الدوسري: مناهجنا لا غبار عليها، لكن يجب تأهيل ومتابعة المعلم
المسفر: استشعار الوطنية وبناء المواطن الصالح لخدمة الدين والوطن
الصائغ: المنهج الخفي أخطر من المنهج الحقيقي ودور المدرسة محوري
شلبي: على الوزارة إصلاح المعلمين لأن فاقد الشيء لا يعطيه
جدة – بخيت آل طالع الزهراني
للمدرسة دور فاعل في تحصين الناشئة ضد الفكر المتطرف، وتكمن أهمية المدرسة في الدور الخطير والمهم معاً، الذي تلعبه في المجتمع، كونها – في الأساس – مكان التربية قبل التعليم، ومحط تعليم وبناء السلوك القويم، الذي يبدأ بتعليم تعاليم الإسلام الصحيحة الصافية، بعيداً عن التأويلات والتفسيرات الخاطئة، وطبقاً لما عليه العارفون فإن المدرسة هي مكان التحصين الفكري الصحيح للجيل، ومحط بناء الإنسان البناء الواعي بواجباته المؤدي لحقوقه تجاه ربه ووطنه. و”البلاد” تطرح هذه القضية.. قضية التحصين الفكري للجيل المدرسي والجامعي، انطلاقاً من سببين، الأول ما مرت به بلادنا من بعض الأعمال الإرهابية، والثاني قرب بدء العودة للمدارس، وسألنا عدد من المهتمين وأولياء الأمور حول دور المدرسة والمعلم خصوصاً، وكذلك دور فعاليات المجتمع الأخرى في التعاضد معاً ، وبناء استراتيجية موحدة وفق أسس صحيحة، لمحاربة التطرف، وتحصين الناشئة، فكان هذا التحقيق الصحفي..
بداية يقول المستشار والباحث الاجتماعي الأستاذ سلمان بن محمد العمري: يجب توجيه بوصلة محاربة الإرهاب إلى أهم وسائل انتشاره، وهي الوسائل الإلكترونية، معتبراً أن كثرة من يتصدون للإرهاب لم يسمعوا بها، ناهيك عن استخدامها، موضحاً أن محاربة التنظيمات المتطرفة في ساحة الإعلام لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية.
وشدد المستشار العمري على ضرورة مراجعة البرامج التربوية والتعليمية والخطاب الديني، بما يحقق المنهج الوسطي، والاعتدال، وحل النزاعات في المجتمعات الإسلامية، ومنه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه سلف الأمة الصالح.
وسائل التواصل
يقول الأستاذ ( بخيت العدواني الزهراني ) : جميل طرح مثل هذه القضية المهمة , والاجمل من ذلك الفكرة وتحديد المكان والزمان لها .. ونعم – اخي – المدرسة مقصد من مقاصد توجيه الفكر وتهذيب السلوك وتوجيه الافراد .. ودورها لا يستهان به , رغم تحجيم دورها في السنوات الاخيرة , في زمن الانفتاح المعلوماتي والمعرفي , وتعدد وسائل التواصل الاعلام , الذي يغص بالحسن والرديء .
ولكن لابد من التركيز على الطرق التي تلاقي شغفا وحبا وتقبلا لدى الشباب , من وسائل الاعلام والتواصل والنوادي , فهي في رأيي أجدر الآن بتوصيل الرسالة , وتنمية الفكر وتوجيهه , والتي بكل اسف تعيش حياة فوضوية دون رقيب او حسيب , مقاطع تبث بالآلاف في كل ساعة , وقنوات تمرر من الهدم والانحلال عبر افلامها ونواديها ولقاءاتها .. فلا نقول الا كان الله في عون شبابنا ..
متابعة ومراقبة
أما الاستاذ ( مبارك الدوسري ) فيقول : موضوع مهم وتوقيت أكثر من رائع .. وباختصار … فمناهجنا لا غبار عليها , وهي من صنعت الرجال والنساء الذين يقودون البلاد اليوم ؛ يبقى القائم على تقديم هذا المنهج للنشء يحتاج الى متابعة ومراقبة , غير تلك التي يهتم بها مدير المدرسة , او المشرف من حسن اداء العمل او ما تم تقديمه من المنهج او مستوى الطلاب.
الأهم ماذا يقدم بين السطور خلال الفسح وجماعات التوعية والمناشط , التي يدعون لها في خارج وقت الدوام , وعمل صحبة بين بعض المعلمين والطلاب , فتحدث اجتماعات في استراحات وسفر على اساس انها للتسلية وقضاء وقت فيما يعود على الطالب بالنفع , وهذا امر غير صحيح , فالمدارس واندية الحي وبيوت الشباب … الخ مفتوحة ابوابها لذلك الأمر .
استشعار الخطر
ويقول الكابتن الاستاذ (سعد الشهري ) : سؤالك اخي الاستاذ بخيت سؤال مهم جداً، وقناعتي انه من اجل الإجابة عنه , لا بد ان نسأل أنفسنا عدة أسئلة مهمة .. وبناء على اجابات الأسئلة تبنى الاستراتيجية . السؤال الاول : هل نعتقد ان مدارسنا بصفتها الحالية ( نظامنا التعليمي بجميع مقوماته) كانت عاملاً إيجابياً في تحصين ابنائنا من خطر التطرّف فيما مضى؟ ام ان هناك جوانب سلبية اثبتت الاحداث خللها؟ السؤال الثاني : اذا اتفقنا ان نظامنا التعليمي جيد و محصن لشبابنا من خطر التطرّف ، فأين تقع الثغرات التي تسلل منها هذا السرطان الخطير ، أهي الاسرة ام دور العبادة ، ام المجتمع ام الاعلام ام وسائل التواصل ام غير ذلك.
السؤال الثالث : لو اتفقنا ان هناك ثغرات في نظامنا التعليمي قد تسمح بزرع الفكر المنحرف في عقول الشباب ( حتى و لو من قبل مجموعات قليلة غير منظمة ممن لديهم ارتباطات مشبوهة من رجال التعليم والقائمين عليه من معتنقي الأفكار الهدامة ) فما هي الوسيلة الافضل لضبط ذلك الخلل ؟ .. واجتثاث هذا الطابور الخامس من النظام التعليمي ؟ .. او على الأقل وضع الرقابة التي تؤدي الى تحجيم ضرره .
بعد اجابة ما سبق , لا بد من معرفة إن كنّا كمجتمع متكامل نستطيع ان نتفق على معايير محددة لبرامجنا التعليمية , و دروسنا الدينية وتوجهنا الإعلامي , وممارساتنا الاجتماعية وقناعاتنا الفكرية , بما يضع الوطن وأمنه ومستقبل أجياله فوق كل اعتبار، ام ان كل منا يمارس تصرفاته بحسب اجتهاده , وبحسب قناعاته ومصادر فتاواه , ويضع تلك القناعات قبل الوطن وأمنه ولحمته الوطنية ووحدة أراضيه ، ومثل هذا التحديد قد يكون اهم ما يجب البدء به , والتعامل معه لتضييق الفجوة بين ابناء المجتمع.
قناعتي ان المدرسة وحدها لن تستطيع تحصين الناشئة ، ولكننا كأمة بحاجة الى استراتيجية متكاملة , قوامها المسجد والمدرسة والإعلام والاسرة , والمؤسسات الثقافية والرياضية المجتمعية , حكومية كانت او أهلية ، وقادة الفكر والنخب .. وأول أساسياتها ان نستشعر الخطر المحدق بِنَا كأمة , وان نتناسى خلافاتنا وانتماءاتنا واجتهاداتنا الشخصية , وان نعمل من خلالها جميعنا تحت عنوان واحد , هو التمسك بوسطية الاسلام , والالتزام بتوجهات القيادة السياسية والدينية , من اجل الحفاظ على عقيدتنا ولحمتنا الوطنية , وأمن وطننا ومستقبل اجيالنا , بدون مزايدات ولا إقصاء او تخوين , وبدون ان يستقوي تيار منا على اخر، هذا اذا أردنا ان نحمي وطننا وأمننا. ومع الاسف الذي أراه الى هذه الساعة هو ان الإحساس بالخطر شبه معدوم , والتنسيق بين المؤسسات المعنية والتيارات المختلفة شبه معدوم , بل ان التناقض هو السائد , وكل يصر على ان يحتكر الحكمة والصواب ، والتغلب على تلك المعضلة ( في اعتقادي) هو التحدي الأكبر الذي يتوجب على مجتمعنا مواجهته , والتنبه له وتحييده .
الفكر المتطرف
ويقول الاستاذ (صالح المسفر) : إن الفكر المتطرف اصبح سرطانا ينهش في جسد المجتمع , ولن يتم استئصاله الا بتطوير مناهج التعليم , وابعاد من يحرض على الغلو والتشدد عن المشهد . والواقع ان ما طرحتموه على هيئة سؤال كان في الواقع , سؤالا كبيرا , ربما تكون الإجابة عليه محيرة ..
ولكن الثقة بالله كبيرة , ويظل المطلوب هو المزيد من الاخلاص والتفاتي في اداء الواجب , والشعور بالوطنية , والانتماء للوطن الحبيب , وبأذن لله سوف نصل الى الهدف , وتظل المدرسة حقيقة من المحاضن المهمة جدا في مجتمعنا , والتي يجب ان تعزز الوطنية وتزيد اللحمة ترابطا , وتصنع التكاتف , وتحارب التطرف والغلو.
دور المعلم
ويقول الأستاذ عبدالله الصائغ معلم متقاعد: المدرسة ركن مهم من أركان المجتمع، وعليها واجبات كثيرة تجاه أبنائنا وبناتنا، ومهمتها ليست تعليمية بالدرجة الأولى وإنما هي تربوية سلوكية، ولذلك ومتى تم معرفة هذا الدور المنوط بالمدرسة، فإننا نكون بذلك قد اقتربنا من محاصرة هذه القضية، قضية الأمن الفكري في مدارسنا.
وأظن أن الدور المهم يقع على المعلم، فهو كما يقول مثلنا العربي مربط الفرس، لأنه هو الذي يحرك مجداف المركب في بحر المسيرة المدرسية لكل طالب، ومن خلاله – اي المعلم – يمكن للمركب ان يصل إلى شاطئ الأمان، وأيضاً يمكن له أن يغرق في عرض البحر.
إن المعلم في واقع الأمر هو الذي يصوغ فكر ابنائنا الطلاب ، ويوجههم إلى الوجهة التي يخطط لها غالبا، فالطالب كما يتفق التربويون هو صفحة بيضاء نقية، يتسلمها من الأسرة تحت مبدأ الثقة منهم بالمعلم والمدرسة، ثم هو بعد ذلك عليه أن يراقب الله تعالى في تلك الأمانة، بحيث أنه لا رقيب عليه أكثر ولا أقرب من الله تعالى.
ولذلك فإنني أهيب بضمائر كل معلمينا (وأيضاً ملعماتنا) أن يؤدي الأمانة على وجهها الصحيح، فلا يتكلم الاّ بالحق، ولا يوجه إلاَّ بالصواب، ولا يرشد إلاّ بكل ما فيه خير للدين والوطن والمجتمع.
وصحيح أن مناهجنا تحتاج في بعضها إلى مراجعة وتدقيق وحذف واضافات بما يناسب المرحلة، ويتفق مع أهداف ومصلحة بلادنا العامة، لكن الصحيح أيضاً أن المعلم هو أهم من المنهج، ولذلك أتمنى من مقام الوزارة وعبر إدارات التعليم في المناطق والمحافظات أن يخضع المعلمون كلهم، لم لا .. إلى دورات وتأهيل ليس لهذا الغرض فقط (وهو غرض وهدف مهم دون شك) ولكن حتى من اجل ت طوير كفاءاتهم التدريسية.
أقول ذلك من منطلق معرفتي بأن الكثير من المعلمين لا يخضعون إلى دورات تأهيلية بين فترة وأخرى، وهذا خلل يجب الانتباه له ومراعاته، فالمعلم موظف كسائر الموظفين بالجهاز الحكومي، بل لعله من أهمهم، وأولئك يخضعون إلى دورات تأهيلية بعضها لشهور أو سنوات، فلم لا يكون المعلم كذلك، فهو من باب أولى.
ثم إننا الآن في حال وظرف مختلف، فبلادنا تعرضت لموجة من الإرهاب البغيض وعدد من أبنائنا كانوا وقوداً للجماعات المتشددة، فتحولوا مع الأسف إلى ضحية نتيجة شحنهم وجهلهم وصغر سنهم، ولذلك كانت ولا زالت الدعوات تتوالى داعية المدارس إلى استشعار مسؤولياتها في هذا الصدد، والعمل على تحصين الطلاب والطالبات ضد الفكر المتطرف والفتاوى المهلكة التي أوصلت بعض ابنائنا إلى جتفهم نتيجة انخراطهم في جماعات متشددة لا تتقي الله.
لذلك أتمنى من المدرسة وأحملها مسؤولية أن تقوم بدورها كاملاً والمعلم أول من أعنيه هنا..
تحصين طلابنا
وقال الأستاذ إبراهيم مصطفى شلبي، كاتب اجتماعي: إن من المهم أن تقوم المدرسة بدورها في تحصين طلابنا ضد الفكر المتطرف وأن تعمل جاهدة على غرس مبادئ الاسلام الصحيح في نفوس النشء، الاسلام الوسطي الذي جاء به سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعيداً عن الاجتهادات غير الموفقة، وبعيداً عن التفسيرات غير الصحيحة لمبادئ الاسلام العظيم وبعض محاوره، والتي مع الأسف أسيئ فهمها، وتم تلقينها من قبل بعض الأفراد الذين كانوا متحمسين حماساً خارج اطار الوعي الصحيح.
ولذلك فإن المدرسة مدعوة إلى أن تكون كما هو أملنا فيها المحصن الآمن والأمين لأبنائنا، وأن تعمل جاهدة على تحصين الطلاب والطالبات ضد الفكر المتشدد المتطرف، الذي هو في الواقع مهلكة، وهو بؤرة سرطانية يمكن لها أن تهلك الحرث والنسل، ومتى استشعرت المدرسة دورها الحيوي المهم في المجتمع، وقامت بغرس القيم ومن أولها حب الله ورسوله وحب الوطن وولاة الأمر، وحب الجماعة والوحدة والتكاتف فإننا سنحصل على جيل محصن ضد التطرف.
وأضاف الاستاذ شلبي قائلاً: على وزارة التعليم اصلاح المعلمين لأن تطوير ادائهم ومهاراتهم وتنقية فكرهم مهم جداً، حتى يكون أكثر تأهيلاً في الميدان، والمثل يقول فاقد الشيء لا يعطيه، كما انني أهيب بالمعلمين والمعلمات الابتعاد عن العنف والضرب والتقريع فإن ذلك يولد الكراهية لدى أبنائنا وقد يجعلهم أكثر عرضة واقرب للإنحراف إلى الجماعات المتشددة ونحوها.