تعد قضية انحراف الأحداث من المشكلات ذات الأبعاد النفسية والاجتماعية التي ترتبط بضعف التنشئة الاجتماعية وسوء التكيف الاجتماعي، وبرغم نطاقها المحدود في المجتمع السعودي, فالمشكلة تعد نتاج المتغيرات التي واكبت النمو الاقتصادي الهائل وما نتج عنه من نمو عمراني وحضاري كبير وتطور في الأنشطة التجارية والصناعية والزحف السكاني من البادية والريف إلى مراكز النمو الحضرية، مما خلّف ضعفاً في الرقابة الأسرية وزيادة وقت الفراغ لدى الأحداث وهو ما قد يؤدي ببعضهم إلى قضاء وقت فراغهم بسلوك منحرف.
واعتبرت المملكة الأحداث الجانحين مرضى يجب علاجهم لا مجرمين يتحتم عقابهم، لذا كانت رعاية الأحداث الجانحين أو المعرضين لذلك من أولويات الرعاية، فبدأت الرعاية المؤسسية الخاصة بهم عام 1374هـ فأنشئت بمدينة الرياض أول مؤسسة لرعاية وإصلاح الأحداث الجانحين والمعرضين لذلك منهم كخط دفاع اجتماعي أولي ضد انحراف الصغار والأحداث، وتحددت أهدافها آنذاك في (رعاية الأحداث الجانحين والذين يرتكبون من الجرائم ما يعاقب عليها الشرع والقانون، وكذلك الأحداث المارقين على سلطة آبائهم وأولياء أمورهم، وكذلك الأحداث المعرضين للانحراف لاضطراب وسطهم الأسري أو المدرسي).
وفي عام 1378هـ ألحقت هذه الدور بالرئاسة العامة لدور الأيتام، وبإنشاء وزارة العمل والشؤون الاجتماعية عام 1380هـ أُسندت مسؤولية هذه الدور لقسم الشؤون الاجتماعية بالوزارة، وتضافرت جهود وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية والهيئة القضائية فحظيت برامج رعاية الصغار والأحداث بالرعاية القضائية التربوية التوجيهية والتقويمية.
وحرصاً على سلامة الجانب النفسى , عُدّل اسم الدور التي ترعى الأحداث المنحرفين والمعرضين للانحراف من الجنسين إلى (دور الملاحظة الاجتماعية ودور التوجيه الاجتماعي إضافة إلى مؤسسات رعاية الفتيات) وذلك من خلال حركة التطوير التي قامت بها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عام 1382هـ .
كما أنشئت إدارة رعاية الأحداث لتشرف على تلك الدور ولتعمل من أجل تحقيق أسس التوجيه والإصلاح والتقويم والتأهيل الاجتماعي للأحداث المنحرفين (كجانب علاجي) والمعرضين للانحراف من الجنسين (كجانب وقائي) وفقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية السمحة والأساليب العلمية الحديثة.
فالمملكة تحرص على أبنائها حتى الذين ضلوا الطريق وترى أن إصلاحهم وتقويمهم والأخذ بأيديهم، وإرشادهم إلى الصراط القويم واجب وطني لا يمكن إغفاله.