم من لذّة مباته
أطلع من بحور وأغرق داخل بحور
و آهيم بالكون مع أربع جهاته
أقول معذور لو ماني بمعذور
والشعر في داخلي يورق نباته
لوكنت راهي قصيد ومرهف شعور
آحاول آرد فكري عن بناته
ماودي أكتب مادام الحال مستور
حتى لو الضيق لحفني عباته
أخاف لاينكشف ماكان مقبور
وأصير نيشان لعيون الشماته
لكنّي أحيان يوم أكـتبه مجبور
آخاف يعلق لساني في لهاته
من كثر مايزدحم فالصدر ويفور
هذا أنا أجمع بقايا من فتاته
تشوفه الناس مثل الدر منثور
ويشوفه الشاعر إنّه نزف ذاته
على ضفاف الأمل وأحلامي بذور
أسقيتها ” دم روحي” بإستماته
حتى أورقت داخلي وأمدّت جدور
تستجدي الغيم وتناجي فراته
الله يسامحك ياحلم له شهور
أحياه ما بين وقفه وإلتفاته
مشكلتي إني ماحب آلف وآدور
إنسان : متفاءل وعايش حياته
في داخله طفل رغم(الهجروالجور)
يكبر .. وتكبر عزومه و أمنياته