جدة ــ البلاد
ارتباك وتخبط قطري مستمر وتناقض لم ينته منذ 5 يونيو الماضي، عندما قررت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب قطع علاقتها مع قطر.
ومع دخول الأزمة شهرها الخامس فقدت الدوحة توازنها نتيجة الضربات التي تلقتها خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
تهدد القبائل بالكيماوي:
أثارت تهديدات بسحق التجمعات القبلية القطرية المناهضة لتنظيم الحمدين، أطلقها أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر محمد صالح المسفر، موجة غضب واسعة سيما عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
وأظهر مقطع فيديو تداوله ناشطون الأكاديمي القطري محمد المسفر خلال لقاء على تلفزيون قطر الرسمي، يقلل من شأن القبائل، معتبرًا أن حرب داحس والغبراء قد انتهت، والتجمع القبلي لن يعمل شيئا، فلو تجمع 10 أو 20 أو 50 أو 200 ألف رجل، فإن قنبلة من الغازات السامة تسحق هذه القبائل كلها بأعدادها، وتنتهي منها، فلم يعد السيف ولم يعد الحصان ولم تعد البطولة الشخصية واردة كما كان في حرب البسوس.
وأضاف الأكاديمي القطري المعروف بآرائه المدافعة عن نظام الحكم بالدوحة: لهذا نقول إن عقلانية القبيلة ما زالت تفكر بطريقة القرون الوسطى بأن هذا الحشد الكبير سيعمل ، مضيفًا: لا، الدبابة والصواريخ بعيدة المدى والطائرات والأسلحة الكيميائية حلت الآن محل كل النزاعات، وأنا أعتقد في مثل هذه الحالة ستستخدم جميع الأسلحة الساحقة لو تم شيء من هذا القبيل.
وهو ما يعني تجسيد النظام القطري لمصادرة أهالي قطر ومحاربة القبائل التي يعد النظام نفسه جزءاً منها. ولكنه يريد ان يحاربها هو دون غيره من القبائل الأخرى.
وبذلك يعمل نظام الحمدين على تفريغ قطر من هويتها الوطنية. حيث تعمد التجنيس واحلال جماعات الاخوان من مصر وغيرها إضافة إلى مليشيات عزمي بشارة. هم الذين يأخذون أماكن من المواطنين الذين يقبع عدد كبير منهم في السجون.
وأطلق مغردون قطريون وخليجيون غاضبون هشتاغ #تميم_يهدد_شعب_قطر_بالاباده، وذلك رداً على تهديدات الأكاديمي القطري الناطق باسم تنظيم الحمدين، وشدد المغردون على الهاشتاغ الذي وجد تفاعلاً واسعاً، على أن التهديدات مقصودة في عينها بعد شعور تنظيم الحمدين بالتحرك ضده، واتساع دائرة الغضب في الشارع القطري على سياساته وتفضيله القطيعة مع أبناء العمومة والأهل والعشيرة على أن يقطع علاقته بالإرهاب وتنظيماته.
معتبرين التهديد صادراً عن الأمير تميم بن حمد، عبر أذرعه الإعلامية، بعد حشد وتجمع قبائل يام في الفترة الأخيرة الذي أرعب تنظيم الحمدين، مبدين استغرابهم من أن التهديد أطلق عبر تلفزيون قطر الرسمي.
وطالبت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، والمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا، المجتمع الدولي بالتدخل لاتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لحماية المعارضين القطريين، بعد التهديدات الخطيرة بإبادة القبائل القطرية بالغازات السامة في حال تحركها ضد النظام القطري.
وأعربت الفيدرالية العربية والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، في بيان، عن القلق البالغ إزاء هذه التصريحات التي تعكس خطورة تداعيات الأزمة الداخلية على المعارضين القطريين والرسائل الخطيرة التي حملتها للمواطنين المعارضين لا سيما أنها تعكس الموقف الرسمي للحكومة القطرية، وفي هذا الصدد طالبت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، المجتمع الدولي بالتدخل لاتخاذ جميع الإجراءات الضرورية لمنع ترجمة التهديدات إلى أفعال حقيقية، وذلك من خلال رسالة سترفعها المنظمتان إلى مجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، من أجل تسليط الضوء على تهديدات الإبادة التي نقلتها القناة القطرية الرسمية في ظل سياسة القمع التي تمارسها سلطات قطر بحق المعارضين ونشطاء الرأي.
رياح التغيير في الداخل :
بدأت رياح التغيير تأتي بما لا تشتهي سفن تنظيم الحمدين، ففي تطور للأزمة القطرية التي فقدت الدوحة على أثرها تفاعلها مع محيطها الخليجي والعربي بدأ الشعب القطري في الانتفاض، حيث تداول رواد موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” في الدوحة هاشتاق بعنوان “قطر الجديدة”، دعوا فيه الشعب إلى تدشين عملية تغيير سلمي في ظل الفضائح التي تلاحق النظام القطري.
وحددت الدعوات التي لاقت تفاعلا كبيرا يوم 13 أكتوبر تحت مسمى “جمعة الغضب”، معلنين فيه بداية ثورة جديدة، مطالبين فيها بإنهاء حكم تميم بن حمد وحكومته لإنقاذ قطر وشعبها من قراراتهما الخاطئة وحماية أمن واستقرار المنطقة العربية.
وشهدت الفترة الماضية حالة من العنف والاعتقالات وصلت إلى الزج بالعديد من أبناء أسرة آل ثاني في السجون والمعتقلات، كما شهدت دعوة الشيخ عبدالله بن علي آل ثاني أبناء الشعب وأفراد الأسرة الحاكمة للتواصل معه للتحضير لاجتماع واسع يضم مختلف قطاع الشعب، للتفكير في كيفية إنقاذ قطر من سياسات نظامها الحالي.
ووجدت دعوة الشيخ عبدالله استجابة من الشعب القطري وأبناء الأسرة الحاكمة؛ حيث أعلن الشيخ سلطان بن سحيم تأييده لهذه الدعوة.
كما شهدت أزمة الدوحة اصطفاف القبائل القطرية وعلى رأسها قبيلة آل المرة، وفخيذة الغفران وقبيلة الهواجر، حول زعمائها، وتقدمت بشكوى رسمية ضد قطر لدى مفوضية حقوق الإنسان الأممية في جنيف.
رسالة أمريكية :
قرار أمريكي مفاجئ جعل نظام الدوحة في مأزق، حيث تم إلغاء تدريبات عسكرية دورية كانت تقام بانتظام في قاعدة العديد الأمريكية في الدوحة.
وفق مراقبين فإن إلغاء وزارة الدفاع الأمريكية التدريبات المشتركة يعتبر رسالة سياسية للدوحة، تفيد بعدم جدوى استمرار المراهنة على الوقت، في الوقت نفسه تقوم قطر بترسيخ التحالف المعلن مع إيران، الدولة التي تضيق واشنطن الخناق عليها مع مرور الوقت.
كما أن قرار واشنطن جاء في وقت لم تعد دول الخليج المجاورة لقطر مستعدة لإرسال جنودها للمشاركة في تدريبات، انطلاقاً من القاعدة.
وحسب وكالة “أسوشيتد برس الأمريكية” يخشى المسؤولون الأمريكيون من أن يقود هذا النهج القطري إلى تقويض مهام قاعدة العديد، التي تعول عليها القيادة الأمريكية كثيرا في دعم عملياتها في أفغانستان، وتنفيذ مهام التحالف الدولي ضد داعش في كل من العراق وسوريا.
وقال كريستيان كوتيس أولريشسن، الباحث في معهد جيمس بيكر للسياسة العامة في جامعة رايس الأمريكية، حسب الوكالة، إن أمريكا تريد إيصال رسالة بأنها ترغب في حل الأزمة سواء الآن أو لاحقاً، مضيفاً أن الأمريكيين يريدون أن يقولوا أيضا إن صبرهم ليس مفتوحاً على مصراعيه، وأنه بدأ ينفد بالفعل.
نزيف اقتصادي :
كشفت وكالة بلومبرج الأمريكية أن البنك المركزي القطري أضاف ما يعادل نحو 19 مليار دولار من أصول العملات الأجنبية إلى إجمالي احتياطياته في أغسطس بناء على توصية من صندوق النقد الدولي، لتعويض تأثير مقاطعة الدول الداعية لمكافحة الإرهاب “السعودية، الإمارات، البحرين، مصر”، لنظام الحمدين الحاكم في قطر، والذي يدعم الجماعات الإرهابية.
وفي وقت سابق، أوصى مصرفيون ببيع الأصول القطرية التابعة لصندوق الثروة السيادية، وقالوا وفقا لبلومبرج، إنهم لا يتوقعون أي استثمارات كبيرة للصندوق في المدى القريب.
وسجل اقتصاد قطر أبطأ نمو منذ 22 عاما بسبب المقاطعة، إذ نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6% في الربع الثاني المنتهي في 30 يونيو من العام الماضي، مقارنة بنسبة 2.5% في الفترة من يناير إلى مارس
وتدرس هيئة قطر للاستثمار -التي خفضت حصصها المباشرة في مجموعة كريدي سويس، وروزنيفت، وتيفاني- بيع المزيد من أصولها البالغة 320 مليار دولار، والتي تشمل حصصا في جلينكور بي إل سي،وباركليز بي إل سي، وتوجيه العائدات إلى السوق المحلية، وفقا لمصادر مطلعة.
المونديال حلم يتبدد:
أكدت مؤسسة “كورنر ستون جلوبال” للاستشارات أن مونديال 2022 في قطر أصبح مشروعاً عالي الخطورة بالنسبة للشركات الأجنبية الكبرى التي تعاقدت معها قطر لتحسين البنية التحتية بتكلفة تبلغ 200 مليار دولار.
فيما أكدت صحيفة “ذا صن” البريطانية أن إقامة المونديال في قطر أصبح مشكوكا فيها بقوة، وأن إمكانية سحب تنظيم البطولة من قطر واردة بشكل كبير ونقلها إلى دولة أخرى.
وأرجعت الصحيفة -في إطار تقريرها الذي نشرته مؤخرا- ذلك إلى الأزمة السياسية التي تعاني منها قطر مع الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب.
وأوضحت أن قرار الاتحاد الدولي لكرة القدم بمنح تنظيم البطولة إلى قطر قد تسبب في إثارة موجة هائلة من الجدل بسبب شبهات الفساد التي أحاطت بهذا القرار.
فيما نشرت صحيفة “ميرور” البريطانية، تقريرا ذكرت فيه أن إنجلترا مرشحة لاستضافة كأس العالم 2022 بدلا من قطر.
شراء ذمم:
أخفقت قطر في حسم المعركة الانتخابية لرئاسة اليونسكو لصالح مرشحها حمد بن عبد العزيز الكواري منذ الجولة الأولى، رغم العروض المالية السخية وشراء أصوات مندوبين تحدثت عنها وسائل إعلام فرنسية قبل الانتخابات، أكدوا أن التقدم بالجولة الأولى في انتخابات اليونسكو لا يعني بالضرورة الفوز فيها.
وكشفت وسائل إعلام فرنسية مرموقة قبل الانتخابات عن استقبال قطر عشرة مندوبين على الأقل من اليونسكو قبل أسبوعين، وعن تلقيهم هدايا سخية.
وقبل يومين، كشفت أيضا عن شراء الدوحة ذمم مندوبين خلال اجتماع تم عقده معهم في أحد المطاعم القريبة من مقر المنظمة في باريس، بينهم اثنان من دول عربية، وعدد آخر من دول إفريقية ومن أميركا اللاتينية.
ولكن حصول المرشح القطري على تسعة عشر صوتا يعني أن أحد عشر مندوبا لم يلتزموا بالتصويت له في الاقتراع السري لاستكمال عدد الأصوات الثلاثين التي تؤهله للفوز بالمنصب.
وتضمنت العروض القطرية السخية التي قدمها المرشح القطري لانتزاع المنصب عقد منتدى ثقافي دولي سنوي في باريس، وتقديم التمويل اللازم لإعادة تأهيل مقر المنظمة، فضلا عن مساعدة اليونسكو على تجاوز أزمتها المالية عبر المساهمة في تسديد ما عليها من مستحقات، حيث يتجاوز العجز المالي لها ثلاث مئة وتسعة وعشرين مليون يورو.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي تكشف فيها وسائل إعلام فرنسية هذه الخفايا قبل نهاية المعترك الانتخابي، ولكن حتى الآن لم يصدر أي رد فعل رسمي من اليونسكو.