دولية

الروهينجا.. من نيران العنف إلى معاناة الفرار

جدة ــ البلاد

شريط حدودي طويل بين ميانمار وبنجلاديش يكتظ بعشرات الآلاف من الفارين من الموت ونيران العنف والاضطهاد الذي استهدف إقليم راخين شمال غرب ميانمار. ويعد هذا المشهد هو أكبر دليل على استمرار معاناة لاجئي الروهينجا منذ نحو شهرين جراء عمليات التعذيب والعنف التي يتعرضون لها على يد جيش ميانمار.

ومنذ اندلاع حالة العنف والاضطهاد الأخيرة في ولاية راخين في الـ25 من أغسطس الماضي، يعيش مسلمو الروهينجا في معاناة مستمرة، حيث تكدس نحو 430 ألف لاجئ فاراً من ميانمار إلى بنجلاديش المجاورة على الحدود المشتركة بينهما خلال الـ3 أسابيع الماضية، نظراً لاستمرار العنف والتعذيب وعمليات الحرق المستهدفة منازل الأقلية المسلمة في ميانمار.

كارثة إنسانية
ورغم النداءات الدولية المطالبة بإيقاف العنف الممارس ضد الإقليم المسلم، تتواصل حركة النزوح والفرار من الإقليم، ما يؤكد تمادي حكومة ميانمار في أعمال العنف، حيث أشار تقرير منظمة العفو الدولية، إلى تورط قوات الأمن في بورما بقتل مئات الرجال والنساء والأطفال في حملة جديدة ممنهجة لطرد جميع المسلمين من راخين لخارج البلاد.

وبناءً على شهادات مختلفة من الفارين من الروهينجا، أوضح البعض أن عمليات القتل المباشرة وحرق المنازل واستهداف الأطفال وكبار السن وإضرام النيران في المباني السكنية وإصابة العشرات من ذوي الاحتياجات والمرضى، كانت أسباباً واضحة للفرار والانتظار على الحدود.

ولكن حال الناجين من الموت الذين تمكنوا من الهروب للمخيمات في بنجلاديش لم يختلف كثيراً عن حال العالقين على الشريط الحدودي بين ميانمار وبنجلاديش، وفي المشهدين تتشابه الأوضاع الإنسانية لتكدس عشرات الآلاف في مخيمات سيئة التجهيز وعلى الحدود، بالإضافة لندرة المواد الغذائية والأدوية الطبية لتدفق أعداد هائلة من اللاجئين خلال الأيام الماضية.

ويتفاقم الوضع على الحدود بين البلدين، نظراً لفرض بنجلاديش قيوداً على عمل منظمات الإغاثة العاملة في مخيمات اللاجئين في الشهرين الماضيين، ولكن ومع ظهور التقارير الأممية الأخيرة بشأن وضع لاجئي الروهينجا بدأت السلطات ببنجلاديش في فتح الحدود مع ميانمار، وإزالة العقبات والقيود على عمل وكالات الإغاثة، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية بشكل أسرع للمخيمات

وتضاعفت أعداد الفارين من الروهينجا على مدار الشهرين الماضيين، حيث بلغت نصف مليون شخص، وتدهورت الأحوال الإنسانية لمسلمي بورما من سيئ لأسوأ، حيث لقي عشرات الفارين من راخين حتفهم غرقاً للتكدس في قوارب خشبية صغيرة أثناء رحلة الفرار من الموت.

ولم يدر بخلد العائلات المسلمة النازحة من اضطهاد حكومة وجيش ميانمار حجم المأساة والمعاناة التي يتعرضون لها أثناء رحلة النزوح وتكدسهم على الحدود، بالإضافة للقيود المفروضة في رحلة الوصول للمخيمات.

وفى السياق دعا أعضاء مجلس النواب وهم من الجمهوريين والديمقراطيين في خطاب لوزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى “خطوات ذات معنى” ضد جيش ميانمار وآخرين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان في إطار هجوم أدى لفرار ما يربو على 500 ألف من مسلمي الروهينجا إلى خارج ميانمار.

وجاء في الخطاب أن “سلطات بورما تبدو في حالة إنكار لما حدث.. ندعوكم لفعل كل ما هو ممكن لتوفير الحماية والأمن للمحاصرين داخل بورما أو الراغبين في العودة وكذلك معارضة الإعادات القسرية من الدول المجاورة”.. وكان تيلرسون قال إن الولايات المتحدة تشعر “بقلق شديد” بسبب ما يحدث لأقلية الروهينجا في ميانمار وتحمل قادة جيش ميانمار المسؤولية.

على جانب آخر اعتبر مسؤولان كبيران في الأمم المتحدة أن الحكومة في ميانمار لم تحم الروهينجا من التعرض لفظائع وفشلت في الوفاء بالتزام منصوص عليه في القانون الدولي، مطالبين بالتحقيق في جرائم إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية يعتقد أن الأقلية المسلمة تعرضت لها.

وقال المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة والمعني بمنع الإبادة الجماعية أداما دييج ومساعد الأمين العام لحقوق الإنسان إيفان سيمونوفيتش في بيان مشترك: “إنه على الرغم من التحذيرات التي وجهناها نحن ووجهها مسؤولون عديدون آخرون فإن الحكومة في ميانمار فشلت في الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وفي تحمّل مسؤوليتها الأولى في حماية السكان الروهينجا من الفظائع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *